كشف موقع Middle East Eye البريطاني، الثلاثاء 18 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أن الحكومة البريطانية تمتلك قطعة أرض في القدس مخصصة منذ عقود لتكون موقعاً لسفارتها لدى إسرائيل في المستقبل.
بحسب الموقع الإخباري، فقد احتفظت الحكومة البريطانية بالموقع الموجود في حي الطالبية، المسمى حالياً "تل بيوت"، بموجب اتفاقية موقعة في الستينيات لنقل ملكية الأرض إلى الحكومة الإسرائيلية مع غيرها من الأصول التي جرى الاستيلاء عليها أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين.
حيث كتب آلان غوديسون، أحد مسؤولي وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث، في يوليو/تموز عام 1964: "من المؤكد أن الإسرائيليين يفترضون أننا نرغب في استخدام الموقع في حال نقل سفارتنا من تل أبيب إلى القدس. وهذا افتراضٌ صحيح بالطبع".
تفاصيل الموقع
وأفادت وثائق الأراضي الإسرائيلية التي اطلع عليها الموقع البريطاني بأن عقد الإيجار تم تجديده لمدة 40 عاماً في 2007. وتنص الوثائق على أن مالك الأرض هو "وزير الخارجية وشؤون الكومنولث لمملكة بريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية".
تصل مساحة الموقع غير المطور إلى 6.950 متراً مربعاً في موقع "ثكنات ألنبي" القديمة، وهي قاعدة تابعة للجيش البريطاني يرجع تاريخها إلى زمن الانتداب خلال الفترة من 1920 وحتى تأسيس دولة الاحتلال عام 1948.
وزار Middle East Eye قطعة الأرض الإثنين، 17 أكتوبر/تشرين الأول 2022. وتبدو المنطقة عبارةً عن أرض مليئة بالشجيرات الصغيرة والقليل من الأشجار الكبيرة.
تقع قطعة الأرض كذلك بجوار الموقع المقترح للسفارة الأمريكية الجديدة، والذي يقع هو الآخر على أرضٍ كانت مملوكة للبريطانيين في السابق، والتي يبدو أنها تقع جزئياً على الخط الأخضر الخاص بهدنة عام 1949.
جاءت اكتشافات الموقع البريطاني مبنيةً على مراجعة لوثائق الأرشيفات وسجلات الأراضي الخاصة بالمملكة المتحدة وإسرائيل. كما تأتي في أعقاب تعهد رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس بمراجعة الموقع الحالي للسفارة البريطانية في تل أبيب، مما دفع بأنصار نقل موقع السفارة إلى القدس ليقترحوا أن الحكومة البريطانية لديها قطعة أرض جاهزة للاستخدام بالفعل.
ولا شك أن خطوةً كهذه ستعكس مسار عقودٍ من سياسة المملكة المتحدة التي كانت متماشيةً مع الأعراف الدولية، والتي تنص بدورها على أن تحديد وضعية القدس يجب أن يأتي في أعقاب مفاوضات نهائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وبالتالي فإن نقل السفارة إلى القدس سيمثل اعترافاً بالمدينة كعاصمة لإسرائيل بحكم الأمر الواقع.
لكن مراجعة لوثائق الحكومة المحفوظة في الأرشيفات الوطنية البريطانية كشفت أن المسؤولين يناقشون المواقع المحتملة لبناء سفارتهم في إسرائيل على أرضٍ مملوكة لبريطانيا داخل القدس منذ الخمسينيات.
وبعد أكثر من عقدٍ كامل من المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية، باعت الحكومة البريطانية غالبية الأراضي المتبقية من ثكنات ألنبي للحكومة الإسرائيلية مقابل 158 ألف دولار أمريكي تقريباً عام 1965، وذلك بموجب الاتفاقية الموقعة في لندن.
لكن المملكة المتحدة تمسكت بـ"الأرض البرتقالية"، وقررت بموجب الاتفاق نفسه تأجيرها لإسرائيل لمدة 40 عاماً مقابل جنيه إسترليني واحد سنوياً. وكُتب تاريخ عقد الإيجار بأثر رجعي ليبدأ في 15 مايو/أيار عام 1948، بعد يومٍ واحد من إنهاء الانتداب البريطاني.
وتمنح شروط الاتفاق لبريطانيا خيار إنهاء عقد الإيجار، واسترداد الأرض لاستخدامها "في أغراض غير تجارية" في أي وقت.
وعندها يجب على حكومة الاحتلال تسليم الموقع للحكومة البريطانية من أجل استخدامه في غضون عام، أو توفير موقع بديل "يُعتبر مناسباً من الطرفين للاستخدام المحدد في الغرض المطلوب".
ولم تذكر الاتفاقية استخدام قطعة الأرض كسفارة، لكن المذكرات السرية المتبادلة بين مسؤولي وزارة الخارجية حول توقيع الاتفاقية تتحدث عن الغرض منها بكل وضوح.