عيَّنت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مسؤولاً كان يعمل مستشاراً بارزاً لدى شركة التكنولوجيا الإسرائيلية "إن إس أو" NSO، المتهمة بإنتاج برمجيات تجسس في مجلس استشاري للاستخبارات، وفق ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء 18 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
كان جيريمي باش مسؤولاً كبيراً سابقاً في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وعمل في لجنة أخلاقيات العمل (BEC) بشركة NSO الإسرائيلية، حيث شارك في فحص صفقات برامج التجسس التي استُخدمت في عمليات اختراق ومراقبة لنشطاء حقوق إنسان وصحفيين في عدة بلدان من جميع أنحاء العالم.
كما قالت عدة مصادر مطلعة على الأمر إن باش كان له دور بارز في تقديم المشورة للشركة الإسرائيلية، بشأن ما إذا كانت المبيعات المقترحة من أدوات القرصنة المثيرة للجدل إلى حكومات أجنبية معينة ستكون مقبولة لدى الحكومة الأمريكية أم غير ذلك.
تشير المصادر إلى أن باش عمل مستشاراً لدى شركة NSO، من خلال شركة أم تُسمى Q Cyber، من عام 2017 إلى عام 2020، لكن الشركة رفضت تأكيد تلك التواريخ. وكان قد عمل سابقاً كبير موظفين في وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الدفاع الأمريكية، تحت قيادة وزير الدفاع الأمريكي السابق ليون بانيتا.
المتحدث باسم شركة Beacon Global Strategies الأمريكية، التي عمل بها باش واستعانت بها شركة NSO للمشورة بشأن مبيعات برامج التجسس، رفض الكشف عن الوكالات الحكومية الأجنبية التي شارك باش في التصويت على صفقات الشركة الإسرائيلية معها، خلال عمله مستشاراً لها، إلا أنهم قالوا إن الشركة الأمريكية "أوصت بشدة" شركة NSO الإسرائيلية بألا تجري صفقات مع السعودية.
وظيفة باش "محرجة لإدارة بايدن"
في غضون ذلك، قد تكون وظيفة باش الجديدة في تقديم المشورة للبيت الأبيض محرجة لإدارة بايدن، فقد وُضعت شركة NSO على قائمة سوداء أمريكية، في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، بعد أن خلصت الإدارة الأمريكية إلى أن الشركة زوَّدت حكومات أجنبية ببرامج تجسس استُخدمت "للتعقب والتجسس على مسؤولين حكوميين وصحفيين ورجال أعمال ونشطاء وأكاديميين وعاملين بسفارات دبلوماسية".
فيما قالت الإدارة الأمريكية أيضاً في حيثيات قرارها بحظر الشركة، إن NSO شاركت في "أعمال تتعارض مع الأمن القومي الأمريكي ومصالح السياسة الخارجية للولايات المتحدة". وقالت الشركة الإسرائيلية وقتها إنها هالها ذلك القرار، وستبذل جهدها من أجل إقناع الإدارة الأمريكية بإلغائه.
لم يُعرف الكثير عن عمل باش الاستشاري لدى شركة NSO الإسرائيلية، غير أن المصادر تقول إنه كان يُنظر إليه على أنه شخص مطلع على سياسات الولايات المتحدة، وجدير بالثقة والاستشارة لضمان عدم اتخاذ الشركة قرارات لا ترضى عنها الحكومة الأمريكية.
فقد شارك باش في تأسيس شركة Beacon Global Strategies في عام 2013، بعد عمله بوزارة الدفاع الأمريكية تحت إدارة ليون بانيتا، وعمله السابق مستشاراً لنائبة الكونغرس المتقاعدة حالياً، جين هارمان، حين كانت رئيسة لجنة شؤون الاستخبارات بمجلس النواب الأمريكي.
يقول أشخاص يعرفون باش، إنه شخص "حاد الذكاء"، ويحظى بتقدير كبير، لكونه كان يشغل منصب رئيس موظفي بانيتا في وكالة الاستخبارات الأمريكية، عندما عثرت الولايات المتحدة على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وقتلته.
باش في لجنة أخلاقيات الشركة الإسرائيلية
كما قال مصدران، على دراية مباشرة بالموضوع، إن شركة استثمار أمريكية اسمها Francisco Partners اختارت شركة باش لتقديم المشورة لشركة NSO الإسرائيلية.
فيما كان باش واحداً من ثمانية أعضاء في لجنة أخلاقيات العمل التابعة للشركة، وهي اللجنة المخولة بمراجعة الطلبات الشديدة السرية من الوكالات الحكومية، لشراء ترخيص الحصول على برنامج "بيغاسوس" Pegasus للتجسس.
امتنع باش عن الرد على أي أسئلة محددة بشأن دوره في لجنة أخلاقيات العمل بالشركة الإسرائيلية.
أما رون ديبرت، مؤسس مختبر "سيتزين لاب" لمراقبة أمن الإنترنت، والمسؤول الأبرز عن فضح التعاون بين شركة NSO ووكالات حكومية، فقال إن إدارة بايدن يجدر بها ألا تكافئ مستشاراً سابقاً لشركة جديرة بالإدانة كتلك، إذا كانت "تريد أن تقول للعالم حقاً إنها تتخذ إجراءات صارمة ضد انتهاكات شركات القرصنة الجشعة، لا سيما أن شركة NSO إحدى أسوأ الشركات في هذا المجال".