تكشّفت الجمعة، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2022، تفاصيل عن كواليس الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة الأمريكية، لمنع مجموعة "أوبك+" من خفض إنتاج النفط، لا سيما السعودية، والتي باءت جميعها بالفشل، الأمر الذي أغضب واشنطن من القرار النهائي للمجموعة بخفض الإنتاج.
كانت مجموعة "أوبك+" التي تضم دولاً منتجة للنفط، قد قررت الأربعاء 5 أكتوبر/تشرين الأول 2022، خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً، في خطوة اعتُبرت تحدياً لأمريكا، التي تطلب من منتجي النفط رفع كميات إنتاجهم، لتعويض نقص الإمداد المفروض على روسيا.
وكالة رويترز، نقلت عن مسؤولين حكوميون وخبراء في واشنطن والخليج، قولهم إن قرار "أوبك+" زاد من الضغوط على العلاقات المتوترة بالفعل بين البيت الأبيض، في عهد الرئيس جو بايدن، والعائلة المالكة في السعودية، التي كانت يوماً أحد أقوى حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط.
أشارت الوكالة إلى أنها تحدثت مع مصادر يزيد عددها على عشرة، وذكرت أن البيت الأبيض ضغط بشدة لمنع "أوبك" من خفض الإنتاج، وأضافت أن ضغوط واشنطن على "أوبك+" استمرت لأسابيع.
في الأيام الأخيرة وقبل صدور قرار "أوبك+" حث مسؤولون أمريكيون كبار في قطاعات الطاقة والسياسة الخارجية والاقتصاد نظراءهم في الخارج على التصويت ضد خفض الإنتاج.
كذلك سافر آموس هوكشتاين، كبير مبعوثي بايدن لشؤون الطاقة، برفقة مسؤول الأمن القومي بريت ماكجورك والمبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينج، إلى السعودية الشهر الماضي، لمناقشة قضايا الطاقة، ومن بينها قرار "أوبك+".
لكن المسؤولين الأمريكيين أخفقوا في منع خفض الإنتاج، تماماً مثلما حدث مع بايدن بعد زيارته للمملكة، في يوليو/تموز 2022.
مصدر مطلع على المناقشات، قال لوكالة رويترز، إن المسؤولين الأمريكيين "حاولوا تصوير الأمر على أنه (نحن مقابل روسيا)، وأنهم أبلغوا نظراءهم السعوديين بأنهم ينبغي لهم الاختيار".
أضاف المصدر أن هذه الطريقة باءت بالفشل، مشيراً إلى أن السعوديين ردوا بأنه إذا أرادت الولايات المتحدة مزيداً من النفط في الأسواق، فعليها أن تبدأ في زيادة إنتاجها.
تُعد الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم، وأيضاً أكبر مستهلك للخام، وفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
كان وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، قد قال للتلفزيون السعودي، الأربعاء 5 أكتوبر/تشرين الأول 2022: "أولاً وأخيراً يهمنا مصالح المملكة العربية السعودية، ثم مصالح الدول التي وثقت بنا، وكانت ولا تزال أعضاء في أوبك وتجمع أوبك+".
أضاف الأمير عبد العزيز أن "أوبك ترعى مصالحها ومصالح العالم، لأن لدينا مصلحة في دعم تنمية الاقتصاد العالمي وتوفير الطاقة بطريقة مثلى".
كان تعامل واشنطن مع قضية الاتفاق النووي الإيراني، وتوقفها عن دعم العمليات العسكرية الهجومية للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، قد أثار غضب المسؤولين السعوديين، بجانب الإجراءات الأمريكية ضد روسيا، بعد غزوها أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
الأمير عبد العزيز قال في تصريحات لشبكة "بلومبرغ" بعد قرار أوبك، إن الضغط الأمريكي من أجل فرض سقف لأسعار النفط الروسي يثير حالة من الضبابية، بسبب "نقص التفاصيل وعدم الوضوح" حول كيفية تنفيذه.
بدوره قال مصدر أطلعه مسؤولون سعوديون على الأمر، إن المملكة تعتبر ذلك "آلية تسعير لا يحكمها السوق، يمكن أن يستخدمها تحالف المستهلكين ضد المنتجين".
كان بيع 180 مليون برميل من النفط من الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي بتوجيه من بايدن، في مارس/آذار 2022، قد أدى إلى الضغط على أسعار النفط.
غضب أمريكي
أثار خفض إنتاج النفط غضباً أمريكياً علنياً، ووصف الرئيس الأمريكي بايدن، الخميس 6 أكتوبر/تشرين الأول 2022، القرار السعودي بأنه "محبط"، مضيفاً أن واشنطن قد تتخذ المزيد من الإجراءات في سوق النفط.
بدورها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان-بيير، إنه "من الواضح أن أوبك+ تنحاز إلى روسيا"، ولم توضح كيف سيؤثر خفض الإنتاج على العلاقات الأمريكية السعودية.
في الكونغرس الأمريكي أيضاً، دعا الديمقراطيون الذين ينتمي إليهم بايدن إلى انسحاب القوات الأمريكية من السعودية، وتحدثوا عن استعادة أسلحة.
السيناتور الديمقراطي كريس مورفي، كتب على تويتر: "كنت أعتقد أن الهدف من بيع الأسلحة لدول الخليج، رغم انتهاكاتها لحقوق الإنسان، والحرب التي لا معنى لها باليمن، والعمل ضد المصالح الأمريكية في ليبيا والسودان، وغير ذلك، هو أنه عندما تحدث أزمة دولية يمكن للخليج أن يفضل أمريكا على روسيا/الصين".
يُذكر أن العلاقات توترت بين أمريكا والسعودية، بعد وصول الرئيس بايدن إلى السلطة، وبعد أسابيع من توليه الرئاسة أصدرت واشنطن تقريراً يربط بين مقتل الصحفي جمال خاشقجي في 2018 وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
نفى الأمير، نجل الملك سلمان البالغ من العمر 86 عاماً، أن يكون قد أصدر أمر القتل، وكانت رحلة بايدن إلى جدة في السعودية، في يوليو/تموز 2022، لحضور قمة خليجية، تهدف لإصلاح العلاقات، لكنه وجه أيضاً انتقادات لولي العهد بشأن مقتل خاشقجي.