اتهمت ستة أحزاب معارضة في تونس، الإثنين 25 يوليو/تموز 2022، رئيس البلاد قيس سعيد، بخرق الصمت الانتخابي عبر كلمة متلفزة وجَّه فيها الناخبين إلى التصويت بـ"نعم" في الاستفتاء الجاري، على مشروع الدستور، والذي لم تتجاوز نسبة المشاركة فيه 24% مع اقتراب إغلاق صناديق التصويت.
صباح الإثنين، بث التلفزيون الرسمي كلمة لسعيد اتهم فيها أطرافاً (لم يسمها) باختلاق الأزمات وصرف أنظار الشعب عن القضايا الحقيقية، متوعداً إياهم بـ"محاكمة عادلة".
رداً على ذلك، قالت حركة "النهضة"، في بيان، إن "رئيس سلطة الأمر الواقع قيس سعيد، ألقى كلمة بثتها القناة الوطنية بعد الإدلاء بصوته هذا الصباح فيما يسمّى الاستفتاء".
أضافت الحركة، صاحبة أكبر كتلة في البرلمان "المنحل"، أن سعيد "تعمّد توجيه الناخبين إلى التصويت بنعم على مشروع دستوره الذي أطال في مدحه، مقابل تهجّمه على معارضيه".
كما قالت: "هذا خرق واضح وفاضح لفترة الصمت الانتخابي التي تشمل اليوم السابق للاقتراع ويوم الاقتراع نفسه حتى انتهاء عملية التصويت".
فيما أدانت الحركة ما قالت إنه "سلوك منافٍ للقانون من قبل أعلى هرم السلطة"، واعتبرته "مؤشّراً إضافياً على صورية الاستفتاء"، واستغربت "صمت مسؤولي هيئة الانتخابات عن هذه الجريمة الانتخابية الموثّقة، بما يضاعف الشكّ في مصداقيتها".
وأفادت بأن ما قام به سعيد "يضيف جريمة انتخابية إلى مجمل الخروقات العديدة المسجّلة خلال الفترة الانتخابية وخلال الساعات الأولى من يوم الاقتراع، والتي نحدّد تأثيرها على النتائج بعد انتهاء عملية الاستفتاء واستكمال المعطيات المؤكدة حولها".
في وقت سابق من الإثنين، اتهمت 5 أحزاب معارضة سعيد أيضاً بـ"خرق الصمت الانتخابي"، عبر بث كلمة دعائية لمشروع الدستور.
جاء ذلك في بيان مشترك صادر عن "الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء" المكوّنة من الحزب الجمهوريّ (وسط يسار)، والتيار الديمقراطي (اجتماعي)، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (اجتماعي)، وحزب العمّال ( يسار)، وحزب القطب (يسار).
قالت الأحزاب في البيان: "في انتهاك صارخ للقانون والأعراف الانتخابية، توجّه صاحب مشروع ما يسمى الجمهورية الجديدة بكلمة دعائية لفائدة مشروعه (الدستور) المعروض اليوم على الاستفتاء، وتم بثّ هذه الكلمة المطولة في القناة الرسمية، المسمّاة الوطنية الأولى".
تابعت: "تجاوز الحاكم بأمره (سعيد) كل ذلك، ولم تخْلُ كلمته أمام مكاتب الاقتراع من التشنّج والتهجّم على معارضيه ضارباً عرض الحائط بأبسط قواعد القانون"، وأردفت: "حصلت هذه الخروقات، وهي ليست الأولى، أمام صمت مطبق لهيئة الانتخابات".
واعتبرت الأحزاب الخمسة أن في "هذا السلوك شاهداً آخر على عدم استقلالية هذه الهيئة، وعلى زور كامل المسار الانتخابي والنتائج التي ستتمخض عنه".
نسبة تصويت منخفضة
من جانبها، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية أن نسبة المشاركة في الاستفتاء على الدستور الجديد بلغت 13.6% إلى حدود الساعة الثالثة والنصف عصراً بالتوقيت المحلي، وذلك في مؤتمر صحفي عقده رئيس الهيئة فاروق بوعسكر.
وقال بوعسكر إن "عدد الناخبين الذين قاموا بعملية التصويت بلغ مليوناً و951 ألفاً و563 ناخباً "، من أصل 8 ملايين و929 ألفاً و665 ناخباً، يتوزعون على 51% إناث و49% ذكور.
ولفت إلى أن عدد المراقبين المعتمدين يُقدّر بـ5 آلاف و678 محلياً و124 أجنبيّاً، كما يبلغ عدد ممثلي الأطراف المشاركة في حملة الاستفتاء 4 آلاف و580.
وفي السادسة من صباح الإثنين انطلق الاستفتاء على مشروع بديل عن دستور 2014 الذي تمت صياغته في أعقاب ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011)، ضمن إجراءات استثنائية بدأ سعيد فرضها في 25 يوليو/تموز 2021، في ظل أزمة سياسية حادة.
من بين هذه الإجراءات إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وتعتبر قوى تونسية هذه أن الإجراءات تمثل "انقلاباً على الدستور" وتهدف إلى إقامة "حكم فردي مطلق"، فيما ترى قوى أخرى أنها "تصحيح لمسار ثورة 2011".
أما سعيد، الذي بدأ عام 2019، فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، فقال أكثر من مرة إن إجراءاته قانونية وضرورية لإنقاذ تونس من انهيار شامل.