انتهت الحرب الإسرائيلية على غزة، لكن سلطات الاحتلال تُواصل إغلاق المعابر التجارية مع القطاع للأسبوع الثاني على التوالي، ما يضع قطاع غزة أمام أزمة غذاء، جراء نفاد مخزون بعض السلع الغذائية من الأسواق والمحال التجارية.
أزمة نقص المعروض من السلع الغذائية، يضاف لها ارتفاع طرأ على أسعار السلع الأساسية، وتحديداً مشتقات الألبان والدواجن التي زادت أسعارها بنحو الضعف منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع، وذلك نظراً لاعتماد القطاع على ما يتم استيراده من المنتجات الواردة من مصانع الجنيدي في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.
أزمة الكهرباء تفاقم الحالة الغذائية
يفاقم هذه الأزمة تكبد أصحاب المحال التجارية خسائر كبيرة، جراء تلف جزء كبير من السلع التي يتم حفظها في ثلاجات التبريد، وذلك بعد أن خرجت محطة توليد الكهرباء عن الخدمة بسبب نفاد مخزون السولار المخصص لمحطة الكهرباء الوحيدة في القطاع منذ أمس، السبت، 6 من أغسطس/آب 2022، وبات جدول الكهرباء المعمول به في القطاع هو 4 ساعات وصل مقابل 16 ساعة قطع.
أبو منصور، صاحب محال لبيع المجمدات في حي النصر بمدينة غزة، قال لـ"عربي بوست" إن انقطاع التيار الكهربائي، منذ يوم أمس، كبَّدني خسائر تجاوزت 7 آلاف شيكل (ألفي دولار)، وذلك بعد أن فسدت اللحوم والمجمدات بسبب انقطاع التيار الكهربائي، والارتفاع الكبير في درجات الحرارة في هذا التوقيت من الصيف، ولا يمكن احتمال استمرار إسرائيل باحتجاز عشرات الشاحنات من البضائع على معبر كرم أبو سالم، لأن الكثير من السلع شارف تاريخ صلاحيتها على الانتهاء، وهي بضائع مدفوعة الثمن مقدماً للتجار والموردين من إسرائيل والضفة الغربية.
أما ماهر أبو عطايا، صاحب أحد محال السوبر ماركت في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، فيقول لـ"عربي بوست" إن كميات البضائع الموجودة في المحال التجارية بدأت تنفد، ولا يوجد ما يعوض هذا النقص في المخازن، حتى تجار الجملة المسؤولين عن توريد البضائع يواجهون مشكلة في التحرك بشكل سلس إلى قلب المدن، خشية تعرضهم لقصف إسرائيلي.
أزمة الخبز هي الأخرى تزيد من تفاقم الوضع الإنساني في غزة، فالقطاع يشهد نقصاً في مخزونات القمح، في ضوء توقف الأونروا عن توزيع المساعدات الغذائية للاجئين بسبب الظروف الأمنية التي فرضتها الحرب على غزة، وعدم التحرك من الجانب المصري لرفع الحظر عن توريد القمح لغزة منذ مارس/آذار 2022 كجزء من تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية.
يومية بملايين الدولارات
قال مصدر في وزارة الاقتصاد بغزة لـ"عربي بوست" إن استمرار سلطات الاحتلال بإغلاق معبر كرم أبو سالم للأسبوع الثاني على التوالي، يزيد من تفاقم الحالة الإنسانية والغذائية في غزة، فعدد الشاحنات المحتجزَة على الجانب الإسرائيلي من المعبر تجاوزت 2500 شاحنة، جزء كبير مما تحمله هذه الشاحنات من سلع غذائية أهمها منتجات اللحوم ومشتقات الألبان والأجبان والمعلبات والمشروبات الغازية تعرض للتلف.
وتقدر الخسائر الأولية للبضائع التي تعرضت للتلف 8 ملايين دولار، يتحملها تجار غزة، بالإضافة لتحملهم تكلفة استئجار أرضية المعبر، بقيمة 300 دولار لكل شاحنة تبيت في الميناء البري لكل يوم.
وأضاف، ما يتوفر من مخزونات للسلع الغذائية يكفي لسد احتياجات القطاع لمدة 15 يوماً فقط، والأخطر من ذلك أن قطاع الدواجن والماشية سيواجه أزمة نفوق مئات الآلاف من الدواجن خلال الأيام الثلاثة القادمة، بسبب نفاد مخزون الأعلاف، لأن الاعتماد على توريد الأعلاف يتم من الجانب الإسرائيلي فقط.
تلف المحاصيل الزراعية
فرضت الحرب الإسرائيلية الجارية على غزة، خسائر في القطاع الزراعي، بسبب الحظر الذي فرضته إسرائيل على دخول المنطقة الحدودية التي تعتبر بمثابة سلة الغذاء الرئيسية للقطاع، فآلاف الدونمات المزروعة من الخضروات والفواكه تعرضت للتلف؛ بسبب عدم قدرة المزارعين على قطف ثمارهم منذ أكثر من أسبوع.
وظهرت آثار هذه الأزمة في ارتفاع ملموس طرأ على أسعار الخضروات والفواكه، رغم الجهود التي تبذلها الحكومة لضبط الأسعار، فإن نقص المعروض يفاقم من حدة الأزمة.
محمد أبو جياب، رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية بغزة، قال لـ"عربي بوست" إن "تكلفة اليوم الواحد لإغلاق معبر كرم أبو سالم يكبد اقتصاد قطاع غزة خسائر تتجاوز 5 ملايين شيكل (1.5 مليون دولار)، وفي حال بقيت السياسة الإسرائيلية على حالها، ستكون غزة مقبلة على أزمة غذاء لم تشهدها منذ سنوات".