حملت الانتخابات البرلمانية الفرنسية، التي أجريت الأحد 19 يونيو/حزيران 2022، الكثير من المفاجآت في نتائجها، من بينها انتخاب عاملة النظافة السابقة، راشيل كيكي، نائبة في البرلمان الفرنسي.
تنتمي راشيل إلى تحالف اليسار، وحققت فوزاً لافتاً على وزيرة الرياضة السابقة، روغزانا مارسيننو، مرشحة حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
بذلك أصبحت راشيل، البالغة من العمر 48 عاماً، أول عاملة نظافة تصل إلى البرلمان (الجمعية الوطنية) في فرنسا.
هذه السيدة التي ولدت في ساحل العاج، كانت قد عملت لسنوات عدة عاملة نظافة في فنادق بالعاصمة الفرنسية باريس، وفقاً لما ذكرته قناة "فرانس 24" الفرنسية، التي أشارت إلى أن راشيل تنطبق عليها مقولة "الطموح ليس له حدود".
راشيل عُرفت باعتبارها الشخصية التي كانت وراء الإضراب التاريخي الذي نظمته عاملات النظافة في فندق "إبيس" من يوليو/تموز 2019 إلى مايو/أيار 2022، وهو أطول إضراب شهدته فرنسا في هذا القطاع.
رفعت راشيل وزملاؤها عدة مطالب آنذاك، من بينها رفع الأجور، وتقليص ساعات العمل، فضلاً عن منح العاملات حقوقاً أخرى، كدفع نصف ثمن وجبات الغذاء وبطاقة المواصلات من قِبل الشركة.
تميزت راشيل بأنها للمرة الأولى تدخل عالم السياسة والانتخابات البرلمانية، وكانت قد حظيت بشعبية بين الفرنسيين منذ أن تم الإعلان عن ترشحها، وقبل أن تصل إلى فرنسا، لم تكن السيدة تفكر في الدخول بطريق النضال السياسي.
كانت راشيل شابة خجولة، وعندما كان عمرها 12 عاماً تعرضت لهزة عندما فقدت والدتها، وأصبحت تهتم بإخوتها الأربعة في ساحل العاج.
تُشير "فرانس 24" إلى أنه بعد الانقلاب العسكري الذي شهدته ساحل العاج عام 1999، جاءت راشيل إلى العاصمة باريس، وعملت في قطاعات عديدة في البداية، مثل بائعة في المراكز التجارية ومساعدة للمسنين.
عانت راشيل خلال عملها في فندق "إبيس"؛ حيث كانت تقوم بتنظيف وتجهيز أكثر من أربعين غرفة كل يوم، مقابل راتب لا يتعدى 1300 يورو شهرياً، ونتيجة لشعورها بالظلم والاستغلال تحركت رفقة آخرين لتنفيذ إضراب كانت له نتائج إيجابية، من بينها زيادة الرواتب.
في تصريحات سابقة لها، قالت راشيل إنها "لم تكن تفكر ولو يوماً واحداً أن تدخل المعترك السياسي، بحثاً منها أن تصبح ممثلة للفرنسيين، وأن تدافع عن مصالحهم وحقوقهم في الجمعية الوطنية الفرنسية المقبلة في حال فازت بالانتخابات".
كانت راشيل قد تلقت عروضاً من قِبل أحزاب كثيرة، قبل أن تنخرط في "الاتحاد الشعبي" تحت قيادة ميلنشون، وقالت لإذاعة "فرانس أنفو": "عندما اقترحوا عليّ الفكرة، قلت لهم لا أعرف كيف أمارس السياسة ولا أستطيع حتى أن أفرق بين النائب المنتخب والمناوب".
من بين القضايا التي تريد الدفاع عنها راشيل، قضية التربية والتعليم، لا سيما في الأحياء الشعبية والفقيرة، فهي تعتبر أن ابنها "كان من المفترض أن يكون مهندساً لكنه لم يتمكن من ذلك، واليوم يقوم بإيصال الوجبات الغذائية السريعة إلى الزبائن ويرفض العودة إلى مقاعد الدراسة".
لا تخجل راشيل من كونها عملت في التنظيف، وقالت في تصريح لقناة "بي إف إم" إنها "لا تنزعج من تقديم وسائل الإعلام لها بصفتها عاملة نظافة في فندق".
يُشار إلى أن الانتخابات البرلمانية الفرنسية شهدت خسارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للأغلبية المطلقة في البرلمان، وأظهرت الأرقام النهائية الصادرة عن وزارة الداخلية الفرنسية أن معسكر ماكرون المنتمي لتيار الوسط حصل على 245 مقعداً فقط، من أصل 577 في الانتخابات البرلمانية؛ إذ يتطلب الحصول على الأغلبية المطلقة الحصول على 289 مقعداً، وفقاً لما أوردته وكالة رويترز.
المفاجأة الأخرى التي حملتها النتائج، تحقيق حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، بزعامة مارين لوبان، انتصاراً تاريخياً بعد حصوله على 89 مقعداً، حسب تقديرات أولية أوردتها محطة "فرانس 24″، وهي نتيجة لم يسبق أن حققها هذا الحزب منذ تأسيسه في مطلع سبعينيات القرن الماضي.