كشفت صحيفة The New York Times الأمريكية أن روسيا خفضت وجودها العسكري في سوريا بعد أن نقلت بعض القوات ونظام دفاع جوي روسيّاً؛ مما أدى إلى إزالة أحد القيود الرئيسية على تحركات الجيش الإسرائيلي في سوريا، وفق تقرير نشرته الصحيفة الأربعاء 19 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
حيث كشف ثلاثة مسؤولين كبار مقيمين في الشرق الأوسط، أنَّ روسيا أعادت مؤخراً نشر عتاد وقوات عسكرية مهمة من سوريا إلى أماكن أخرى؛ مما يؤكد كيف أدت حربها المتعثرة على أوكرانيا إلى تآكل نفوذ موسكو في أماكن أخرى وإزالة واحدة من عدة عقبات أمام الدعم الإسرائيلي لأوكرانيا.
لا تزال روسيا، التي كانت قوة عسكرية مهيمنة في سوريا منذ عام 2015 وتساعد في الحفاظ على قبضة النظام السوري على السلطة، تحتفظ بوجود كبير هناك.
تحولات في ميزان القوى
لكن التغيير قد ينذر بتحولات أوسع في ميزان القوى بواحدة من أكثر مناطق الصراع تعقيداً في العالم، ويسمح لإسرائيل، عدو سوريا والجار الجنوبي، بإعادة التفكير في نهجها تجاه كل من سوريا وأوكرانيا.
وفقاً لدبلوماسيين غربيين رفيعي المستوى ومسؤول دفاعي إسرائيلي كبير، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته من أجل التحدث بحرية أكبر، نقلت موسكو مؤخراً بعض القوات ونظام دفاع جوي روسيّاً من سوريا؛ مما أدى إلى إزالة أحد القيود الرئيسية على تحركات الجيش الإسرائيلي في سوريا.
كانت تقديرات المسؤولين متباينة حول عدد القوات التي سحبتها روسيا، إذ قال اثنان منهم إنها سحبت كتيبتين، أو ما بين 1200 و1600 جندي، بينما قال آخر إنها سحبت عدداً أكبر بكثير. لكنهم اتفقوا جميعاً على خفض عدد القوات المقاتلة.
حرب أوكرانيا السبب
تأتي هذه التحركات في أعقاب تقليص النفوذ الروسي في دول الاتحاد السوفييتي السابق بآسيا الوسطى، حيث يقول القادة إنَّ الحرب في أوكرانيا صرفت انتباه روسيا عن دورها القيادي التقليدي؛ مما قوّض هالة موسكو وسيطرتها.
تضرب إسرائيل، العدو لكل من إيران وسوريا، بانتظام، أهدافاً في سوريا؛ لمنع طهران من ترسيخ موطئ قدم بالقرب من الحدود الشمالية الشرقية لإسرائيل.
كما أنه في عام 2018، ازداد الخطر على الطيارين الإسرائيليين خلال تنفيذ تلك الغارات بعد أن نقلت روسيا نظام دفاع جوي متطوراً يعرف باسم "إس 300" إلى سوريا.
وفقاً للمسؤولين الثلاثة، أزالت روسيا الآن منظومة الدفاع الجوي الصاروخية "إس-300" من سوريا لتعزيز حربها المتعثرة في أوكرانيا؛ مما قلل من التفوق الروسي على إسرائيل في سوريا، وغيّر الاعتبارات الإسرائيلية فيما يتعلق بتقديم مساعدات إلى أوكرانيا.
تشمل هذه الاعتبارات الوجود العسكري الروسي المستمر في سوريا، وضمن ذلك نظام دفاع جوي منفصل، ومنظومة "إس 400″، وقواعد جوية وبحرية كبيرة في غرب سوريا.
مخاوف إسرائيلية من الانسحاب الروسي
بحسب مسؤول دفاعي إسرائيلي كبير، على الرغم من سحب روسيا قواتها القتالية من سوريا، فقد استُبدِل بها ضباط شرطة عسكرية. وأعرب مسؤولون إسرائيليون عن قلقهم من أنَّ مزيداً من الانسحاب الروسي في سوريا قد يسمح لإيران بتوسيع نفوذها هناك.
كما تريد إسرائيل تجنب أي تعطيل للممارسات التي تسمح للقادة الإسرائيليين والروس بالتواصل مع بعضهم البعض وتجنب الصراع بين قواتهما. في عام 2017، رُكّب خط هاتفي مُشفّر لربط قاعدة جوية روسية في غرب سوريا بمركز قيادة سلاح الجو الإسرائيلي أسفل قاعدة عسكرية في تل أبيب.
حيث تساعد هذه الآلية الطرفين على تجنب التداخل بين الإجراءات الروسية والإسرائيلية؛ مما يمنع وقوع حوادث مثل تلك التي وقعت في عام 2018، عندما أسقطت القوات السورية طائرة عسكرية روسية اعتقدت خطأً أنها إسرائيلية؛ مما أسفر عن مقتل 15 روسيّاً.
موسكو تحذّر تل أبيب
يوم الإثنين 17 أكتوبر/تشرين الأول، حذّر ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي والرئيس السابق، إسرائيل من أي إمداد "متهور" بالمساعدات العسكرية لأوكرانيا. وكتب ميدفيديف على الشبكات الاجتماعية: "سيدمر كل العلاقات بين الدولتين".
مع ذلك، هناك مؤشرات على أنَّ إسرائيل تقدم مساعدات لأوكرانيا أكثر مما قدمته في الأشهر الأولى من الحرب، عندما اقتصر دعمها بالأساس على المساعدات الإنسانية، وضمن ذلك مستشفى ميداني.
فقد أفاد مسؤولون أوكرانيون وإسرائيليون كبار أيضاً بأنَّ إسرائيل تزود أوكرانيا بمعلومات استخباراتية أساسية عن الطائرات الإيرانية بدون طيار التي تستخدمها روسيا، كما عرضت فحص بقايا الطائرات المُسيَّرة التي تحطمت في أوكرانيا.