كشف مصدر حكومي لـ"عربي بوست" أن واشنطن تُسرع باتجاه إنهاء اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، وذلك بتسريع عملية التفاوض عبر الوسيط، آموس هوكتشاين، بعد رفض تل أبيب لتعديلات بيروت.
وأضاف المصدر نفسه أن هناك قراراً أميركياً على مستوى عالٍ أبقى هوكتشاين، شخصياً وفريق عمله على تواصل مستمر مع جميع الأطراف، من خلال اتصالات هاتفية واجتماعات افتراضية، للوصول إلى مخرج وإيجاد الصيغة الملائمة.
ويؤكد المصدر أن لبنان اُعلم من وسطاء أميركيين وأوروبيين أن الحديث عن ضخ تجريبي إسرائيلي في حقل كاريش ليس بهدف التصعيد العسكري، أكثر من أنه محاولة رفع لسقف التفاوض للحصول على مكاسب إسرائيلية في ظل التنافس السياسي داخلياً.
وأشار المصدر نفسه في حديثه مع "عربي بوست" أن حزب الله يدرك النية الإسرائيلية، ولن يتهور بحرب ما دامت قنوات التفاوض تقوم بأعمالها.
واشنطن تُسرع بالتوقيع
من جهته، كشف مصدر دبلوماسي أوروبي لـ"عربي بوست" أن واشنطن دخلت على الخط بين لبنان وإسرائيل، وأبلغت الطرفين بشكل واضح وجوب توقيع الاتفاق على الترسيم قبل نهاية الشهر الجاري قبل الانتخابات الإسرائيلية.
وأضاف المصدر نفسه أن مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط، باربرا ليف، أجرى اتصالين مع رئيسي الحكومة اللبناني، نجيب ميقاتي، والإسرائيلي، يائير لابيد، وأكدت لهما أن الاتفاق يجب أن ينجَز بشكل سريع.
ويرى المصدر أن تدخل ليف بشكل مباشر مردّه إنهاء الملف قبيل الدخول في الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، حيث ستشتد المنافسة بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري واللذين سيركزان في الانتخابات عوض الملفات الخارجية.
ويشير المصدر إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، اضطر إلى إعلان مواقف متشددة حول ملاحظات لبنان على مسودة، كي يتمكن من كبح جماح منافسيه في الانتخابات، خصوصاً أن لبنان قدم تعديلات على مشروع الترسيم وليس ملاحظات.
المحلل السياسي اللبناني طارق ترشيشي قال إن ما جرى استدعى تدخلاً أميركياً للدفع باتجاه توقيع اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، وحتى الأوروبيين يريدون الاستفادة من غاز البحر المتوسط على أبواب الشتاء؛ لتعويض الغاز الروسي بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
تعنّت انتخابي قبل التوقيع
بالمقابل يؤكد الدبلوماسي الأوروبي أن الخلاف الأبرز بين لبنان وإسرائيل يكمن في رفض لبنان بالاقتراح المعدل الذي أرسله للوسيط آموس هوكستين ما باتَ يُعرَف بخط الطّفّافات بشكلٍ غير قابل للنقاش.
بالإضافة إلى أن لبنان طلب أن يتضمن نص الاتفاق فقرة تشير إلى أنّ الاتفاق بينه وبين الشركات التي ستعمل في حقل قانا لا يمكن أن يكون رهن أيّ اتفاق مسبق بين الجانب الاسرائيلي، أو رهنَ إذنٍ إسرائيليّ على اعتبار أنّ حقلَ قانا من شماله إلى جنوبه حقلٌ لبنانيٌّ.
المحلل السياسي اللبناني إبراهيم ريحان قال إن المُلاحظات اللبنانيّة وصَلَت إلى تل أبيب عبر اتصالٍ جرى مساء الأربعاء بين آموس هوكشتاين ومُستشار الأمن القوميّ الإسرائيلي إيال حولاتا.
وأبلغَ حولاتا الوسيط الأميركيّ أنّ رئيس الوزراء يائير لابيد لا يعتزم تقديم أيّ "تنازل جديدٍ للبنان، لاعتبارات تتعلّق بالانتخابات الإسرائيليّة والانتقادات التي وجّهها زعيم حزب الليكود بنيامين نتانياهو طوال الأيّام الماضية".
وأضاف المتحدث أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لابيد مُتخوف من إمكانيّة أن يرفض شريكه في الائتلاف الحكومي الحاليّ نفتالي بينيت المُلاحظات اللبنانية، وهذا بحدّ ذاته إحراجٌ كبير له.
بالمقابل يؤكد المصدر الدبلوماسي الأوروبي أن التصريحات العالية النّبرة التي خرجَت بعد اجتماع الحكومة المصغرة الإسرائيلية هي تصريحات انتخابيّة تدخل في إطار المُزايدات الدّاخليّة بين نتنياهو ولابيد.
وأضاف المتحدث أن الترسيم سيجري امضاءه بين لبنان وإسرائيل بشكل حتمي نهاية هذا الشهر كحد أقصى بسبب التزامات كل الأطراف في استخراج الغاز، و97% من الاتفاق بات جاهزاً ومتفق عليه، وأنّ الإدارة الأميركيّة منكبة على إنهاء الملف.
أهداف بايدن وإدارته
في إطار متصل، يؤكد المحلل السياسي، ربيع دندشلي، أن هناك إصراراً أميركياً على إنجاز هذا الملف ربطاً بالانتخابات النصفية في أميركا، كذلك لدعم يائير لابيد ليستفيد انتخابياً من هذا الاتفاق واستثماره.
وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" أن الحزب الديمقراطي يريد تحقيق إنجاز في الشرق الأوسط لاستثماره انتخابياً، خصوصاً أن استطلاعات الرأي تشير إلى تراجعهم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى حليفهم في إسرائيل يائير لابيد الذي يتمسك الأميركيون في دعمه كي يفوز في الانتخابات بدلاً من فوز نتنياهو، والذي يحظى بدعم روسي.
لذا، وحسب المحلل اللبناني، فإن كل التهديدات الإسرائيلية والتلويح العسكري يندرج في سياق الاستعراض ضمن اللعبة الانتخابية، فلا عسكرياً هناك استعداد ولا حتى شعبياً، وهذا أيضاً ما لا يريده لبنان، لذلك لا بد من البحث عن عملية الإخراج التي سيتولاها الأميركيون.
استعداد أمني على الحدود
وكشف المصدر الحكومي اللبناني لـ"عربي بوست" أن إسرائيل تُسابق التاريخ لبدء عملية الاستخراج التجريبي من حقل كاريش، خصوصاً أنّ تل أبيب أكدت بشكل مستمر أنّها ستبدأ الاستخراج منه معزل عن المفاوضات مع لبنان.
ويشير المصدر إلى أن الطرفين، أي حزب الله وإسرائيل في حالة استعداد أمني وعسكري لكل الاحتمالات، ما يرفع منسوب التوتّر على الحدود مع تقدّم المفاوضات ووصولها إلى منعطفات حاسمة.
لكنّ هذا التوتّر، حسب المتحدث ينخفض عند الكلام عن المصلحة المشتركة بين الطرفين في عدم حصول أيّ حرب، فالحسابات الدقيقة اليوم في الغرف المغلقة تحسب إمكانية تدحرج الوضع الأمني، وهذا ما لا يريده أحد حتى هذه الساعة.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”