قال ميخايلو بودولياك، المستشار البارز للرئيس الأوكراني، إن أوكرانيا شرعت في شنِّ هجومٍ مضاد تسعى به إلى بث "الفوضى داخل صفوف القوات الروسية" من خلال ضرب خطوط إمداد "الغزاة" في عمق الأراضي الأوكرانية المحتلة.
وأشار بودولياك في تصريحات لصحيفة The Guardian البريطانية، إلى أن "الشهرين أو الثلاثة أشهر القادمة" لعلَّها تشهد مزيداً من تلك الهجمات، على غرار الضربات التي وقعت يوم الثلاثاء، 16 أغسطس/آب 2022، على تقاطع للسكك الحديدية وقاعدة جوية في شبه جزيرة القرم، ومثل الهجمات التي استهدفت الطائرات الحربية الروسية، الأسبوع الماضي، في مطار ساكي الواقع في شبه الجزيرة.
وكانت روسيا قد كشفت في وقت سابق أن حريقاً اندلع الثلاثاء، 16 أغسطس/آب 2022، في مستودع ذخيرة بمنطقة دجانكوي في شبه جزيرة القرم، وتسبب في انفجارات، لكن بودولياك يقول إن هذا الحادث تذكير بأن "الروس يحتلون شبه جزيرة القرم الأوكرانية، وإن مستودعاتها هدف للتفجير، وإن الغزاة واللصوص في خطر كبير ومعرَّضون للقتل"، على حد قوله.
ولم تعلن أوكرانيا مسؤوليتها عن الهجمات، لكن الضربات التي تعرضت لها شبه الجزيرة دفعت كثيراً من السياح الروس إلى الفرار منها مذعورين، وقد اصطف الروس المغادرون في طوابير طويلة يوم الثلاثاء، 16 أغسطس/آب، خارج محطة السكة الحديدية في سيمفيروبول عاصمة المنطقة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها تواجه محاولات تخريب في شبه جزيرة القرم، وإنها تعمل على اتخاذ "الإجراءات اللازمة" لمنع وقوع المزيد من الحوادث.
فيما تحدث بودولياك إلى صحيفة The Guardian من مقر المكاتب الرئاسية في كييف، وقال: "تقوم خطتنا الاستراتيجية على تدمير القدرات اللوجستية الروسية وخطوط الإمداد ومستودعات الذخيرة وغيرها من مرتكزات البنية التحتية العسكرية، والغاية هي بث الفوضى داخل قواتهم".
وأوضح بودولياك، الذي كثيراً ما يوصف بأنه ثالث أقوى سياسي في البلاد، أن نهج كييف يختلف عن نهج موسكو الذي يقوم على استخدام المدفعية الكثيفة لكسب الأراضي في منطقة دونباس على امتداد شرق البلاد، والتي شهدت تدمير القوات الروسية لعدة مدن، منها ماريوبول وسيفيرودونتسك، من أجل السيطرة على أراضيها.
بودولياك أضاف في تصريحاته: "لقد لقَّنت روسيا الجميع بطريقةٍ ما أن الهجوم المضاد يتطلب حشوداً هائلة من القوى البشرية، تتشكَّل فيما يشبه القبضة العملاقة، وتزحف في اتجاه واحد فقط. لكن الهجوم المضاد الأوكراني يختلف تمام الاختلاف عن ذلك، فنحن لا نستخدم تلك الأساليب التي تعود إلى ستينيات القرن الماضي وسبعينياته".
ومع ذلك، فإن تلك الملاحظات يمكن تفسيرها، من جهة أخرى، بأنها إقرار بأن أوكرانيا تبذل قصارى وسعها لحشد العدد المطلوب من الرجال والمواد العسكرية اللازمة لمواصلة هجوم مضاد كامل في جنوب البلاد، وهو أمر يقتضي عادةً أن تتفوق قوات الهجوم بنسبة ثلاثة جنود أو أكثر إلى كل جندي من نظيرتها في الدفاع.
حاولت أوكرانيا عزل خيرسون، المدينة الوحيدة التي تسيطر عليها روسيا في الضفة الغربية لنهر دنيبر، فأتلفت الطرق وقطعت جسور السكك الحديدية باستخدام المدفعية الصاروخية التي زوَّدها بها الغرب حديثاً، ومن ثم أصبحت روسيا عاجزة عن تزويد قواتها بالإمدادات بانتظام.
وذكر بودولياك أن أوكرانيا تستعين بالصواريخ بعيدة المدى التي قدمتها الدول الغربية، وتأمل في استخدامها لمهاجمة خطوط إمداد الغزاة وإضعافهم من خلال "نقص الإمدادات ونقص الذخيرة"، وإجبار الروس "على القتال [باضطراب وتخبط] كما كانوا في الأشهر الأولى من الحرب".
من جهة أخرى، لم ينكر مستشار الرئيس الأوكراني احتمال أن يكون الهجوم على القاعدة الجوية الروسية، الأسبوع الماضي، هجوماً من عمل المتمردين الأوكرانيين في شبه جزيرة القرم، لكنه نفى ساخراً أي زعمٍ بأنه كان مجرد حادث، كما ادَّعت موسكو في أعقاب الهجوم مباشرة.