خوفاً من التأثير الذي قد يطال إنتاج ليبيا من النفط والغاز بسبب نزاع السيطرة على العائدات؛ تحاول الولايات المتحدة يائسة إيجاد حل، تماماً كما تسعى أوروبا جاهدة لفطم نفسها عن النفط والغاز الروسيين.
ففي 6 يونيو/حزيران 2022 في تونس، أوضح السفير الأمريكي ريتشارد نوردلاند الخطط الأولية لإنشاء "لجنة ليبيا الخاصة للرقابة"، لمجموعة العمل الاقتصادية حول ليبيا، التي تشارك الولايات المتحدة في رئاستها مع بعثة الأمم المتحدة في ليبيا والاتحاد الأوروبي ومصر.
خطة أمريكية للإشراف على عائدات النفط الليبية
ستضمن هذه الهيئة الجديدة أنَّ عائدات النفط والغاز التي حققتها مؤسسة الوطنية للنفط الليبية تُنفَق على الاحتياجات العامة الأساسية، مثل الرواتب وواردات الأغذية والأدوية والإبلاغ عنها بشفافية. وستشترك السلطات الليبية الرئيسة في "لجنة ليبيا الخاصة للرقابة"، لكن ستديرها شركة تدقيق خاصة، وذلك وفق تقرير نشره موقع Africa Intelligence الفرنسي، يوم الجمعة 10 يونيو/حزيران 2022
كذلك ومنذ عدة أشهر، حاولت واشنطن منع السيطرة على عائدات النفط المفاجئة من الوقوع فريسة للمصالح السياسية. وتنبع المبادرة الجديدة من الأزمة التي اندلعت في أبريل/نيسان 2022، عندما أفرج رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، عن 6 مليارات دولار للحكومة المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مقابل ضمان دفع المبلغ المعادل بالدينار لصيانة بنيتها التحتية.
تفسيراً لهذا الإجراء على أنه دعم للدبيبة، لم يتقبل المعسكر الشرقي الليبي، الذي عيّن فتحي باشاغا خلفاً له في رئاسة الوزراء، هذا الصرف بصدر رحب، ثم سمح الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، ناهيك عن تشجيعه، للمتظاهرين بإغلاق حقلي الفيل والشرارة. وانخفض الإنتاج الوطني مما يزيد قليلاً عن مليون برميل يومياً إلى 800 ألف برميل يومياً. واهتزت واشنطن من الحدث، خاصةً أنَّ ريتشارد نورلاند، المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا، أعطى الضوء الأخضر في البداية لعملية التحويل التي أشعلت الأزمة.
السفارة الأمريكية ستشرف على عائدات النفط الليبي
صاغ المشروع، الذي أُعلِنَت خطوطه العريضة في 6 يونيو/حزيران 2022، قسم الاقتصاد في السفارة الأمريكية، بمساعدة شركة Pragma Corp. وقد سبق للشركة وضع خطة حول إدارة المالية العامة الليبية لوكالة التنمية الأمريكية.
في مخطط مشروعها، تقترح Pragma Corp أن تضم "لجنة ليبيا الخاصة للرقابة" في عضويتها ديوان المحاسبة الليبي، وهيئة الرقابة الإدارية، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، والمجلس الرئاسي الليبي ووزير المالية واللجنة المالية في مجلس النواب في طبرق (شرق). ويتعين على هذه الهيئات إبلاغ سفارة الولايات المتحدة وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بممثليها قبل 15 يونيو/حزيران.
كما تنص الخطة الأمريكية على أن تتولى إدارة "لجنة ليبيا الخاصة للرقابة" شركة تدقيق مستقلة خاصة، يختارها ديوان المحاسبة برئاسة خالد شكشك. وبالإضافة إلى تقديم المساعدة الفنية إلى لجنة ليبيا الخاصة للرقابة، سيكون هذا المزود الخاص مسؤولاً أيضاً عن ضمان الاستخدام السليم للأموال، وتسهيل "عمليات التدقيق السريع" التي يجريها ديوان المحاسبة الليبي، وتقديم المشورة لمصرف ليبيا المركزي، الذي عارض محافظه، الصديق عمر الكبير، عدة مرات رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، في مسألة تخصيص الأموال. وحتى إنشاء لجنة ليبيا الخاصة للرقابة فعلياً، ستظل أموال المؤسسة الوطنية للنفط مجمدة في حسابها في البنك الليبي الخارجي.
شركات لها علاقة بالملف الليبي
في حين يتمثل التحدي التالي في العثور على شركة تدقيق لديه القدرة على تولي مثل هذه المهمة. وستُطلَق دعوة مقيدة لتقديم العطاءات للعثور على المرشح المناسب، التي قالت شركات KPMG و PwC و Deloitte ، وربما EY، إنها مهتمة بالاستجابة لها.
حيث عملت جميع الشركات الأربع على قضايا ليبية معقدة من قبل؛ ففي عام 2021، أجرى مكتب Deloitte السويسري مراجعة حسابات البنك المركزي الليبي، والبنك المركزي "الموازي" في شرق ليبيا لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. والتقرير الذي أعقب ذلك كان بمثابة أساس "لإعادة التوحيد" بينهما، والمحادثات جارية على قدم وساق. وساعدت شركة EY البنك الليبي الخارجي على تتبع الاستثمارات المشبوهة التي حدثت خلال عهد القذافي، والتي أدت إلى خسائر فادحة.
من جانبها، أشرفت شركة PwC على عملية تدقيق حساسة للغاية في مليارات الدولارات التي أُنفِقَت على الرعاية الطبية لليبيين في الخارج وسط شبهات بالاختلاس. وتعمل شركة KPMG لصالح المؤسسة الوطنية للنفط الليبية منذ سنوات عديدة.