كشفت وثائق استخباراتية أوكرانية حديثة عن معلومات تشكِّك في نجاح المساعي الأمريكية للحدِّ من انتشار الطائرات المسيرة الإيرانية، فقد تبيَّن بفحص بعض الطائرات المُسقطة منها في أوكرانيا، أن غالبية القطع التي تعتمد عليها هذه الطائرات يجري تصنيعها في الولايات المتحدة وأوروبا ودول حليفة للغرب.
موقع Middle East Eye البريطاني قال إن هذه المعلومات تدل على نجاح إيران في بناء قدرات قوية لتصنيع الأسلحة من قطع غيار رخيصة ومتوافرة تجارياً يمكن الحصول عليها من الغرب، والتهرب من العقوبات الأمريكية في الوقت نفسه.
فيما عملت "اللجنة المستقلة لمكافحة الفساد" (NAKO)، وهي منظمة غير ربحية مقرها كييف، على التحقق من الأبحاث التي أجرتها المخابرات العسكرية الأوكرانية على الطائرات، وكشفت الوثائق التي حصلت عليها صحيفة The Wall Street Journal من المنظمة أن ثلاثة أرباع القطع المكونة للطائرات المسيرة الإيرانية التي اشترتها روسيا وأُسقطت في أوكرانيا كانت قد صُنعت في الولايات المتحدة.
تمكَّن الباحثون من فحص طائرة مسيرة إيرانية من طراز "مُهاجر 6" بعد اختراقها في منتصف الرحلة وإسقاطها سليمة، وكشف التقرير أن نصف القطع المكونة للطائرة صنعتها شركات مقرها الولايات المتحدة، ونحو ثلثها من صناعة شركات يقع مقرها في اليابان.
وقال متحدثون باسم بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك لموقع MEE، إن "إيران مستعدة للقاء خبراء تقنيين أوكرانيين والتحقيق في المزاعم المتعلقة بملكية الطائرات المسيرة أو قطع معينة منها"، إلا أنهم رفضوا التعليق مباشرة على ما ورد في التقرير.
كانت الولايات المتحدة فرضت عقوبات مشددة على إيران واقتصادها، ووضعت قيوداً على تصدير القطع التجارية التي يمكن لإيران استخدامها في تصنيع الأسلحة وأنظمتها. لكن خبراء حذروا من أن الطائرات المسيرة الإيرانية تتسم ببساطة تركيبها واعتمادها في الغالب على قطع متوافرة في الأسواق التجارية، ما يجعل الحد من انتشارها أمراً صعباً.
فيما أوردت صحيفة WSJ الأمريكية في أكتوبر/تشرين الأول، نقلاً عن تقرير سري أعدته الحكومة البريطانية، معلومات موثقة عن الوسائل التي تمكنت بها إيران من إمداد حلفائها الحوثيين في اليمن بطائرات مسيرة، والسبل التي اتَّبعتها لتجنب العقوبات باستخدام شركات تجارية وسيطة في الحصول على القطع المكونة لتلك الطائرات.
وعلى النحو نفسه، فإن كثيراً من القطع التكنولوجية المستخدمة في الطائرات المسيرة الإيرانية التي أُسقطت في أوكرانيا يمكن شراؤها بسهولة عبر الإنترنت وشحنها إلى إيران عبر دول وسيطة، ما يجعل عملية بيع هذه القطع وشرائها صعبة الاعتراض والتعقب.
خلص الفحص الذي أجرته جهات أوكرانية إلى أن الجهاز الذي تعتمد عليه الطائرة المسيرة الإيرانية "مهاجر 6" في تيسير عمليات المناورة، جهاز من صناعة شركة Tonegawa-Seiko Co اليابانية. أمَّا المكونات الإلكترونية للطائرة، فجاءت من صناعة وحدات إنتاج تابعة لشركة Infineon Technologies AG الألمانية وشركة Microchip Technology Inc التي يقع مقرها في ولاية أريزونا الأمريكية.
وقال بريان ثورسن، المتحدث باسم شركة Microchip Technology، لصحيفة WSJ، إن الشركة "يجب أن تصل إلى القطع المستخدمة في الطائرة وتفحصها، لكي تتمكن من الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بما إذا كانت منتجة برقاقة إلكترونية أصلية أم مزيفة، وإذا كانت الرقاقة الإلكترونية أصلية، فكيف وصلت إلى هذه الطائرات؟!".
من جهة أخرى، تبيَّن بالفحص أن عدسة الأشعة تحت الحمراء التلسكوبية عالية الدقة المستخدمة في طائرات "مهاجر 6" للمراقبة والاستهداف، مطابقةٌ لنموذج صنعته شركة Ophir Optronics Solutions Ltd الإسرائيلية.
قال مسؤولون أمريكيون من قبل إن الطائرات المسيرة التي يعتمد عليها وكلاء إيران في اليمن ولبنان والعراق صارت من أبرز التحديات الأمنية صعوبة في الشرق الأوسط، إلا أن استخدام روسيا لهذه الطائرات في معارك أوكرانيا يعد أول اختراق لها لساحات المعارك التقليدية والأراضي الأوروبية.
وقال خبراء إن أحد المصاعب التي تواجه مساعي الولايات المتحدة لمحاربة برنامج الطائرات المسيرة الإيرانية هو أن الكثير من حلفاء واشنطن -وبعضهم في أوروبا- رفضوا التوقيع على عقوبات واسعة النطاق.
يُذكر أن الولايات المتحدة فرضت، الثلاثاء 15 نوفمبر/تشرين الثاني، عقوبات جديدة على شركات في إيران وروسيا والإمارات كانت قد شاركت في تسهيل عمليات إنتاج طائرات مسيرة إيرانية ونقلها للاستخدام في أوكرانيا.