في مشهد مرعب، أمام جامعة المنصورة، ذبح شاب زميلته قبل أن يحاول الفرار، حتى سقطت الفتاة في دمائها، وسط محاولات لإنقاذها باءت بالفشل، وذلك بعد رفضها الزواج منه، حسب ما صرح به أصدقاؤها وجيرانها، وحسب التحقيقات فإن مخدرات الشابو والإستروكس من أهم أسباب ارتكاب هذه الجرائم.
تسبب الحادث في صدمة للشارع المصري؛ فهي واقعة غير مسبوقة أيضاً، ولم يسبق لطالب جامعي أن ذبح زميلته أمام الجامعة، خاصة مع حالة التفاعل الكبيرة التي شهدتها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بعد الحادث المؤلم، وحالة الغضب التي انتابت رواد مواقع التواصل.
مهدئ الثيران الذي تحول إلى أخطر مخدر في مصر
نشرت جريدة الوطن المصرية أن التحقيقات الأولية في مقتل فتاة المنصورة أشارت إلى أن الطالب محمد عادل، ذا الأعوام الـ21، المتهم بقتل زميلته نيرة أشرف، التي عُرفت إعلاميًا بـ"طالبة المنصورة"، أقدم على الجريمة وهو تحت تأثير المخدر.
وأشارت التحريات الأولية، إلى أن المتهم يتعاطى مخدر الإستروكس، وسبق أن افتعل مع المجني عليها عدة مشكلات من قبل في الجامعة.
وفقاً لتقارير صحفية ومحاضر رسمية في النيابة العامة المصرية؛ فإن الإستروكس، والذي يطلق عليه متعاطوه مخدر الشيطان، من بين الأسباب الرئيسية لانتشار جرائم الاغتصاب والقتل والانتحار والسرقة.
ففي مدينة أوسيم الواقعة بمحافظة الجيزة؛ قام شخص بالإمساك ببندقية وأطلق النار على عدة أشخاص فقتل منهم 4، وثبت في تحقيقات النيابة أنه يتعاطى مخدر الإستروكس.
وفي واقعة احتراق جرار في محطة قطار رمسيس، أكبر محطة للقطارات في مصر، والذي تسبب في وفاة 22 شخصاً أثبتت التحقيقات أن المتهمين في القضية كانوا يتعاطون الإستروكس، ونشرت الصحافة المحلية العشرات من حوادث القتل والسرقة وقتل الآباء للأبناء والعكس بسبب الإستروكس.
جريمة الإسماعيلية.. الجاني يتعاطى الإستروكس
قبل عدة أشهر أصيب الشارع المصري بحالة من الذعر والرعب بعد مجزرة غير مسبوقة، وقعت في قلب مدينة الإسماعيلية، التي تبعد عن العاصمة المصرية القاهرة 127 كم، وذلك حينما قام الشاب عبد الرحمن، وشهرته دبور، بذبح رجل في الشارع أمام كل الناس، ولم يكتف بذلك، بل قام بقطع رأسه وفصلها عن جسده، وترجل بها أمام الجميع، وخلال التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في مصر ثبت أن المتهم يتعاطى مخدر الشابو أو الإيس.
أعشاب مخلوطة بمواد كيميائية
والإستروكس هو عبارة عن أعشاب البردقوش، يتم خلطها بالمواد الكيميائية لخلق المادة المخدرة، ويتم بيعها في أكياس بلاستيكية، والمادة الفعالة في الإستروكس تدخل إلى مصر عن طريق المعطرات الشعبية، وكانت تستخدم في تهدئة الثيران والأسود أثناء عروض السيرك.
وهي عبارة عن سائل يتم تحويله لرذاذ (سبراي)، يجري رشه على التبغ أو أي مادة عشبية كالبردقوش أو المرمرية، غير أن تقارير أخيرة لجهاز مكافحة المخدرات كشفت أنه في حال عدم وجود هذه المادة تلجأ مصانع محلية إلى خلط هذه الأعشاب بمواد عدة؛ منها بودرة طارد الحشرات وسم الفئران والكحول وغيرها من مواد مكافحة الحشرات، لصناعة هذا النوع من المخدرات.
ومن بين أخطر الأشياء التي يسببها مخدر الإستروكس أنه يتسبب في تآكل ملايين الخلايا العصبية من الجسم، ويؤدي إلى نوبات تشنجات.
تحكي بسمة محمد لـ"عربي بوست" حكاية شقيقها الذي يقيم بمنطقة الشرابية، وكان يعمل سائق توك توك، وكيف تحولت حياته وحياتهم إلى جحيم بعد إدمانه لمخدر الإستروكس، وتضيف: "كان أخي شخصاً طبيعياً، ويعمل على لقمة عيشه، وكان شخصاً مهذباً، وطيباً، ولكنه تحول إلى شخص آخر تماماً بعد تعاطيه للإستروكس، وأصبح دائم التعدي علي أنا وأمي، وسرق كل شيء من البيت لكي يدفع ثمن جرعات الإستروكس، وحررنا له محضراً وطردناه من البيت بعد أن أمسك بالسكين أكثر من مرة وحاول قتلنا".
وتتابع بحزن: "أصبحنا نتمنى أن نموت أو يموت هو؛ لأن حياتنا تحولت لجحيم بسبب هذا المخدر".
زيادة نسبة تعاطي المخدرات في مصر من 7 إلى 17٪
بدء الإستروكس في الظهور في مصر خلال السنوات الـ10 الأخيرة، ولكن زاد عدد متعاطيه بدرجة كبيرة للغاية خلال آخر 5 سنوات.
ووفقاً لمدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي بوزارة التضامن الاجتماعي المصرية؛ فإن نسبة تعاطي المخدرات في مصر قد زادت في السنوات الأخيرة من 7 إلى 17٪، وإن نسبة تعاطي المخدرات التخليقية، ومن أخطر أنواعها الشابو والإستروكس، قد زادت بشكل مخيف، على حد قوله. وأضاف عثمان في مداخلة عبر سكايب مع قناة الحياة اليوم أن نسبة تعاطي المخدرات بين طلاب الثانوي العام في مصر وصلت لـ7٪، وأشار إلى أن مراكز معالجة الإدمان تستقبل نحو 140 ألف مريض في السنة.
الشابو أخطر من الإستروكس
خلال السنوات الـ3 الماضية ظهر في مصر أنواع من المخدرات أكثر خطورة من الأستروكس، على الرغم من ارتفاع سعرها؛ إذ يبلغ سعر الجرام الواحد فيه ما يزيد عن 1500 جنيه، من بينها الشابو.
يُصنع مخدر الشابو من مادة الميثامفيتامين، ويكون على شكل بلورات صغيرة تتميز باللون الأبيض، وكان قد انتشر في فترة الحرب العالمية الثانية؛ إذ ساعد الجنود على الاستيقاظ لفترات طويلة، واستخدمه البعض لإنقاص الوزن وعلاج الاكتئاب وعلاج نقص الانتباه وفرط الحركة.
وانتقلت صناعته إلى اليابان والفلبين وكوريا الجنوبية وبعض الدول الآسيوية، ودول الخليج العربي وأوروبا وأمريكا.
يشعر متعاطي مخدر الشابو، عند التعاطي للمرة الأولى، بالمتعة والإثارة الشديدة، لكنه سرعان ما يبدأ في تدمير حياة الشخص ويحوله إلى مجرم وقاتل في أقرب وقت.
تقول ملك لـ"عربي بوست" إن أختها رحمة، والتي لا يزيد عمرها عن 19 عاماً قد تركت المنزل بعد إدمانها لمخدر الشابو، وإنها منذ أن جربته مرة واحدة أدمنته، وتفعل أي شيء مقابل الحصول على جرعة الشابو.
قيادي أمني سابق: الداخلية لا تريد القضاء على المخدرات
لواء سابق بوزارة الداخلية المصرية يقول لـ"عربي بوست" إن وزارة الداخلية لو كانت جادة في القضاء على المخدرات لفعلت ذلك في أقل من شهر.
وعن بعض المقترحات لتنفيذ خطة القضاء على المخدرات في مصر يقول المصدر الأمني: "يتم عمل خط ساخن للإبلاغ عن المخدرات، وعمل مكافآت قيمة لمن يبلغ عن تجار المخدرات، وتصفية جسدية لتجار المخدرات".
وفقاً لتقرير صدر عن مركز بصيرة التابع لمجلس الوزراء؛ فإن حجم تجارة المخدرات في مصر عام 2016 وصل لـ40 مليار جنيه، ومع تضاعف نسبة تعاطي المخدرات في مصر فإن الرقم مرشح للتضاعف عدة مرات.