يسعى نظام الأسد في سوريا إلى فرض رقابة على السوريين في الخارج، وذلك من خلال سفارات وقنصليات دمشق والتي تطالب المواطنين بدفع مبالغ طائلة تحت ذرائع مختلفة، لإنعاش خزائن النظام في ظل ما يعانيه من ضائقة مالية.
بدوره قال موقع Intelligence Online الفرنسي، الإثنين 27 يونيو/حزيران 2022، إن السفارة السورية في باريس والتي بات عملها مقتصراً على الخدمات القنصلية وتحصيل الرسوم، بدأت بتحصيل رسوم من الذين لم يؤدوا "خدمة العلم" (الجيش) بسبب الحرب الجارية في البلاد.
وقال الموقع إن السفارة نشرت دليلاً يشرح بالتفصيل إجراءات استخراج شهادة "حالة التجنيد" للمواطنين السوريين الذكور فوق سن 18 عاماً، في وقتٍ عمدت فيه وزارة خارجية النظام، بمعاونة المخابرات، إلى تعزيز تدابير المراقبة لجميع السوريين الذين يعيشون في الخارج.
وفرضت خارجية النظام على المواطنين في الخارج رسوماً باهظة مقابل خدماتها، ويندرج ذلك عموماً ضمن مساعي النظام لتحصيل مزيد من الأموال اللازمة في ظل العقوبات المفروضة.
دعوات الاستسلام من سوريا حتى باريس
يتحدث الدليل، الذي اطلع عليه موقع إنتلجنس أونلاين الاستخباري، ووزعته السفارة السورية، عن عملية "مصالحة" مع السوريين في الخارج ممن لم يتقدموا للالتحاق بالخدمة العسكرية في الأراضي السورية.
ويشرف على عملية المصالحة هذه اللواء حسام لوقا، رئيس المخابرات العامة التابعة للنظام السوري، ويبدو خطابها أشبه بطلب "الاستسلام" حسب الموقع.
ويشير الدليل إلى أنه يجب على جميع المواطنين السوريين الذكور الذين تزيد أعمارهم على 18 عاماً، الالتحاقُ بالجيش السوري لأداء الخدمة العسكرية، وإما دفع رسوم تتراوح بين 9 آلاف دولار و10 آلاف دولار.
أما المواطنون المولودون قبل عام 1979، ومن ليسوا مطالبين بأداء الخدمة العسكرية، فعليهم دفع 8 آلاف دولار.
وتتضمن إجراءات التسجيل تقديم مستندات مختلفة، ويُفرض على من لديه أفراد من عائلته داخل سوريا، أن يودع أحدهم بعض هذه المستندات لدى "إدارة الهجرة والجوازات" التي يترأسها اللواء خالد حديد.
بينما يتيح ذلك لأجهزة المخابرات السورية جمعَ كل ما ينقصها من بيانات في قوائمها الخاصة بالسوريين الذين غادروا البلاد ولا يزال لديهم بقية من عوائلهم في الوطن.
إجراءات لا مفر منها
نتيجة لهذه الإجراءات، فإن السوريين المقيمين في الخارج يعاملون معاملة من غادر البلاد بوسائل غير مشروعة، وفرَّ من "واجبه المقدس" بالخدمة في الجيش- والواقع أن كثيراً منهم معارضون لنظام بشار الأسد، وفروا من الحرب الأهلية- ويجد أولئك أنفسهم مضطرين للخضوع للإجراءات الجديدة إذا كانوا يريدون استكمال أي معاملة إدارية أخرى.
وتسري هذه الإجراءات على الجميع، حتى إن كانوا ممن يكرهون التعاون مع سلطات النظام السوري أو كانوا من المتخوفين من تعرُّض عائلاتهم في سوريا للمداهمة والاعتقال.
كما يجب على الراغبين في الحصول على جواز سفر سوري أن يتقدموا بسجل الخدمة العسكرية اللازم لتوضيح موقفهم من التجنيد في جيش البلاد.
وقد عدَّت وزارة الخارجية التابعة للنظام السوري ذلك فرصة جديرة بالاستغلال من أجل زيادة رسومها: فجوازُ السفر الصادر عن طريق القنصلية السورية يكلف 800 يورو (846 دولاراً). علاوة على ذلك، فإن كثيراً من السوريين يلجأون لدفع مصاريف باهظة للوسطاء الذين يعدونهم بتعجيل الإجراءات، بنقل الوثائق إلى سوريا في الغالب.
وعلى النحو نفسه، فإن الذكور الذين تزيد أعمارهم على 18 عاماً، ولم يلتحقوا بالخدمة العسكرية، ليس لديهم خيار سوى الخضوع للإجراءات والرسوم المذكورة من أجل التقدم بطلب الحصول على إذن بالسفر إلى سوريا.
ويسري هذا الإذن مدة 90 يوماً من تاريخ إصداره في دمشق، ويتعيَّن إظهاره على الحدود قبل السماح بدخول حامله إلى البلاد.
ويحق لمن يحمل هذه الوثيقة ألا يُجبر على التجنيد في الجيش خلال وجوده في البلاد، وحاله في ذلك حال المشاركين في عمليات "المصالحة" على الأراضي السورية.
ومع ذلك، فإن النظام السوري لا يقدِّم لحامل الوثيقة أي ضمان يُعتد به للحماية من المخابرات السورية داخل البلاد، وذلك رغم أن كثيراً من السوريين في الخارج مطلوبون لاتهامهم بارتكاب أفعال ضد النظام، سواء أكانت الاتهامات حقيقية أم كاذبة.