أرسل رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، الخميس 21 يوليو/تموز، مستشاره لشؤون الأمن القومي، إيال حولاتا، إلى موسكو لبدء نقاشات مع المسؤولين الروس، بعد توجه موسكو نحو إنهاء عمليات الوكالة اليهودية في البلاد، حسب مجلة Ynet الإسرائيلية.
وكانت وزارة العدل الروسية قد أعلنت في وقتٍ سابق من اليوم نفسه توصيةً بإنهاء تفويض الوكالة لمساعدة اليهود الروس على الهجرة إلى إسرائيل.
لكنَّ لابيد يعتزم معالجة المشكلة من زوايا أكثر بعد مشاورات عُقِدَت مع المسؤولين، وقد قرر توجيه وفد من مكتبه ووزيريْ العدل والهجرة والاستيعاب إلى روسيا في وقتٍ مبكر من الأسبوع المقبل.
وأمام إسرائيل نطاق زمني ضيق، إذ سيتم البت في مسألة العمليات الروسية للوكالة اليهودية بموسكو في غضون أسبوع.
وقال لابيد: "الجالية اليهودية في روسيا مرتبطة بعمق بإسرائيل، وأهميتها تفوق أية مسألة سياسية أخرى لدينا مع الروس. سنواصل العمل من خلال القنوات الدبلوماسية حتى يستمر العمل المهم للوكالة اليهودية".
حسب المجلة الإسرائيلية، فإن القرار الروسي فيما لو أفضى لإنهاء عمل الوكالة اليهودية، فسيعاني المهاجرون اليهود هناك بشدة. وتمثل الأزمة الحالية التي تختمر منذ مدة قصيرة مستوى عالياً جديداً من التوترات بين البلدين عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وتبنَّى لابيد موقفاً صارماً ضد روسيا منذ هجومها على الجارة أوكرانيا قبل 5 أشهر، وكان الأول من بين قادة إسرائيل الذين ينضمون إلى الغرب في إدانة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
"دوافع سياسية وعمل انتقامي"
وينظر المسؤولون في تل أبيب إلى الأزمة باعتبارها ذات دوافع سياسية وعملاً انتقامياً.
وفقاً لتقرير لوكالة "إنترفاكس" الروسية، يشير طلب وزارة العدل مثلما قُدِّمَ إلى المحكمة الجزئية في موسكو إلى "انتهاكات غير محددة للقانون الروسي".
وكانت الوكالة اليهودية بالفعل تبحث وقف نشاطها في روسيا بعدما طالبت الحكومة هناك بمعلومات عن عملياتها.
وقد أُرسِلَ خطابٌ إلى الوكالة قبل شهر، يحتوي أسئلة أشارت إلى نية روسيا إغلاق تلك العمليات.
من الممكن أن تدافع موسكو عن قرارها بالقول إن الوكالة اليهودية تُعرِّض خصوصية الروس للخطر من خلال إنشاء قاعدة بيانات لهم، وهو أمر غير قانوني في روسيا.
وأبلغت وزارة العدل المحكمة أنَّه بعد مراجعة الوثائق التي قدَّمتها الوكالة، اتُّخِذَ قرار بإغلاق العمليات.
كما تقول موسكو أيضاً إنَّ الوكالة تُفضِّل الروس العاملين في مجالات العلم والأعمال، وإنَّ رحيلهم يمكن أن يؤثر على الإمكانات العلمية والتجارية للاتحاد الروسي.
مواقف إسرائيلية أزعجت موسكو
في السياق، يقول مراقبون للعلاقات الإسرائيلية الروسية إنَّ القرار ما كان ليُتَّخَذ لو لم تتخذ إسرائيل موقفها بشأن الحرب في أوكرانيا. ويعتقدون أنَّ تصريحات لابيد، قبل أن يصبح رئيساً للوزراء وحين كان يترأس وزارة الخارجية، أثارت غضب الكرملين.
وشعر الروس بالغضب أيضاً من ضربات إسرائيل المستمرة على سوريا ضد جهود الترسُّخ الإيراني، وخصوصاً الهجمات على مطار دمشق الدولي وميناء طرطوس، حيث يملك الروس قاعدة بحرية.
يدور خلاف آخر حالياً حول كنيسة ألكسندر نيفسكي في البلدة القديمة بالقدس، والتي يدَّعي الروس أنَّها تعود لهم.
من جانب آخر، يمكن النظر إلى الخطوة ضد الوكالة اليهودية باعتبارها ضغطاً لتسوية الخلاف.
وقال مسؤول كبير في تل أبيب إنَّ الوكالة كانت مُقصِّرة في تعاملها مع الأزمة بعدما تمت مداهمتها عدة مرات خلال العامين الماضيين، لكن لم تبلغ الحكومة الإسرائيلية أو تسعى لتدخُّلها.
لكنَّ مسؤولين آخرين في إسرائيل يعتقدون أنَّ القرار الروسي يمكن التراجع عنه.
وقال عضو كبير في الحكومة الإسرائيلية إنَّه في حال لم يتم التعامل بصورة ملائمة مع الأزمة، فإنَّها قد تتفاقم.
دعوة لليهود في روسيا بالتوجه لإسرائيل
وفقاً لصحيفة Haaretz الإسرائيلية، فقد حثَّ الرئيس السابق للوكالة اليهودية، ناتان شارانسكي، الجمعة 21 يوليو/تموز، اليهود الروس على الانتقال إلى إسرائيل بأسرع ما يمكن، وذلك بعد أقل من يوم من دعوة موسكو لتصفية عمليات الوكالة في روسيا.
وصوَّر شارانسكي، في منشور على موقع فيسبوك، الخطوة بأنَّها جزء من الغزو الروسي المستمر للجارة أوكرانيا، والذي أدى إلى زيادة الهجرة إلى إسرائيل من كلا البلدين.
وقال شارانسكي إنَّه في حين تقوم الوكالة بعمل مهم في روسيا، "يجدر بنا أن نتذكَّر أنَّ إسرائيل كانت تعرف كيف تكافح من أجل الهجرة حتى حين كانت الوكالة اليهودية وكل الدبلوماسيين الإسرائيليين ممنوعين من دخول الاتحاد السوفيتي".
وأضاف شارانسكي: "أود أن أختم منشوري برسالة لكل أشقائنا اليهود في روسيا الذين يفكرون جدياً في الهجرة إلى إسرائيل: أحثكم على ألا تؤجلوا تنفيذ خططكم".