خلص تقرير صدر حديثاً إلى أن مئات الآلاف من القطع الأثرية سُرقت من دول الشرق الأوسط خلال العقد الماضي، والأدهى أن أموال بيع هذه الكنوز المنهوبة استُخدمت في تأجيج الصراعات الجارية في المنطقة، حسب ما نشره موقع Middle East Eye البريطاني.
جاء التقرير من إعداد برنامج "دوكيت" The docket، وهي مبادرة أنشأتها "مؤسسة كلوني للعدالة"، ويعمل فريق البرنامج في مجال جمع الأدلة اللازمة لبدء الملاحقات القضائية والدعاوى المدنية ضد المتورطين في الجرائم الدولية، والعمل على تمثيل ضحايا هذه الجرائم في سعيهم للإنصاف وتحقيق العدالة.
قال فريق "دوكيت" إنهم تعقبوا 300 حالة سرقة لقطعٍ أثرية من ليبيا واليمن وسوريا والعراق، نُهبت فيها هذه القطع من متاحف ومواقع أثرية وجامعات ومواقع دينية، وقد هُرِّبت هذه التحف عبر نقاط العبور بين الدول وبيعت لمن يدفع أعلى سعر.
آنيا نيستات، مديرة الشؤون القانونية في "دوكيت"، قالت في التقرير: "كثيراً ما يُنظر إلى نهب الآثار على أنه جريمة لا ضحايا لها، لكن الواقع يجزم بخلاف ذلك. فنهب القطع الأثرية الثقافية له آثار مدمرة مادياً واجتماعياً، وبيع الآثار خلال النزاعات يمكِّن الجماعات المسلحة من الحصول على الأموال للاستمرار في الصراع والإرهاب وارتكاب مختلف الجرائم ضد المدنيين".
فيما أشار الباحثون في التقرير إلى أن سوريا سُرق منها 40 ألف قطعة أثرية على الأقل، أما اليمن فنُهب منه قرابة 150 ألف قطعة أثرية، وكشف التقرير أيضاً أن تنظيم الدولة (داعش) سرق عدداً كبيراً من القطع الأثرية من شمال العراق، وفي ليبيا سُرقت ممتلكات ثقافية في عدد من المواقع الدينية المرتبطة بالطرق الصوفية.
وقالت نيستات، مديرة الشؤون القانونية ببرنامج دوكيت، خلال مؤتمر صحفي أُقيم في واشنطن يوم الأربعاء 8 يونيو/حزيران: "كانت داعش منظمة شديدة التنظيم والتعقيد، وقد كان لديهم قسم خاص للآثار".
فيما كشفت صور الأقمار الصناعية التي حصل عليها فريق "دوكيت"، عن عدة مواقع في العراق وسوريا شهدت التنقيب عن الآثار وسرقتها، ومنها موقع "تل البيعة" الأثري في محافظة الرقة شمال سوريا.
وأشار التقرير إلى أن "الإمارات، ولا سيما دبي، نقطة عبور بارزة تُنقل عبرها القطع الأثرية الآتية من مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى أوروبا، وفيها تجري عمليات غسل الأموال" وتمويه مصدر القطع الأثرية، و"الموانئ الحرة -خاصة التي تضم مستودعات معفاة من الضرائب أُنشئت لتخزين البضائع مؤقتاً- لها دور بارز في سيرورة الاتجار الدولي بالآثار المنهوبة".
وتواصل موقع Middle East Eye مع سفارات الدول المعنية في الولايات المتحدة، لكنه لم يتلقَّ أي رد حتى وقت النشر. ورفضت السفارة التونسية بواشنطن التعليق على ما ورد في التقرير، قائلة إنها ستتواصل مع "الجهات المختصة".
كما زعم التقرير أن القطع الأثرية المسروقة تبلغ قيمتها الإجمالية عشرات الملايين من الدولارات، وفي حين أن "التقديرات الواردة حول الأموال التي تجنيها الجماعات المسلحة في المنطقة تتفاوت، إلا أن معظم الباحثين يجمعون على أن الآثار المنهوبة أصبحت مصدر تمويل بملايين الدولارات لكثير من الجهات الحكومية وغير الحكومية".
حثَّ الباحثون في التقرير المسؤولين والسلطات في الولايات المتحدة وأوروبا، وكذلك في الأمم المتحدة، على التحقيق في شبكات تهريب الآثار وطرق نقلها وعبورها إلى الخارج، وطالبوا بأن تنظر سلطات إنفاذ القانون في الأدلة التي توصلوا إليها.
وقالت نيستات في معرض تلخيصها للتقرير: "على الدول أن تحاسب الأفراد والشركات المتورطة في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وفظائع الإبادة الجماعية، ويشمل ذلك جرائم الاعتداء على التراث الثقافي ونهبه".