يلعب ورقته الأخيرة لإنقاذ مستقبله.. حفتر يواجه تذمراً واسعاً من قبائل شرق ليبيا يهدِّده بالملاحقة

عربي بوست
تم النشر: 2022/06/24 الساعة 13:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/06/24 الساعة 13:06 بتوقيت غرينتش
الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر - رويترز

بعد ثلاثة أعوام من الحرب التي أطلقها اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، على العاصمة الليبية طرابلس عام 2019، يبدو أن الأمور لم تعد في صالحه هذه الأيام بعد التراجع الكبير في حاضنته الشعبية في المنطقة الشرقية التي يسيطر عليها.

ويتعرض حفتر مؤخراً لضغوط كبيرة نتيجة تراجع فكرة الحرب في ليبيا لصالح التهدئة وبدء عملية المصالحة، خصوصاً في ظل نقص أوراق القوة التي كان يملكها في السابق. من هنا، يسعى حفتر لإنقاذ حضوره السياسي في البلاد عبر ورقة أخيرة تتمثل في ملف عودة المهجرين من الشرق.

نستعرض في هذا التقرير المستجدات المرتبطة باللواء المتقاعد خليفة حفتر وخشيته من أن يصل المشهد في ليبيا إلى الحد الذي يتحمل فيه هو المسؤولية عن الجرائم والانتهاكات التي شهدتها البلاد خلال الأعوام الماضية.

حفتر وأبناؤه

البداية من هذا التراجع الكبير في الحاضنة الشعبية لحفتر في شرق ليبيا. يعود هذا التراجع إلى عدة أسباب أبرزها ما يتعلق بتصدر أبنائه وأبناء قبيلته للمشهد في الشرق على حساب المتحالفين معه.

أشار العقيد سعيد الفارسي، نائب رئيس الغرفة الأمنية المشتركة في بنغازي سابقاً، لـ"عربي بوست" إلى وجود حالة من التذمر بين أبناء القبائل في المنطقة الشرقية بشكل واسع وغير مسبوق، كرد فعل على سياسات حفتر تجاههم.

وذكر الفارسي أن حفتر يسعى لتوريث سلطته لأبنائه دون استشارة حلفائه، حيث يبحث منح منصب نائب القائد العام للجيش الليبي لنجله صدام، كما يسعى لحصول نجله خالد على منصب وكيل وزارة الدفاع في أي حكومة قادمة.

كما أن حفتر قام بعملية تهميش واستبعاد لكل حلفائه من أبناء قبائل المنطقة الشرقية ومن شاركه وسانده في عملية الكرامة عام 2013، سواء عسكرياً أو اجتماعياً. في المقابل، بدأ بتقريب أبناء عمومته من قبيلة الفرجان، سواء من منطقة ترهونة أو العائدين من مصر.

وأوضح العقيد سعيد الفارسي أن غالبية القبائل في شرق ليبيا بدأت تدرك أن حفتر كان يتحالف معهم من أجل استغلالهم للوصول إلى رئاسة ليبيا فقط لا غير، مشيراً إلى أن القبائل المتذمرة تنتظر الفرصة المناسبة للانقضاض على حفتر بسبب سياساته الحالية.

تحالف حفتر مع باشاغا

السبب الرئيسي الثاني وراء تذمر قبائل المنطقة الشرقية كان ذلك التحالف بين خليفة حفتر ورئيس الحكومة الليبية المكلف فتحي باشاغا.

إذ قام حفتر خلال عملية مهاجمة طرابلس عام 2019، بالتأكيد على أن حكومة الوفاق الوطني التي كان باشاغا يشغل فيها منصب وزير الداخلية، هي حكومة لم تأتِ بإرادة شعبية، وأنها غير معتَرف بها، وأنها حكومة عميلة أتت بقوات أجنبية ومرتزقة للبلاد وأنها تساند الإرهابيين.

بعد ذلك، فوجئ أبناء قبائل المنطقة الشرقية أن خليفة حفتر يتحالف مع أحد أبرز الشخصيات في هذه الحكومة، وهو فتحي باشاغا، مما جعلهم يشعرون بتناقض واضح، خصوصاً بعد خسارة عدد ليس بالقليل من أبنائهم في الحرب وحدوث شرخ اجتماعي كبير بينهم وبين قبائل المنطقة الغربية.

باشاغا في طرابلس
رئيس الحكومة المكلف من قِبل البرلمان في ليبيا، فتحي باشاغا – رويترز

ورقة حفتر الأخيرة

تدعم مصر حالياً التوجه نحو الاستقرار في ليبيا عبر العمل السياسي وليس العسكري وتحقيق المصالحة. فقامت المخابرات المصرية بقيادة رئيسها عباس كامل شخصياً، بطلب اجتماع يحضره 10 أشخاص يمثلون مهجري المنطقة الشرقية المقيمين في غرب البلاد مع 10 من الرموز الاجتماعية في شرق ليبيا.

يهدف هذا الاجتماع لوضع رؤية شاملة للعدالة الاجتماعية والمصالحة الوطنية وعودة المهجرين إلى المناطق الشرقية. حالياً، تدور مداولات بهذا الشأن من أجل إتمام الاجتماع دون تحديد موعد له.

من ناحية أخرى، تدعم مصر بشكل كامل توجهات عقيلة صالح، رئيس البرلمان الليبي، وفتحي باشاغا، كرئيس للحكومة، نحو الوصول لتوافق وطني حول استقرار ليبيا، وحلحلة مشكلة المهجرين.

من هذا المنطلق، ذكر مصدر سياسي مطلع لـ"عربي بوست" أن هناك اتفاقات بين بعض كتل المهجرين في المنطقة الغربية مع عقيلة صالح حول سَن قوانين تتيح لهم العودة لشرق البلاد واستعادة حقوقهم، والبدء في حوار شامل، وإحالة منتهكي القانون والمجرمين للقضاء.

هذه التوجهات تمثل خطراً على مستقبل خليفة حفتر، وهو ما دعاه هو وأبناؤه للتحرك في المسار نفسه والتواصل مع المهجرين، ومحاولة تقديم كل الضمانات لهم لاسترجاع حقوقهم والعودة الآمنة لهم، وتحميل كل الجرائم التي ارتكبت بحقهم إلى أبناء قبائل المنطقة الشرقية ساندوا عملية الكرامة منذ انطلاقها، كورقة أخيرة لحماية مستقبله.

ويخشى حفتر من نجاح مسار المصالحة دون أن يكون هو جزء منه، لأن ذلك يجعله هو من يتحمل كافة الجرائم المرتكبة منذ انطلاق عملية الكرامة.

تحميل المزيد