بدأ الغاز يتدفق إلى بولندا، صباح السبت 1 أكتوبر/تشرين الأول 2022، من خط "أنابيب "البلطيق" الجديد، من النرويج عبر الدنمارك وبحر البلطيق، وذلك بالتزامن مع بدء اليونان وبلغاريا تشغيل خط أنابيب غاز طال انتظاره، سيساعد في تقليل اعتماد جنوب شرق أوروبا على الغاز الروسي وتعزيز أمن الطاقة.
يُعد خط الأنابيب الجديد محورَ استراتيجيةِ بولندا لتنويع إمداداتها من الغاز بعيداً عن روسيا، وبدأت في تلك الاستراتيجية قبل سنوات من غزو موسكو لأوكرانيا، في فبراير/شباط 2022.
متحدثة باسم "غاز-سيستم" قالت في تصريح لوكالة رويترز، إن التدفقات بدأت في الساعة 6:10 صباحاً (04:10 بتوقيت غرينتش)، وبلغ إجمالي طلبات إرسال الغاز عبر خط الأنابيب، في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2022، 62.4 مليون كيلووات في الساعة.
تم تشغيل خط الأنابيب، الذي تبلغ طاقته السنوية عشرة مليارات متر مكعب، رسمياً، يوم الثلاثاء 27 سبتمبر/أيلول 2022، بعد يوم من اكتشاف تسربات في خط أنابيب "نورد ستريم"، الذي يمر عبر البحر ويربط روسيا بأوروبا.
سيسمح خط نقل الغاز الجديد للبولنديين والأوروبيين بأن يصبحوا أكثر استقلالية عن الشحنات الروسية، وقال رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافتسكي، خلال مراسم الافتتاح: "حقبة الهيمنة الروسية في مجال الغاز تنتهي، الحقبة التي اتسمت بالابتزاز والتهديد".
تسعى بولندا منذ سنوات إلى تقليص اعتمادها على الغاز الروسي، وفي 2015 افتتحت بولندا محطة غاز على بحر البلطيق بسعة 6,5 مليار متر مكعب، ومنذ ذلك الحين أنشأت روابط في مجال الغاز مع البلدان المجاورة، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
في 2019 أيضاً، أعلنت الحكومة البولندية أنها لن تمدد العقد طويل الأمد مع مجموعة غازبروم الروسية العملاقة إلى ما بعد 2022.
على خلفية الحرب في أوكرانيا، علقت شركة "غازبروم" الروسية العملاقة شحناتها من الغاز إلى بولندا، بعدما رفضت شركة "بي جي إن إي جي" للغاز في بولندا تسديد فواتيرها بالروبل.
في 2021، كانت شحنات الغاز الروسي تغطي نصف استهلاك بولندا، البالغ نحو 20 مليار متر مربع، ويتوقع أن تستهلك بولندا هذا العام 18 مليار متر مكعب.
لتشغيل خط "أنابيب البلطيق" وقّعت شركة الغاز البولندية اتفاقاً طويل الأمد مع شركة الطاقة النرويجية "إكينور"، لضخ نحو 2,4 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً على مدى نحو 10 سنوات.
أكدت "بي جي إن إي جي" أيضاً توقيع اتفاقيات أخرى بهدف تأمين الإمدادات عبر هذا الخط. وتُشغل شركة الغاز البولندية أيضاً حقول غاز في بحر الشمال، ولكن ينتقد خبراء بولنديون الحكومة المحافظة لتوقيعها هذه العقود متأخرة، ودفعها حالياً أسعاراً مرتفعة مقابل الغاز النرويجي.
نقل الغاز إلى اليونان وبلغاريا
في موازاة تشغل خط "أنابيب البلطيق"، بدأت اليونان وبلغاريا، السبت، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2022، التشغيل التجاري لخط أنابيب الغاز.
سيدعم خط الأنابيب البالغ طوله 182 كيلومتراً بلغاريا، التي تبذل جهوداً مضنية لتأمين إمدادات الغاز بأسعار معقولة، منذ نهاية أبريل/نيسان 2022، عندما أوقفت شركة "غازبروم" الروسية عمليات التسليم بسبب رفض صوفيا الدفع بالروبل.
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، قالت خلال حفل الافتتاح في صوفيا، الذي حضره قادة بلغاريا واليونان وأذربيجان ورومانيا وصربيا ومقدونيا الشمالية: "يشعر الناس هنا في بلغاريا وفي أنحاء أوروبا بعواقب الحرب الروسية، ولكن بفضل مشاريع مثل هذه، سيكون لدى أوروبا ما يكفي من الغاز لفصل الشتاء".
سينقل خط الأنابيب بين اليونان وبلغاريا مليار متر مكعب من الغاز من أذربيجان إلى بلغاريا.
ستبلغ السعة الأولية 3 مليارات متر مكعب سنوياً، إضافة إلى وجود خطط لزيادة الكمية لاحقاً إلى 5 مليارات متر مكعب، ويمكن أن يوفر خط الأنابيب كميات من الغاز غير الروسي إلى صربيا ومقدونيا الشمالية ورومانيا المجاورة ومولدوفا وأوكرانيا.
سينقل الخط الغاز من مدينة كوموتيني بشمال اليونان إلى ستارا زاجورا في بلغاريا، ويتصل هذا الخط بخط أنابيب آخر، وهو جزء من ممر الغاز الجنوبي الذي ينقل الغاز من أذربيجان إلى أوروبا.
أزمة الطاقة
يأتي هذا فيما تواجه أوروبا بشكل عام أزمة في الطاقة، على خلفية توتر علاقاتها مع روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا.
وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي توصلوا، الجمعة، 30 سبتمبر/أيلول 2022، إلى اتفاق بشأن إجراءات طارئة لمساعدة الأسر والشركات في الاتحاد الأوروبي على مواجهة فواتير الكهرباء المرتفعة، لكن كثيرين يرون أنه يتعين بذل المزيد مع اقتراب فصل الشتاء.
في هذا الصدد، صادق الوزراء على مقترحات قدمتها المفوضية الأوروبية، في منتصف سبتمبر/أيلول 2022، وتهدف إلى استعادة جزء من "الأرباح الفائقة" من شركات إنتاج الطاقة لإعادة توزيعها على المستهلكين، وخفض الطلب على الكهرباء في أوقات الذروة.
لكنهم ما زالوا منقسمين حول تحديد سقف لسعر واردات الغاز أمام تردد ألمانيا على وجه الخصوص.
كذلك أدى التسرّب الأخير من خطَّي أنابيب الغاز نورد ستريم 1 و2، في بحر البلطيق، والذي قال الاتحاد الأوروبي إنه ناجم عن أعمال "تخريبية"، أدى إلى زيادة التوتر في التكتل الأوروبي المتأثر بارتفاع الأسعار المرتبط بالحرب التي أشعلتها روسيا في أوكرانيا.