قال ثلاثة مسؤولين لبنانيين لـ"رويترز"، الإثنين 13 يونيو/حزيران 2022، إن بيروت تستعد لتقديم "حل وسط" للمبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين، من أجل إزالة الخلاف مع إسرائيل بشأن موارد الغاز البحري المتنازع عليه.
وكانت الحكومة اللبنانية اعترضت على وصول سفينة تنقيب إلى حقل غاز قبالة الساحل لتطوير منصة تنقيب تعرف باسم "كاريش"، تقول تل أبيب إنها تقع ضمن حدودها.
ويرفض لبنان محاولة إسرائيل بدء التنقيب عن الغاز في حقل كاريش قبل اختتام المحادثات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين الطرفين، بينما تصر إسرائيل على أن الحقل يقع داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة.
المطالبة باستئناف المحادثات
حسب المسؤولين اللبنانيين، فإن الحكومة تخطط للتخلي عن المطالبة بما يعرف بالخط 29 من الحدود المائية بين الجانبين، ويشمل حقل كاريش.
وفشلت المحادثات العام الماضي دون التوصل إلى حل، بينما وسعت بيروت المساحة التي تطالب بها بنحو 1400 كيلومتر مربع في المنطقة المتنازع عليها من الحدود المعروفة باسم "الخط 23" جنوباً إلى "الخط 29".
وتعتبر الولايات المتحدة أن الخط 29 "لن يقود إلى حل"، وفقاً للمصادر.
يُشار إلى أن المبعوث الأمريكي هوكشتاين وصل إلى لبنان، الإثنين، بعد دعوة تلقاها من الحكومة اللبنانية، ومن المقرر أن يلتقي الرئيس ميشال عون، الثلاثاء، وسيقترح "الخط 23، إضافة إلى المزيد قليلاً".
وحدد أحد المسؤولين أن موقف عون سيكون المطالبة بالخط 23، إضافة إلى الـ300 كيلومتر مربع التي تشمل حقل قانا، لكن ليس "كاريش".
كان هوكشتاين اقترح مسبقاً مبادلة ميدانية من شأنها إنشاء حدود على شكل حرف إس بدلاً من خط مستقيم، لكن لبنان لم يوافق رسمياً على الاقتراح، بحسب مصادر رسمية لرويترز.
"لا يمكن الإصرار على الخط 29"
من جانب آخر، قال اثنان من المسؤولين إن عون سيطالب باستئناف المحادثات غير المباشرة في أسرع وقت ممكن، وبأن توقف إسرائيل جميع الأعمال في "كاريش" إلى حين انتهاء المفاوضات.
وقال النائب مارك ضو، الذي زار عون، الإثنين، ضمن مجموعة من البرلمانيين المستقلين، إن الرئيس أبلغ النواب أنه "لا يمكنه الإصرار على الخط 29" كنقطة انطلاق.
وأضاف ضو لـ"رويترز": "أبلغنا الرئيس عون أن لبنان ليست لديه الأسس الفنية لبناء قضية للخط 29، لأن الحكومات السابقة فشلت في تقديم وثائق رسمية للحفاظ على هذا الموقف".
وقال آلان عون، النائب عن التيار الوطني الحر الذي أسسه الرئيس، إن لبنان سيقدم "عرضاً مضاداً" لاقتراح هوكشتاين لكنه لم يذكر تفاصيل.
والتقى هوكشتاين مع وزير الطاقة المؤقت وليد فياض ونائب رئيس البرلمان إلياس بو صعب، الإثنين، لكنه لم يدلِ بتصريحات علنية.
تهديدات إسرائيلية بضرب لبنان
في السياق ذاته، أثارت تصريحات لرئيس الأركان الإسرائيلي، أفيف كوخافي، الأحد 12 يونيو/حزيران، جدلاً كبيراً بعد تهديده بضرب أهداف في لبنان "تشمل مقرات القيادة والقذائف الصاروخية".
ولفت كوخافي، خلال كلمة في المؤتمر الوطني للجبهة الداخلية، إلى أنهم حددوا بالفعل "آلاف الأهداف" التي سيتم تدميرها في لبنان، حال نشوب حرب بين الجانبين.
المسؤول الإسرائيلي توعد بأنه إذا نشبت الحرب مع لبنان، فإن الجيش الإسرائيلي سيقصف بشكل "مدمر وواسع".
وأضاف أن "كل الأهداف موجودة ضمن خطة الهجوم لاستهداف مقرات القيادة الصاروخية والراجمات ومزيد من الأهداف"، مردفاً: "كل ذلك سيتم ضربه في لبنان".
ولوَّح كوخافي باحتمالية نشوب حرب مع لبنان، لافتاً إلى أن تل أبيب سترسل "تحذيراً مسبقاً لسكان الحدود اللبنانية كي يغادروا قبل اندلاع الحرب".
وقال رئيس الأركان الإسرائيلي موجهاً كلامه إلى اللبنانيين: "أنصحكم بالمغادرة ليس مع بداية الحرب، بل مع بداية التوتر وقبل إطلاق الرصاصة الأولى، لأن قوة الهجوم ستكون بشكل غير مسبوق".
توتر بسبب الحدود المائية
يُشار إلى أن الحدود بين إسرائيل ولبنان تشهد توتراً تصاعد في الآونة الأخيرة، بشأن أزمة التنقيب عن الغاز في حقل "كاريش" الذي يقع ضمن مياه متنازع عليها بين الجانبين.
والأربعاء 8 يونيو/حزيران الجاري، قال مسؤولون إسرائيليون إن منصة التنقيب عن الغاز الإسرائيلية "كاريش" تقع داخل الأراضي الإسرائيلية، عكس ما تصفه لبنان بالمنطقة المتنازع عليها، حسب صحيفة Haaretz.
وحذّر لبنان إسرائيل من بدء التنقيب في حقل كاريش، وأضاف الرئيس ميشال عون أنَّ مفاوضات الحدود البحرية لم تنتهِ، وأن أي تحرك من جانب إسرائيل سيعتبر "عملاً استفزازياً وعدائياً".
واتهم عون ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي، إسرائيل، بانتهاك سيادة لبنان على مياهه الإقليمية، بعد أن دخلت الحفارة المنطقة الحدودية المتنازع عليها.
منذ عام 2000، كانت هناك مفاوضات متقطعة بوساطة أمريكية حول المنطقة، لكن إسرائيل تصرّ على أنَّ موقع الحفارة ليس في المنطقة المتنازع عليها، رغم معارضة لبنان.
ويعترض لبنان على محاولات التنقيب الإسرائيلية في المياه المتنازع عليها بين الجانبين، واحتج دولياً مؤخراً من أجل منع إسرائيل من بدء التنقيب.
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2021، خاض الجانبان اللبناني والإسرائيلي 5 جولات محادثات، حول المنطقة المتنازع عليها، حتى مايو/أيار الماضي، برعاية أممية وأمريكية، قبل أن يتم تعليق المفاوضات، حيث لم تحرز أي تقدم.