يُثار الاشتباه في أن روسيا ربما تفكك الأجهزة الإلكترونية الأوروبية للاستفادة من مكوناتها في صنع الأسلحة، وذلك في وقت يشهد زيادة في الإقبال على الثلاجات، والغسالات، ومضخات الثدي الكهربائية في البلدان المحيطة بروسيا، التي تُعاني من آثار العقوبات الغربية.
كانت القوات الأوكرانية ومنذ الأيام الأولى للحرب، قد أعلنت عن عثورها على ذخائر روسية مصنوعة من أشباه الموصلات ومكونات أخرى مصدرها الأجهزة المنزلية، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Times البريطانية، الإثنين 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
يأتي هذا بينما تواجه روسيا نقصاً في الإلكترونيات الأساسية من الدرجة العسكرية، مثل "الترانزستورات والمحولات والرقائق الدقيقة منذ سنوات"، بعد العقوبات التي فرضها الغرب عليها بعد هجومها الأول على أوكرانيا عام 2014، وضم شبه جزيرة القرم.
فخلال الأشهر التسعة الماضية، أصبح هذا النقص حاداً وانتشر في قطاع التصنيع بأكمله، وتشير بعض الأدلة إلى أنه حتى وحدات تحكم الألعاب تُفكَّك وتستخدم مكوناتها في الأسلحة.
تُشير الأرقام الصادرة عن وكالة إحصاءات الاتحاد الأوروبي، التي جمعتها "بلومبيرغ"، إلى أن روسيا ربما تحتال على هذه القيود، إذ ازداد اهتمام أرمينيا وكازاخستان -وهما عضوان في الاتحاد السوفييتي سابقاً- فجأة بالسلع البيضاء (كالثلاجات والمكيفات وغيرها) في دول الاتحاد الأوروبي منذ بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا.
تُشير الصحيفة البريطانية إلى ارتفاع عدد الغسالات التي استوردتها أرمينيا من الاتحاد الأوروبي خلال ثمانية أشهر، من يناير/كانون الثاني 2022 إلى أغسطس/آب 2022، عما استوردته خلال الـ24 شهراً السابقة لهذه الفترة.
في أغسطس/آب 2022، اشترت كازاخستان ثلاجات من الاتحاد الأوروبي بـ 21.4 مليون دولار، أي ثلاثة أضعاف ما اشترته في الفترة نفسها من العام الماضي.
كانت الظاهرة الأكثر لفتاً للانتباه، هي القفزة المفاجئة في الطلب على مضخات الثدي الكهربائية الأوروبية، إذ تضاعفت مبيعاتها ثلاث مرات على أساس سنوي في أرمينيا حتى مع انخفاض معدل المواليد بنسبة 4.3%.
كذلك اشترت كازاخستان مضخات ثدي أكثر مما اشترته خلال الفترة نفسها عام 2021 بسبع مرات رغم انخفاض معدل الخصوبة فيها بنسبة 8.4%.
تقول الصحيفة البريطانية إنه من الصعب إثبات أن المطاف ينتهي بهذه الأجهزة في روسيا، وتفكيكها لاستخدامها في الذخيرة.
غير أن مسؤولين أوروبيين قالوا إنهم يشتبهون في أن بعض السلع البيضاء على الأقل تجد طريقها في النهاية إلى الدبابات والصواريخ الروسية.
تُعد أرمينيا وكازاخستان وروسيا أعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي، الذي ليس له حدود جمركية داخلية، وهذا يُسهّل نسبياً شحن البضائع بين الدول الثلاث دون إخطار السلطات.
حكومة كازاخستان، التي كانت يوماً حليفاً قوياً لموسكو، تعهدت صراحةً بعدم مساعدة الروس في تلافي العقوبات.
في بداية الحرب الروسية الأوكرانية، أعلنت الولايات المتحدة استهدافها الجيش الروسي بعقوبات من شأنها قطع إمدادات الرقائق الإلكترونية (أشباه الموصّلات)، في ضربة للقوة العسكرية الروسية وآمالها في تطوير صناعاتها الدفاعية.
تأمل أمريكا من هذه العقوبات قطع إمدادات الرقائق الإلكترونية التي تنتجها مجموعات أمريكية رائدة مثل Intel وNvidia، كما تعهدت الشركة التايوانية Taiwan Semiconductor Manufacturing Company، أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم، والتي تسيطر على أكثر من نصف السوق العالمية للرقائق المصنوعة حسب الطلب، بالامتثال الكامل لضوابط التصدير التي أعلنتها أمريكا.
تقول مجلة Popular Mechanics الأمريكية إنه بغض النظر عن كيفية انتهاء حرب أوكرانيا، ستواجه روسيا صعوبة في إعادة بناء آلياتها الحربية، وأوضح مركز أبحاث تسليح النزاعات على موقعه الإلكتروني أنها حددت "إجمالي 144 مصنعاً غير روسي لأكثر من 650 نموذجاً فريداً من المكونات في المواد الروسية المستخدمة في الحرب على أوكرانيا".
يُذكر أنه منذ 24 فبراير/شباط 2022، تشن روسيا هجوماً عسكرياً على جارتها أوكرانيا، ما دفع عواصم في مقدمتها واشنطن إلى فرض عقوبات اقتصادية شديدة على موسكو.