يخشى مسؤولون في الإدارة الأمريكية والكونغرس من أن الصراع في أوكرانيا يؤدي إلى تأخير جهود تسليح تايوان بما يقدر بنحو 19 مليار دولار، بالتزامن مع تصاعد التوترات مع الصين، وفقاً لما نقلته صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، عن مسؤولين مطلعين في الكونغرس والحكومة، الأحد، 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
إذ قالت المصادر إن الولايات المتحدة ضخت أسلحة بمليارات الدولارات في أوكرانيا، منذ انطلاق العمليات الروسية في فبراير الماضي، ما فرض أعباء على قدرة الإدارة الأمريكية والصناعات الدفاعية على مواكبة "الطلب المستمر لتسليح كييف في صراع لا يُتوقع أن ينتهي قريباً".
المصادر أضافت أن تدفق الأسلحة الأمريكية إلى أوكرانيا "يتعارض مع استراتيجية أمريكا طويلة المدى لتسليح تايوان، بهدف مساعدتها في الدفاع عن نفسها ضد أي عمل عسكري محتمل من الصين".
وقبل عامين، قال مسؤولون عسكريون أمريكيون إن بكين قد "تستعد لضم تايوان بالقوة بحلول عام 2026″، وهو ما دفع الإدارة الأمريكية إلى دعم هذه الجزيرة عسكرياً.
مبيعات الأسلحة المتأخرة
وارتفعت قيمة مبيعات الأسلحة المتأخرة، التي تجاوزت 14 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلى 18.7 مليار دولار، وفقاً لمسؤولين في الكونغرس وآخرين مطلعين.
وتشمل هذه المبيعات المتأخرة طلباً صدر في ديسمبر/كانون الثاني عام 2015 لشراء 208 صواريخ مضادة للدبابات من نوع جافلين، وطلباً منفصلاً في العام نفسه لشراء 215 صاروخاً من طراز ستينغر. ولم يُسلَّم أياً من الطلبين للجزيرة، وفقاً للمصادر ذاتها.
قلق تايوان من التأخيرات
من جانبها، رفضت متحدثة باسم حكومة تايوان في واشنطن العاصمة التعليق على مبيعات الأسلحة، لكن مسؤولين من الجزيرة أعربوا في السابق عن قلقهم من هذه التأخيرات.
إذ قال الجنرال وانغ شين لونغ، نائب وزير التسلح في وزارة الدفاع الوطني التايوانية، أكتوبر/تشرين الأول الماضي: "تايوان تود أن تعرب عن رغبتها في تسليم الولايات المتحدة للأسلحة التي ستبيعها إلى تايوان في الموعد المقرر".
ولم تقر وزارة الخارجية ولا وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بهذه المتأخرات ولم تقدم تفاصيل عن طبيعة الأسلحة التي تأخر تسليمها إلى تايوان، لكن لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية للشؤون الامريكية الصينية حذرت من متأخرات أسلحة مثل صواريخ ستينغر ومدافع هاوتزر بالادين ذاتية الدفع.
وقالت اللجنة، التي عينها الكونغرس منذ أكثر من 20 عاماً في تقريرها هذا الشهر: "أدى تحويل المخزونات الحالية من الأسلحة والذخائر إلى أوكرانيا ومشكلات سلسلة التوريد المرتبطة بالجائحة إلى تفاقم متأخرات الأسلحة التي وافقت الحكومة الأمريكية بالفعل على بيعها لتايوان، وهو ما قد يقوض استعداد الجزيرة".
أمريكا تقر بالتأخيرات
من جهتهم، أقر بعض المسؤولين الأمريكيين بمتأخرات تسليم الأسلحة إلى تايوان، لكنهم قالوا إن هذه المشتريات تخرج مباشرة من خط الإنتاج، في حين أن صواريخ ستينغر وجافلين المتوجهة إلى أوكرانيا تأتي من مخزونات ترسانة الولايات المتحدة الحالية.
فيما قالت سابرينا سينغ، المتحدثة باسم البنتاغون، في بيان: "نواصل العمل بجد لتزويد تايوان بالأسلحة بأسرع ما يمكن وسنحرص أيضاً على أن تتمكن أوكرانيا من حماية نفسها من العدوان الروسي".
وفي مايو/أيار، لدى سؤاله عن خطط تايوان المعلنة لدراسة بدائل لمدافع الهاوتزر المتأخرة، قال جون كيربي، المتحدث باسم البنتاغون آنذاك، إن أوكرانيا ليست سبب هذا التأخير، مضيفاً أن الأسلحة المسلمة لأوكرانيا قادمة من المخزونات الحالية، وهي "طريقة مختلفة عن الطريقة التي نوفر بها المواد العسكرية لتايوان".
الجائحة وحرب أوكرانيا
بينما قال المسؤولون التنفيذيون في شركة لوكهيد مارتن وبوينغ وشركات أسلحة أخرى، إن مشكلات سلسلة التوريد التي تسببت فيها الجائحة أدت إلى تراجع الإنتاج في العديد من خطوط الإنتاج، وإنها تواجه صعوبة لمواكبة الطلبات حتى قبل زيادة الطلب التي أدى إليها الغزو الروسي لأوكرانيا.
على أن حرب أوكرانيا، حتى لو لم تكن السبب الرئيسي لهذه المتأخرات، لا تزال عاملاً مفاقماً لها. يقول دوغ بوش، كبير مسؤولي الاستحواذ بالجيش، إنه في حين أنه لا يمكن ربط أي تأخير واحد بأوكرانيا، فالحرب ستؤثر على "تحديد الأولويات" على المدى القصير.
وأثارت هذه المتأخرات القلق إزاء أن واشنطن قد لا يسعفها الوقت لإمداد تايوان بما يكفي من الأسلحة لحمايتها من الصين؛ لأن تايوان، على عكس أوكرانيا، لا يمكن تسليحها بعد الغزو. وتسلط هذه المتأخرات الضوء على التحديات التي تواجهها القاعدة الصناعية الأمريكية في إنتاج أسلحة كافية لحماية الولايات المتحدة وحلفائها.
من جهته، قال النائب مايكل ماكول (وهو نائب جمهوري عن ولاية تكساس) في بيان إنه سيعمل مع لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب على معالجة مشكلات الصناعة التي تسبب هذه التأخيرات. وقال ماكول، العضو البارز حالياً في مجلس الشؤون الخارجية بمجلس النواب: "في بعض الحالات، تتأخر مبيعات الأسلحة ثلاث سنوات".
ورفض مسؤولون في وزارتي الخارجية والدفاع ووكالة التعاون الأمني الدفاعي الإدلاء بتفاصيل عن متأخرات الأسلحة إلى تايوان. ودفع الإحباط الناجم عن هذا الغموض مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون إلى تقديم تشريع يطالب إدارة بايدن بالإفصاح عن تفاصيل مبيعات الأسلحة الرئيسية إلى تايوان.