قرية لبنانية على الحدود تستقبل سياحاً لأول مرة منذ 22 عاماً.. الاحتلال صنفها “منطقة عسكرية” رغم جوها الهادئ

عربي بوست
تم النشر: 2022/11/08 الساعة 19:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/08 الساعة 19:35 بتوقيت غرينتش
قرية غجر على الحدود الإسرائيلية اللبنانية - getty images

تجوّل السياح في أنحاء قرية "غجر" الهادئة،  والتقطوا الصور لتماثيل الإمام علي وللمزارعين اللبنانيين على الجانب الآخر من الحدود، وذلك بعد أن سمح الاحتلال لهم بزيارتها لأول مرة منذ عام 2001. 

بحسب صحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، يمكن اعتبار غجر من أغرب الأماكن في الشرق الأوسط، إذ إنها قرية علوية سورية يسكنها نحو 2.700 شخص وتقع داخل هضبة الجولان المحتلة، التي تقع بدورها على الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وبين حدود دولة الاحتلال. 

تُعتبر القرية أكثر هدوءاً وجمالاً مما يوحي به موقعها. حيث تتلون منازلها الكبيرة بألوانٍ زاهية، بينما تُزيّن النوافير والتماثيل ميادينها، فيما يستمتع سكانها المحليون بحديقة عامة تحظى بعنايةٍ جيدة وتغطيها الورود والأشجار.

ظلت القرية منطقةً عسكرية مغلقة على مدار الـ22 عاماً الماضية، ولم يكُن مسموحاً للزوار بدخولها إلا بعد الحصول على تصريحٍ خاص من المجلس البلدي وجيش الاحتلال.

لكن جيش وشرطة الاحتلال أعلنا في مطلع سبتمبر/أيلول، دون سابق إنذار، أنهم سيتوقفون عن فحص بطاقات الهوية عند الحاجز الواقع أمام مدخل القرية.

تقول ميريام ونوس (22 عاماً)، التي تعمل خياطةً وتدرس تصميم الأزياء، إنها لا تذكر أي وقت شهدت فيه قريتها مفتوحةً من قبل. وأوضحت: "أغلقوا غجر في عام 2000، وهو العام الذي وُلِدت فيه. ويبدو الأمر غريباً عندما تصبح القرية مزدحمة ومكتظة بالزوار. وقد أزعجنا الأمر في البداية، لأننا كنا نشعر باطمئنانٍ شديد في السابق. ولطالما شعرت بالراحة هنا لأن قرية غجر تشبه العائلة الكبيرة التي يعرف جميع أفرادها بعضهم البعض".

ويتبع سكان غجر الطائفة العلوية، التي تُعَدُّ فرعاً من فروع الإسلام الشيعي. وتُميّزهم قواعد اللباس العلوية عن غيرهم من الجماعات الدينية والإثنية. إذ يجب أن تغطي الثياب أجساد النساء البالغات، وأن ترتدي الفتيات الأصغر التنانير، لكنهن لا يغطين شعورهن. وتُعتبر القرية محافظة الطباع. ومن النادر أن يترك الرجال والنساء قرية غجر ليبدأوا حياتهم في مكانٍ آخر.

وتشتهر غجر كذلك بمأكولاتها السورية-اللبنانية التقليدية مثل الشنكليش. كما تُعتبر أطباق المتبلة والبصارة من الاختصاصات المحلية أيضاً.

ورغم تاريخها المضطرب، يقول المسؤولون المحليون إن غجر جذبت ما يصل إلى 4.000 سائح يومياً منذ فتح أبواب القرية. حيث أثار هذا المكان المحظور سابقاً فضول الناس. وتبيع أكشاك الشوارع الجديدة القهوة والوجبات الخفيفة للزوار، بالإضافة إلى التفاح والشنكليش. بينما افتُتِح مطعمٌ جديد عند مدخل القرية يحمل اسم "فلافل على الحدود Falafel on the Border".

ولا شك أن تدفق الزوار المفاجئ وغير المتوقع كان غامراً بالنسبة لسكان غجر. حيث عانت البلدية لتوفير أماكن كافية لوقوف سيارات السياح، فلجأوا لاستخدام ملعب كرة القدم الخاص بالقرية. كما يُطلب من الزوار التزام النظافة والترتيب، واحترام ثقافة غجر، والرحيل بحلول الثامنة مساءً.

ظروف معقدة في القرية 

تُعامَل قرية غجر كجزءٍ من دولة الاحتلال على عكس بقية أرجاء الجولان، التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. حيث تعرض سكان القرية للضغوط من أجل القبول بالجنسية الإسرائيلية في عام 1981.

ومع انسحاب جيش الاحتلال من لبنان في عام 2000، قدّم ممثلو الأمم المتحدة فكرة ترسيم الخط الأزرق بين البلدين، تاركين غجر مقسمةً في المنتصف. وكان يُفترض بالحكومة اللبنانية أن تتولى السيطرة الكاملة على القرية بعد حرب عام 2006، لكن الجهود الدبلوماسية تعرضت للتهميش نتيجة اندلاع الحرب السورية.

يمتد السياج الحدودي اليوم حول محيط القرية بأكملها، وليس في منتصفها. وانتقل خط الترسيم فعلياً إلى نهر الحاصباني، الذي يتدفق عبر وادٍ صغير بين قريتي غجر والوزاني -وهي قرية واقعة على الجانب الآخر في لبنان.

ولم تكن ظروف القرية مواتيةً للسياحة دائماً. إذ شهدت المنطقة اندلاع عدة معارك بين حزب الله وجيش الاحتلال.

تحميل المزيد