يستعد للإعلان عن مشروع سياسي لمواجهة “دستور الرئيس”.. تفاصيل معركة جديدة للاتحاد التونسي للشغل

عربي بوست
تم النشر: 2022/06/27 الساعة 09:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/22 الساعة 06:25 بتوقيت غرينتش
الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، والرئيس التونسي قيس سعيّد / Getty images

لم يكن الإضراب العام الذي نفذه الاتحاد العام التونسي للشغل سوى بداية لمعركة أعلنتها المنظمة الأقوى في البلاد ضد الرئيس قيس سعيد وحكومته، تحت عنوانين رئيسيين: الأول يخص المسار السياسي، والثاني يحمل مطالبة نقابية.

فبعد تنفيذ إضراب عام شمل أكثر من 150 مؤسسة للدولة، أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل عشية الخميس 23 حزيران/يونيو الجاري أن الهيئة الإدارية الوطنية للمنظمة الشغيلة ستعقد يومي الأحد والاثنين 26 و27 يونيو الجاري لاتخاذ قرارات جديدة.

ويستعد الاتحاد التونسي للشغل، حسب مصادر "عربي بوست"، لتقديم "مشروع اتحاد الشغل من أجل رؤية إصلاحية للنظام السياسي في تونس"، يضعه مقابل الدستور الجديد المنتظر الإفراج عنه نهاية الشهر الجاري وعرضه على الاستفتاء. 

الرئيس التونسي قيس سعيد يمسك بمسودة الدستور الجديد الذي يسعى لإقراره، 21 حزيران 2022/ صفحة الرئاسة التونسية، فيسبوك
الرئيس التونسي قيس سعيد يمسك بمسودة الدستور الجديد الذي يسعى لإقراره، 21 حزيران 2022/ صفحة الرئاسة التونسية، فيسبوك

تفاصيل مشروع الاتحاد الجديد

بالتوازي مع المطالب المتعلقة بالشأن النقابي، يتعارض الاتحاد العام التونسي للشغل والرئيس قيس سعيد في المسار الحالي الذي تتخذه البلاد في اتجاه تنظيم استفتاء على تعديل الدستور في 25 تموز/يوليو المقبل.

أيضاً، يرفض اتحاد الشغل المشاركة في الحوار الذي نظمه الرئيس قيس سعيد، واعتبره صوريّاً وغطاءً لتمرير مشروع الرئيس، بل وذهب إلى صياغة مشروعه الإصلاحي السياسي الخاصّ والإعلان عنه عشية الخميس الماضي.

ووفق ما أفاد به الناطق الرسمي بلسان الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري لـ"عربي بوست"، فالهيئة الإدارية الوطنية ستنظر في "مشروع اتحاد الشغل من أجل رؤية إصلاحية للنظام السياسي في تونس" خلال اجتماعها يومي الأحد والإثنين للمصادقة عليه.

ويستعد الاتحاد لتقديم مشروعه السياسي كبديل في حال قرر الاتحاد مقاطعة استفتاء 25 تموز/يوليو أو المشاركة فيه بـ"لا"، وذلك بعد الاطلاع على مشروع تنقيح الدستور المنتظر نشره في نهاية الشهر الجاري.

ويضم مشروع اتحاد الشغل الإصلاحي، الذي حصل "عربي بوست" على نسخة منه، عدداً من مقترحات التعديل التي تشمل دستور يناير/كانون الثاني 2014، كمنع النواب من عضوية المجلس التشريعي لأكثر من ثلاث مدد نيابية.

وكذلك تنقيح الفصل 71 من الدستور بإحالة اختصاص السلطة التنفيذية فقط لرئيس الجمهورية، وحكومة تتكون من رئيس وزراء يعينه رئيس الجمهورية، وكتاب دولة يختارهم رئيس الوزراء، والرقابة والتشريع تكون من اختصاص البرلمان بشكل حصري.

كما يقترح الاتحاد أن يجرى التصويت في الانتخابات على القائمات في دورة واحدة على مستوى وطني، ويتم توزيع المقاعد على قاعدة التمثيل النسبي، مع الأخذ بأكبر المتوسطات واعتماد عتبة بـ5%.

كما يدعو الاتحاد إلى إصدار مرسوم رئاسي لتحديد النسبة الدنيا للمشاركة في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد بنسبة 50 زائد واحد من جملة المسجلين في قائمات الناخبين، وفي حال مشاركة عدد أقل فيقع إلغاء الاستفتاء.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد كلف أستاذ القانون الدستوري العميد صادق بلعيد بتقديم اقتراح يتعلق بإعداد مشروع دستور لجمهورية جديدة، ويقدم هذا المشروع إلى رئيس الجمهورية.

مطالب الاتحاد الاجتماعية

قرار الاتحاد العام التونسي للشغل الإضراب في القطاع العام يوم 16 يونيو/حزيران 2022، الذي شمل 159 مؤسسة ومنشأة مملوكة للدولة، وتوجهه لإقرار تحركات أخرى يعود لعدم استجابة الحكومة للعديد من المطالب بسبب تعارضها مع شروط صندوق النقد الدولي.

وتتمثل مطالب الاتحاد في تطبيق البنود الواردة في كل الاتفاقيات مع الحكومات السابقة، وفتح فوري لجولة مفاوضات اجتماعية تفضي إلى ترميم القدرة الشرائية للعمال، والزيادة في أجور 2021 و2022 و2023، والتخلي عن أي توجه لرفع الدعم التدريجي على المواد الأساسية.

ويتمسك الاتحاد بإلغاء المساهمة التضامنية الاجتماعية التي تُخصم من أجور التونسيين بنسبة 1% لتمويل الصناديق الاجتماعية، والتي كان مُقرراً اعتمادها لمدة سنة فقط بداية من عام 2019، ولكن واصلت كل الحكومات بعد يوسف الشاهد خصمها من الأجور لتمويل ميزانيتها وليس توجيهها للصناديق الاجتماعية كما كان مقرراً في البداية.

كما تشمل مطالب المركزية النقابية عدم التفويت في المؤسسات المملوكة للدولة والشروع في إصلاحها حالة بحالة، وإنهاء التفاوض في القانون العام لأعوان المنشآت والمؤسسات العمومية. 

ويطالب الاتحاد كذلك رئيسة الحكومة نجلاء بودن بسحب المنشور 20، وهو أمر يمنع الوزارات ومؤسسات الدولة التفاوض مع النقابات إلا بتفويض من رئاسة الحكومة وموافقتها، وهو ما تسبب في توقف تطبيق بعض الاتفاقيات الممضاة مع الحكومات التي سبقت الحكومة التي عيّنها قيس سعيد.

وقد اعتبرت الحكومة أن الاستجابة لتلك المطالب صعبة بالنظر إلى وضع البلاد الذي لا يسمح بتلبيتها، وأكدت أن التكلفة المالية الإجمالية للزيادة في أجور أعوان الدولة وموظفيها بـ3 سنوات تقدر بحوالي 340 مليون دولار.

وسبق لحكومة يوسف الشاهد أن خضعت سنة 2019 بعد إضراب عام للاتحاد التونسي، وأعلنت اتفاق الزيادة في الأجور رغم ضغوط صندوق النقد الدولي الذي وضع شرط تسهيل القرض أمام رفض الزيادات في الرواتب.

لا حوار مع الاتحاد

ومما يزيد الطين بلة، فمنذ تنفيذ الإضراب العام لم تفتح الحكومة التونسية أي قنوات اتصال مع الاتحاد العام التونسي للشغل، ولم تطلب عقد أي جلسة للتفاوض، وفق ما أفاد به الناطق الرسمي باسم اتحاد الشغل سامي الطاهري في حديثه لـ"عربي بوست".

الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل والناطق الرسمي باسمه، سامي الطاهري، قال في تصريح لـ"عربي بوست" إن "الهيئة الإدارية، التي تُمثل سلطة القرار الثالثة في المنظمة ستقيّم الإضراب الذي تم تنفيذه، وتنظر في عدم تجاوب الحكومة مع المطالب التي أدت لإقراره".

وأضاف المتحدث أن الهيئة الإدارية الخطوات والتحركات التصعيدية كردّ على تجاهل الحكومة لمطالب العمال، وعدم جدية المقترحات التي قدمتها خلال الجلسة التفاوضية التي انعقدت قبل يوم من تنفيذ إضراب 16 حزيران/يونيو. 

ولم تحمل المفاوضات التي سبقت الإضراب مع الحكومة -وفق الطاهري- أي رغبة منها في إلغاء الإضراب، أو تفادي القرارات التي يُمكن أن يتخذها الاتحاد، والتي ترى الهيئة الإدارية أنها كفيلة بجعل الحكومة تتجاوب مع المطالب وتُغيّر سياستها في التعامل مع المنظمة.

“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟

بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى. 

نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”

تحميل المزيد