اطلع "عربي بوست" على محضر تحقيق موثق بتاريخ 8 من سبتمبر/أيلول 2011 مع اللواء فيصل أبو شرخ، قائد قوات 17 المعروفة بأمن الرئاسة الخاصة بالرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي كشف تعرّض الرئيس الفلسطيني لمحاولات اغتيال.
وتوجد هذه الوثائق بحوزة القيادي في حركة فتح اللواء توفيق الطيراوي، الذي كان مسؤولاً عن التحقيق في وفاة عرفات مع 302 مسؤول وقيادي في الحركة، بالإضافة إلى أعضاء في المجلس الثوري واللجنة المركزية والمجلس الاستشاري.
أيضاً تتضمن الوثائق المسربة من نتائج التحقيق في اغتيال عرفات أن اللواء الطيراوي، قال في أحد الاجتماعات إن هنالك شخصاً في مبنى مقاطعة رام الله اتصل بجمال الطريفي، صاحب مصنع للباطون، وطلب منه 3 سيارات باطون B400 الذي يُستعمل لبناء الملاجئ المحصنة.
تفاصيل محاولة اغتيال في لبنان
قال فيصل أبو شرخ، قائد أمن الرئاسة الخاصة بعرفات: "كنت شاهداً على إحدى محاولات اغتيال عرفات حينما قدم له أحد الحاضرين في بيروت كوباً من الشاي، ثم قام أحد العناصر العاملة في المكتب الثاني بوضع حبة أرز داخل الكوب ولكن الحرس الخاص بعرفات اكتشف الأمر سريعاً".
يضيف اللواء أبو شرخ قبل عام من وفاة الرئيس عرفات كان في مراسم استقبال وفد مكون من 300 شخص من مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية، وبعد أن أكمل السلام على ثلاثة أرباعهم، وضع يده في فمه وقام على إثرها باستفراغ الدم من معدته، وبقي مريضاً لمدة 14 يوماً بعد هذه الحادثة.
ويرجح اللواء أبو شرح أن أحد الحاضرين ممن تقدموا للسلام على ياسر عرفات خلال هذا الاستقبال قد وضع السم في خاتم عرفات، وتسبب له في تسمم أقعده بالفراش حوالي أسبوعين.
إخفاء قبر عرفات!
وفقاً للوثائق فقد قال الطيراوي خلال الاجتماع إن كمية الباطون التي كانت بالسيارات إما 21 أو 27 كوباً، فلو كان هناك احتمال 1% فقط من الباطون قد تسرب من الشقوق أو كسر البلاطة فوق القبر فسيتحول جثمان الرئيس إلى كتلة من الإسمنت.
يحمل هذا الإجراء إشارات إلى أن الرئيس محمود عباس والدائرة المحيطة تسعى لإخفاء أي أثر لجثمان الرئيس عرفات، حتى يبقى ملف التحقيق غامضاً ولا يدين أحد نظراً لاستحالة تشريح الجثة.
وتوفي عرفات في مستشفى باريس العسكري في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004 بعد فترة من الحصار الإسرائيلي له في مقر المقاطعة برام الله، والمرجح أن عرفات قد قتل بمادة البولونيوم المشعة.
تسريبات قادمة
كشف مصدر عسكري لـ"عربي بوست" أن الوثائق الخاصة بمحاضر التحقيق في وفاة الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات، والتي تم تسريبها من لجنة التحقيق ليست سوى جزء قليل من عدد المحاضر المتوفرة.
أيضاً تضم هذه الوثائق، حسب المصدر الذي يعمل في كلية الاستقلال التي أسسها الطيراوي، تحقيقات مع قادة الأجهزة الأمنية وعناصر محيطة بعرفات من حراس شخصيين ومحافظين ورؤساء أقاليم وكل من زار المقاطعة والتقى بعرفات قبل عامين من وفاته.
ويُهدد اللواء توفيق الطيراوي، الذي أكد صحة هذه التسريبات، بكشف محاضر أخرى، وهي شهادات لأشخاص لا زالوا على قيد الحياة محسوبين على الرئيس محمود عباس، في حال ما اتخذ قرار فصله من الحركة وعرضه على المحاكمة.
مَن وراء التسريبات؟
مع مرور الذكرى 18 لوفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات احتدم الصراع بين حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والقيادي في حركة فتح اللواء توفيق الطيراوي، الذي كان مسؤولاً عن التحقيق في وفاة عرفات.
وكشفت مصادر "عربي بوست" أن أوساطاً في حركة فتح تتهم الطيراوي بالوقوف خلف التسريبات الأخيرة لمحاضر اجتماعات وإفادات لجنة التحقيق في اغتيال عرفات، والمتهم فيها قيادات من فتح بالتآمر على عرفات لتصفيته وتسميمه.
وأكد المصدر نفسه، أن حركة فتح تستعد لطرد الطيراوي من اللجنة المركزية، وتقديمه للمحاكمة بتهم تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ، وذلك بسبب التسريبات، وأيضاً بسبب احتجاجه على تعيين حسين الشيخ في موقع أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لخلافة الرئيس الحالي محمود عباس.
إلا أن الطيراوي يخوض معركته الأخيرة قبل إبعاده عن المشهد السياسي من خلال نشر تسريبات من محاضر اجتماعات ووثائق خاصة بلجنة التحقيق في اغتيال عرفات تدين بشكل مباشر الرئيس أبو مازن وحسين الشيخ.
تورط قيادات فتح
ونُشرت وثائق خاصة تُدين شخصيات قيادية في اللجنة المركزية لحركة فتح، وتخُص الدائرة المحيطة بالرئيس الحالي أبو مازن، وهم: محمود العالول ومحمد المدني وعزام الأحمد وحسين الشيخ.
وتشير هذه الوثائق التي من المتوقع أن تُحدث شرخاً كبيراً في حركة فتح؛ لأنها تتضمن كواليس حصرية عن كيفية تآمر قيادات فتح لاغتيال ياسر عرفات مقابل وعود بتقلدهم مناصب سياسية في عهد الرئيس محمود عباس.
فيما لا تزال تفاصيل عملية الاغتيال مجهولة حتى هذه اللحظة، إلا أن وثائق جديدة جرى الكشف عنها في الساعات الأخيرة تشير إلى مخطط جرى تدبيره بين قيادات السلطة الفلسطينية الحالية ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون للقضاء على عرفات.
ففي محضر موثق بتاريخ 7 يوليو/تموز 2013 لإفادة اللواء محمود عبد القادر أبو عدوي، وهو عضو المجلس العسكري الأعلى في منظمة التحرير كشف أن أرئيل شارون اقترح خلال اجتماعه بمحمود عباس نفي عرفات إلى السودان، مقابل وعد بمنح الفلسطينيين دولة.
اجتماع بناية العار
واطلع "عربي بوست" على إفادات ووثائق جديدة مسربة من لجنة التحقيق في وفاة رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات، والتي أشرف عليها القيادي في حركة فتح اللواء توفيق الطيراوي.
وتكشف الوثائق أنه خلال تنفيذ إسرائيل لعملية اجتياح الضفة الغربية وحصار مقر المقاطعة في رام الله في عملية "السور الواقي" (2002-2003)، كان محمود عباس يعقد اجتماعات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون، للتخطيط لاغتيال عرفات وإبعاده عن المشهد السياسي.
وفقاً لإفادة اللواء محمود أبو عدوي فقد حضر اجتماع "بناية العار" كل من زهير مناصرة المدير السابق لجهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية ومحافظ محافظتي الخليل وبيت لحم، وحكمت زيد وزير الزراعة والنقل السابق، ونبيل عمر مستشار عرفات ووزير الإعلام الأسبق.
وناقش الاجتماع الذي عقد سراً، حسب الوثائق التي تم تسريبها اقتراحات تقدم بها شارون للوفد الفلسطيني، لتنحية عرفات وإبعاده عن المشهد السياسي ونفيه للسودان، مقابل منح الفلسطينيين دولة.
وبعد ساعات من انقضاء هذا الاجتماع يقول أبو عدوي دخلت على مكتب الرئيس عرفات وأخبرني بأن "الخونة أرسلوا لي رسالة انقلاب مع الخائن (زهير مناصرة) الذي عينته بدل جبريل (يقصد الفريق جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة لفتح).
في ذات الإفادة يشير أبو عدوي إلى أن الرئيس عرفات كان ينزف من أنفه بشكل مستمر وقال لي: "كل مكتبي جواسيس"، كما أنه قبل وفاة الرئيس بأيام قام السكرتير الخاص بالرئيس عرفات، يوسف العبد الله، بحرق أوراق من الأرشيف في مقر المقاطعة برام الله.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”