قال مسؤولون ليبيون لوسائل الإعلام إن إنتاج النفط الليبي يكاد يتوقف بالكامل، بسبب الجمود السياسي الذي تشهده البلاد. ويأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه المخاوف العالمية بشأن الاضطراب في إمدادات النفط الخام، والتي تعاني بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا.
صحيفة The Washington Post الأمريكية قالت الأربعاء 15 يونيو/حزيران 2022، إن وزارة النفط والغاز الليبية أخبرت منافذ إخبارية هذا الأسبوع، بأن إنتاج البلاد من النفط انخفض بأكثر من 85% من معدله.
حيث قالت وكالة Reuters إن إنتاج النفط الليبي يتراوح الآن بين 100 ألف و150 ألف برميل يومياً، وهو انخفاض مذهل إذا قيس إلى 1.2 مليون برميل نفط كانت تنتجها ليبيا يومياً خلال العام الماضي.
يأتي انخفاض الإنتاج الليبي في وقتٍ ارتفعت فيه أسعار النفط ارتفاعاً صاعقاً، واشتدت فيه حاجة الأسواق العالمية إلى إمدادات النفط، وتستميت فيه أوروبا للبحث عن بدائل للطاقة الروسية من الدول المنتجة للطاقة في إفريقيا ودول البحر المتوسط.
يعود حصار المنشآت النفطية الليبية إلى التنافس السياسي بين فصيلين رئيسيين في البلاد للسيطرة على الحكومة الليبية. إذ يرفض عبد الحميد الدبيبة، رئيس الوزراء الذي تولى منصبه بإجراءات دعمتها الأمم المتحدة ويتخذ من طرابلس مقراً له، تسليمَ السلطة إلى فتحي باشاغا، الذي اختاره برلمان شرق البلاد رئيساً للوزراء في مارس/آذار ويدعمه ما يُعرف بالجيش الوطني الليبي، بقيادة اللواء خليفة حفتر.
بينما تسيطر مجموعة حفتر على العديد من حقول النفط الليبي الرئيسية ومحطاته في البلاد. وذكرت وكالة Bloomberg أن مجموعات من المحتجين أغلقت حقلي نفط بارزين في أبريل/نيسان، وهو ما أدى إلى انخفاض إنتاج البلاد بنصف معدله، ليصل إلى 600 ألف برميل يومياً آنذاك.
كما أشارت وكالة Reuters إلى أن عمليات الإغلاق المستمرة يبدو أنها من عمل محتجين محليين يطالبون الدبيبة بتسليم السلطة، بناءً على طلب من "الجيش الوطني الليبي" الذي يقوده حفتر.
فيما أصدر محتجون في ميناء الزويتينة النفطي مقطع فيديو تضمن بياناً يطالبون فيه بعزل الدبيبة وإقالة مصطفى صنع الله، رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، لأن المؤسسة ترسل عائدات النفط إلى الدبيبة.
بينما قال أنس القماطي، مدير معهد "صادق" لشؤون السياسة العامة في ليبيا، إن حفتر يستخدم رجال القبائل لإغلاق المنشآت النفطية، ويرمي بذلك إلى تجفيف منابع حكومة الوحدة التي تدعمها الأمم المتحدة في طرابلس، فضلاً عن الضغط على الولايات المتحدة وأوروبا لإجبارهما على التخلي عن دعم الحكومة المنافسة لحفتر.
لكن ليست هذه أول مرة يستخدم فيها حفتر هذا الأسلوب للضغط على القوى الدولية، فقد سبق أن فرض حصاراً على إنتاج النفط الليبي في عام 2020 للضغط على منافسيه خلال محادثات السلام، وأدى استمرار هذا الحصار طيلة شهور إلى تكبيد البلاد خسائر مالية فادحة.
حيث أشار القماطي إلى أنه "من الجدير الذكر أن مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية الذين يعملون إلى جانب قوات حفتر منذ عام 2019 يتمتعون بنفوذ كبير في بعض المنشآت النفطية الليبية منذ عام 2020".
كما أضاف أن روسيا تستفيد [من حصار النفط الليبي]، لأن أوروبا ستبقى معتمدة على الطاقة الروسية، ولن تجد عنها بديلاً في دول البحر المتوسط".
لم يتسنَّ الاتصال بوزارة النفط والغاز الليبية للتعليق. لكن الوزارة أكدت في منشور صادر على صفحتها السبت 11 يونيو/حزيران، أن إقفال الحقول والموانئ النفطية يلحق أضراراً مباشرة بالمصلحة الوطنية للبلاد، وبما يتطلع إليه الليبيون من تحسين لأوضاعهم المعيشية.