الأردن ومفاعل ديمونة.. لماذا رفضت السلطة مشروع تخصيص مطار “رامون” الإسرائيلي لسفر الفلسطينيين؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/07/15 الساعة 08:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/15 الساعة 08:16 بتوقيت غرينتش
السلطة الفلسطينية ترفض مشروع مطار رامون الإسرائيلي/رويترز

على هامش الزيارة التي أجراها الرئيس الأمريكي جو بايدن لكل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية، كشفت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن مقترحاً تجري دراسته داخل المؤسسة الإسرائيلية، بتخصيص جزء من مطار رامون الإسرائيلي لسفر الفلسطينيين من الضفة الغربية، كجزء من حزمة تسهيلات اقتصادية يتم الإعلان عنها في زيارة الرئيس بايدن لمدينة بيت لحم للقاء الرئيس محمود عباس يوم 15 يوليو/تموز 2022.

ومطار رامون هو مطار إسرائيلي دولي يقع في منطقة وادي تمناع في جنوب إسرائيل على بعد 18 كيلومتراً شمال مدينة إيلات، ويعرف بشكل غير رسمي باسم مطار إيلات رامون. ويعد المطار ثاني أكثر المطارات الإسرائيلية ازدحاماً بعد مطار بن غوريون.

يأتي هذا المقترح وفق الصيغة الإسرائيلية، كجزء من خطوات بناء الثقة التي تقودها الإدارة الأمريكية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لتعزيز موقف الأخيرة في الشارع الفلسطيني، مقابل ذلك ستلتزم السلطة بالتوقف عن إجراءات مقاضاة إسرائيل في محكمة العدل الدولية، وعدم التعاون مع مفتشي الوكالة، الذين ينوون زيارة الأراضي الفلسطينية في الأسابيع القادمة لتوثيق شهادات من مواطنين عن ممارسات إسرائيل لنظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين.

السلطة ترفض مشروع مطار رامون

علم "عربي بوست" من مصادر مطلعة في الرئاسة الفلسطينية أن هذا الاقتراح تمت مناقشته في الزيارة الأخيرة التي أجراها وزير الدفاع بيني غانتس لرئيس السلطة محمود عباس في رام الله في 8 يوليو/تموز 2022، على أن يبدأ العمل بهذا المقترح فور الانتهاء من انتخابات الكنيست المقرر إجراؤها مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إذ لا يمكن تطبيق هذا المشروع في ظل وجود حكومة تسيير أعمال يقودها رئيس الوزراء الحالي يائير لابيد.

وأضاف المصدر: "أبدى الرئيس رفضه لهذا الاقتراح من حيث المبدأ، لاعتبارات سياسية أهمها الحفاظ على العلاقات مع الأردن الذي يرى بالمقترح الإسرائيلي مقدمة لدمج السلطة في تحالف اتفاقيات أبراهام للتطبيع، كما أن وجود مسار بديل لتنقل الفلسطينيين عبر المطارات والمعابر الإسرائيلية سيضعف موقف الأردن من الناحية السياسية، لذلك جاء رفض السلطة للمشروع لتجنب أي احتكاك قد يضر بعلاقاتها الاستراتيجية مع حليف مثل الأردن".

وأكد المصدر أن السلطة لا ترى أن الاقتراح قابل للتطبيق من الناحية العملية، في حال بقيت الأزمة السياسية في إسرائيل على حالها، ولم تنجح الكتل السياسية في تشكيل حكومة جديدة في انتخابات الكنيست القادمة. وبالتالي ستبقى السلطة رهينة للمزاج الإسرائيلي الذي قد يعارض منح أي تسهيلات للفلسطينيين دون ثمن سياسي تدفعه السلطة مقابل الحصول على هذه الامتيازات".

تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل تحظر على الفلسطينيين استخدام المطارات الإسرائيلية للسفر للخارج لاعتبارات أمنية، إلا في حالات خاصة. بشكل استثنائي يسمح لبعض المسؤولين في السلطة وفئة رجال الأعمال بالسفر عبر الخطوط الجوية الإسرائيلية، مما يدفع المواطنين للسفر إلى الأردن لاستخدام خطوطه الجوية.

ووفقاً للخطة الإسرائيلية سينتقل الفلسطينيون في الضفة الغربية عبر ممر آمن إلى وادي عربة، ومنه سيتم نقلهم عبر حافلات إلى مطار "رامون".

تحفظات الأردن

منذ أن بدأ العمل بتشغيل المطار، أبدى الأردن تحفظات على إنشائه، إذ يعتبر الأردن أن المشروع يضر به من الناحية الاقتصادية، كونه يقع على مسافة قريبة لا تزيد عن 20 كيلومتراً من مطار العقبة، وبالتالي يستحوذ مطار رامون على جزء من الرحلات السياحية التي يعتمد عليها الأردن بشكل رئيسي في تنمية اقتصاده.

اعتبار آخر وراء التحفظ الأردني على مشروع مطار رامون هو أن جسر التنقل والعبور الواصل بين الضفة الغربية والأردن، يستقبل سنوياً قرابة المليون مسافر على جانبي الحدود، وبالتالي يساهم هؤلاء المسافرون في تنشيط الحركة التجارية داخل المملكة، ويستخدم ما لا يقل عن 100 ألف مسافر من الضفة الغربية للخطوط الجوية الأردنية للسفر وتحديداً من مطار الملكة علياء.

معوقات أمنية تقف في طريق تنفيذ المشروع

كما يواجه المشروع بعض الإشكاليات من ناحية التطبيق على الأرض، فمن ناحية أمنية يتطلب هذا المشروع موافقة أجهزة الأمن كجهاز الشاباك، الذي قد يتحفظ على هذا المشروع لاعتبارات تتعلق بوجود مفاعل ديمونة النووي على مقربة من المطار. كما سيتطلب تأمين المسافرين من وإلى المطار قوات كبيرة من شرطة حرس الحدود والجيش. 

من ناحية أخرى، هناك معضلة البعد الجغرافي الكبير بين المطار والضفة الغربية، فالمسافة بين المطار ومدينة رام الله وسط الضفة الغربية تزيد عن 400 كيلومتر، وبالنظر للحواجز الإسرائيلية فقد يستغرق وصول المسافرين إلى المطار أكثر من 10 ساعات، وبالتالي قد يشكل ذلك عائقاً في تفضيل السفر عبر الأردن.

مثنى السبعاوي، صاحب إحدى شركات السياحة والسفر، قال لـ"عربي بوست" إن هذا المشروع غير مجدٍ من الناحية الاقتصادية، ومن الصعب القبول به، فالمسافر الذي سيستخدم مطار رامون سيجبر على قطع صحراء النقب بشكل طولي، وتكلفة نقل المسافرين ستزيد عن 600 شيكل للسيارات العمومية (180 دولاراً).

كما سيفضل المسافرون استخدام الخطوط الجوية الأردنية للتنقل بسبب انخفاض أسعارها مقارنة بالأسعار الإسرائيلية التي تزيد بـ3 أضعاف عن نظيرتها الأردنية.

يذكر أن حكومات إسرائيل سابقاً طرحت عدة مشاريع لتسهيل سفر الفلسطينيين عبر خطوطها الجوية، ولكن أي منها لم تترجم على أرض الواقع، لأسباب سياسية وأمنية، وكان آخر هذه الاقتراحات ما تقدم به وزير التعاون الإقليمي عيساوي فريج في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، بمنح الفلسطينيين جزءاً من مطار قلنديا الواقع بين مدينتي رام الله والقدس، كجزء من مشروع الحفاظ على حل الدولتين، ولكن المعارضة الإسرائيلية هاجمت الحكومة وأوقفت هذا المشروع.

تحميل المزيد