لم يعمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بنصيحة أحد كبار مساعديه، ورفض اتفاقية سلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا إبان بداية الهجوم، وفقاً لوكالة Reuters البريطانية.
إذ تشير التقارير حسبما نشر موقع Responsible Statecraft الأمريكي، الجمعة 16 سبتمبر/أيلول 2022، إلى أن ديمتري كوزاك، كبير مبعوثي روسيا في أوكرانيا آنذاك، قدّم لبوتين اتفاقيةً كان من شأنها أن تمنع انضمام كييف إلى الناتو. لكن الزعيم الروسي رفضها وفقاً لثلاثة مصادر مطلعة تحدثت إلى الوكالة البريطانية، مما يوضح أن أهدافه توسعت لتشمل ضم بعض أجزاء الأراضي الأوكرانية.
في حين لم تستطع الوكالة البريطانية التأكد مما إذا كان القرار قد سبق بدء المعارك أم جاء بعد اندلاعها.
اتفاقية مزعومة بين روسيا وأوكرانيا
قال متحدثٌ رسمي روسي للوكالة البريطانية، إن تقريرها "لا علاقة له بالواقع"، فيما رفضت أوكرانيا التعليق على المحادثات، لهذا لا نعلم ما إذا كانت كييف قد وافقت على تلك الاتفاقية من الأساس أم لا.
نسبت الوكالة البريطانية هذا الخبر إلى "ثلاثة أشخاص مقربين من القيادة الروسية". ويُسلط الخبر الضوء على مدى اقتراب الجانبين من الحيلولة دون اندلاع الحرب، أو إنهائها في أسابيع الهجوم الأولى.
علاوةً على اتفاق فبراير/شباط 2022، توصلت روسيا إلى اتفاقٍ مبدئي مع أوكرانيا لوقف القتال في مارس/آذار 2022. لكن يبدو أن كييف هي التي عطّلت الاتفاق الثاني بعد ارتكاب سلسلةٍ من الفظائع الروسية، وعقب زيارةٍ -مؤقتةٍ بعناية- لرئيس الوزراء البريطاني آنذاك بوريس جونسون. حيث تشير التقارير إلى أن جونسون حثّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على وقف المفاوضات مع موسكو.
مراحل الصراع الأولى
يثير الكشف الأخير عدة تساؤلات حول ما سيتطلبه الأمر للوصول باتفاقٍ آخر إلى طاولة المفاوضات. ولم يتضح بعدُ ما إذا كان بوتين قد وافق على اتفاق مارس/آذار بنفسه أم لا، مما يزيد صعوبة الحكم على شروط السلام التي كان الزعيم الروسي مستعداً لقبولها في مراحل الصراع المبكرة.
علاوةً على أن كثيراً من الوقائع تغيرت على الأرض منذ مارس/آذار. إذ قضت كييف وموسكو غالبية أشهر الصراع في حالة جمود وحشية داخل شرقي أوكرانيا، مع إصرار كلا الجانبين على عدم إجراء أي مفاوضات قبل تحقيقه مكاسب في أرض المعركة.
من جانبها نجحت كييف في كسر الجمود مؤخراً بهجومٍ عكسي فعال على نحوٍ غير متوقع، لكن ضباب الحرب يزيد صعوبة تحديد حجم الأراضي التي تمكنوا من استردادها. بينما يواصل مسؤولو أوكرانيا تأكيداتهم بأنهم لن يُوقفوا القتال حتى يتمكنوا من طرد آخر جندي روسي من كافة الأراضي الأوكرانية، وضمن ذلك أراضي القرم التي يعتبرها الكرملين جزءاً من روسيا.
وقف نزيف الدماء
الأمر المؤكد بعيداً عن تحركات خطوط المواجهة هو أن جميع من في السلطة لا يبدون مهتمين بوقف نزيف الدماء في أي وقتٍ قريب.
في مؤتمرٍ صحفي يوم الثلاثاء 13 سبتمبر/أيلول 2022، شرح المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، سبب استمرار الولايات المتحدة في معارضة الدبلوماسية عملياً، رغم دعمها للمبدأ نظرياً.
حيث قال: "يجب أن يوجد طرفٌ آخر على الجانب المقابل من الطاولة؛ حتى نتمكن من إقامة الدبلوماسية والحوار. لكننا لم نشهد أي مؤشرات، ولم يشهد شركاؤنا في أوكرانيا أي مؤشرات. حتى إن كبار حلفائنا وشركائنا في أوروبا ممن يتواصلون مع كبار مسؤولي روسيا لم يلاحظوا أي مؤشرات على استعداد الروس للمفاوضات".