تسعى روسيا إلى تجنيد آلاف المتطوعين للمشاركة في حرب أوكرانيا، أو ما تسميه موسكو "العملية العسكرية الخاصة، وانتشر في مختلف المناطق التابعة للنفوذ الروسي ملصق يدعو "الرجال الحقيقيين" الذين تقل أعمارهم عن 49 عاماً للانضمام إلى القتال إلى جانب الجيش الروسي في أوكرانيا، مع وعود بأجور عالية.
وفق تقرير لموقع شبكة CNN الأمريكية، نُشر السبت 30 يوليو/تموز 2022، تتشكل في جميع أنحاء روسيا كتائب من المتطوعين استعداداً للتدخل في حرب أوكرانيا، والانضمام إلى ما يسمى بـ"العملية العسكرية الخاصة" التي أعلن عنها الرئيس فلاديمير بوتين، في فبراير/شباط الماضي.
من مورمانسك في الدائرة القطبية الشمالية إلى بيرم على سفح جبال الأورال وبريمورسكي كراي في أقصى شرق روسيا، انطلق النداء، مخاطباً كل وطني روسي وكل محب للمال على حد سواء. ولا يشترط أي خبرات عسكرية سابقة.
آلاف المتطوعين في الجيش الروسي
تشير تقديرات المحللين إلى حشد أكثر من 30,000 متطوع لتعويض الصفوف في الجيش الروسي التي استنزفت على مدار خمسة أشهر من القتال، ما بين ربع إلى ثلث القوات المنتشرة في منطقة دونباس الشرقية في أوكرانيا، حيث من المرجح إرسال غالبية المتطوعين إلى هناك.
لطالما قاوم بوتين فكرة التعبئة العامة في روسيا، وكان الاستدعاء هذا الربيع مشابهاً لما حدث في عام 2021، إذ تعد كتائب المتطوعين إحدى الطرق لزيادة القوة البشرية في الجيش الروسي دون اتخاذ خطوة إعلان التعبئة العامة. كما يبدو أنهم يركزون على المناطق المعزولة والأكثر فقراً، وإغراء المتطوعين بالمكاسب النقدية السريعة.
تقول كاترينا ستيبانينكو، الباحثة الروسية في معهد دراسة الحرب في واشنطن، إن العملية مدفوعة من موسكو، وتوضح: "بحسب ما ورد، أمر الكرملين جميع كيانات روسيا الاتحادية البالغ عددهم 85 (مناطق من الاتحاد الروسي بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم المحتلة وسيفاستوبول) بتجنيد كتائب متطوعين لتجنب إعلان التعبئة العامة أو الجزئية في روسيا".
لكنها أضافت: " لكن من غير المحتمل أن يحوّل التدريب قصير المدى هؤلاء المتطوعين الذين ليست لديهم خبرات عسكرية سابقة إلى جنود فعالين في أي وحدة".
دعوة موجهة لـ"الرجال الحقيقيين"
تختلف المؤهلات المطلوبة للتطوع في الجيش الروسي من مكان لآخر. ذكر إعلان على الإنترنت في مدينة كازان بجمهورية تتارستان: "ندعو الرجال الذين تقل أعمارهم عن 49 عاماً وخدموا سابقاً في الجيش، ونقدم لهم عرضاً مدته 4 أشهر في مجال تخصصك العسكري".
يناشد ملصق التجنيد "الرجال الحقيقيين" الذين تقل أعمارهم عن 49 عاماً للانضمام إلى القتال في أوكرانيا، مع وعود بأجور عالية، إلى جانب التدريب والتأمين.
في أماكن أخرى، يُسمح بانضمام الرجال حتى سن 60 عاماً، الشرط الوحيد هو عدم وجود سجل جنائي، ولا تشترط أي خبرات عسكرية سابقة.
فيما ذكر ملصق التجنيد في مدينة بيرم، تحت عنوان "وظيفة للرجال الحقيقيين": "نسعى إلى الشجعان البواسل الجسورين المتميزين والاستثنائيين والوطنيين المعتزين بأمتنا".
وفقاً للإعلانات المنشورة، لن تزيد مدة التدريب عن شهر واحد فقط، وهي مدة قصيرة جداً بالنسبة للمتطوعين ذوي الخبرات العسكرية المحدودة.
إذ تنص السياسة القياسية لوزارة الدفاع الروسية على ضرورة خضوع جميع المجندين الذين يوقعون عقوداً على أربعة أسابيع من التدريب المشترك على الأسلحة. لكن من غير الواضح ما إذا كان هذا النظام نفسه يمتد ليشمل جميع المتطوعين في الجيش الروسي.
أجور أعلى وامتيازات
تمتد عقود المتطوعين من أربعة شهور إلى عام. ويعدونهم بأجور أعلى بكثير من متوسط الأجور في الأقاليم الروسية المختلفة.
على سبيل المثال، تعرض كتائب المتطوعين في مدينة بيرم وإقليم كيروف في غرب روسيا أجوراً تبدأ من 300,000 روبل شهرياً (حوالي 5,000 دولار أمريكي).
بينما في باشكورتوستان، بالقرب من حدود كازاخستان، يصل الحد الأدنى لأجور المتطوعين ما يعادل 4,500 دولار أمريكي، مع وعود بالحصول على إضافات تصل إلى 130 دولاراً أمريكياً يومياً للمشاركة في العمليات القتالية.
ذكر إعلان على وسائل التواصل الاجتماعي في باشكورتوستان: "يمكنك أن تكسب مليون روبل بسهولة خلال الصيف!".
يتراوح متوسط الأجور الشهرية في تلك المناطق بين 30,000 و45,000 روبل (500 و750 دولاراً أمريكياً)، أي حوالي عشر ما قد يتقاضاه المتطوع إذا انضم إلى الصفوف الأمامية.
كما توجد امتيازات إضافية. في بيرم وكيروف، تلقى المتطوعون وعوداً بقبول أبنائهم بشكل تفضيلي في الجامعات. كما سيحصل المتطوعون على صفة "قدامى المحاربين"، الذي يمنحهم راتباً شهرياً مدى الحياة بالإضافة إلى خصومات على السكن والمواصلات.
تعويضات عن الإصابة في المعارك
أما عن تعويضات الخسائر في ساحة المعركة خلال القتال إلى جانب الجيش الروسي، فقد تصل في بعض حالات الإصابات الخطيرة إلى أكثر من 3 ملايين روبل (50,000 دولار أمريكي). وإذا قُتل المتطوع في المعركة، تحصل عائلته على 12.4 مليون روبل (200,000 دولار أمريكي) من الميزانية الفيدرالية، بالإضافة إلى مليونين (33,000 دولار أمريكي) من الإقليم.
تقول ستيبانينكو من معهد دراسة الحرب: "من المرجح أن يُلقى بهؤلاء المتطوعين ضعيفي التدريب في مرمى النيران مباشرة، بالنظر إلى معاملة روسيا سابقاً للمجندين والمتطوعين".
من الصعب أن نتخيل أي تأثير حقيقي لتلك المجموعات اليائسة التي لا دراية لها بساحة المعركة والمهارات القتالية اللازمة للنجاة. لا سيما وأن المهمة الأساسية لقوات المشاة الروسية هي الاستيلاء على الأماكن التي أمطرتها بنيران غير مباشرة.
تقول ستيبانينكو: "يواصل الجيش الروسي تكبد الخسائر دون تحقيق مكاسب بارزة على الأرض. لذا تحتاج إلى تدفق بشري مستمر لتعويض خسائرها".