ترى القيادة الفلسطينية أن إدارة بايدن تمتنع عن الضغط على الاحتلال الإسرائيلي للوفاء بالتزاماته تجاه الفلسطينيين؛ وذلك حتى لا تُزعزع استقرار حكومة بينيت.
إذ قال مسؤولٌ فلسطينيٌّ بارز لصحيفة Haaretz الإسرائيلية، الخميس 2 يونيو/حزيران 2022: "لم نشهد إحراز أي تقدم تقريباً. ولا نرى سوى التصعيد. ولا نسمع من الأمريكيين سوى أن علينا الانتظار، لأن موقف بينيت ولبيد معقد".
خيبة أمل فلسطينية
في حين أعرب المسؤولون الفلسطينيون عن خيبة أملهم خلال المحادثات الأخيرة مع دبلوماسيين غربيين وعرب، قبل أيامٍ من زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لمنطقة الشرق الأوسط.
حيث أفاد عددٌ من المسؤولين الفلسطينيين البارزين بأن الرئيس محمود عباس وكبار الشخصيات طالبوا بتدابير بناء الثقة والمساعدات المالية في مايو/أيار عام 2021، خلال المحادثات التي جرت مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
كان المطلب الرئيسي هو إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، والتي أُغلِقت في عهد إدارة ترامب. أما المطلب الآخر فكان إعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، والذي أُغلق بأوامرٍ من دونالد ترامب أيضاً.
في حين طلب المسؤولون الفلسطينيون كذلك أن تبذل الولايات المتحدة جهوداً أكبر لوقف التوسع الاستيطاني وتقليص نطاق أنشطة جيش الاحتلال في المنطقة "أ" بالضفة الغربية، وتضمنت المطالب الأخرى الإفراج عن بعض السجناء الذين قال الاحتلال إنه سيُفرج عنهم قبل عقدٍ مضى، واستعادة الوجود الفلسطيني في معبر الكرامة.
فيما أكد مسؤولٌ فلسطينيٌ بارز قائلاً: "لم نطلب شيئاً جديداً. وكل المطالب مبنيةٌ على الاتفاقيات السابقة والمعاهدات المُوقّعة"، مضيفاً: "حكومة بينيت لا تستطيع اتخاذ أي خطوات حقيقية".
تشكيل حكومة جديدة
بعد تولي بايدن إدارة البلاد، طلب المسؤولون الأمريكيون في البداية من الفلسطينيين أن ينتظروا تشكيل حكومة الاحتلال الجديدة، التي أدت القَسم منذ عامٍ كامل.
حيث يقول أحد المسؤولين الفلسطينيين إن "الأجواء اتسمت بالإيجابية والتفاؤل حين حدث ذلك. إذ زار عباس منزل وزير الدفاع غانتس.
كما التقت شخصياتٌ فلسطينية بارزة بغانتس ويائير لبيد، مثل أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ ورئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج. وأُعيد فتح قنوات الاتصال المباشر بين الطرفين".
لكن المسؤول أوضح أن تدابير إعادة الثقة لم تُترجم عملياً على أرض الواقع، باستثناء ترقية شبكة الهاتف المحمول في الضفة الغربية والسماح للفلسطينيين في الضفة بزيارة أقاربهم من الدرجة الأولى في قطاع غزة.
فيما شدّد الفلسطينيون على أهمية التدابير التي طلبوها في كل تواصلٍ مع إدارة بايدن تقريباً وفقاً للمسؤول، لكن "الإجابة التي حصلنا عليها هي أن حكومة بينيت لا تستطيع اتخاذ أي خطوات حقيقية قبل تمرير الميزانية في نوفمبر/تشرين الثاني 2021".
كانت السلطة الفلسطينية تأمل تغيير الأوضاع بعد تمرير الميزانية، التي كان يُفترض أن تمنح حكومة الاحتلال شيئاً من الاستقرار، لكن النتيجة كانت مزيداً من خيبة الأمل.
إذ قال مسؤول فلسطيني بارز: "شهدنا في الأسابيع الأخيرة توغلات في كل المدن الفلسطينية بصفةٍ يومية. وقُتِل العشرات منذ مطلع 2022 ، وبينهم الصحفية شيرين أبو عاقلة. كما يجري إصدار تراخيص للمستوطنات، فضلاً عن التشريع الجديد المناهض للعلم الفلسطيني".
أردف أن إدارة بايدن امتنعت رغم ذلك عن الضغط على الاحتلال للتحرك. وترى القيادة الفلسطينية أن إدارة بايدن لا يهمها سوى نجاة حكومة بينيت في المقام الأول، لهذا ترغب في تجنب أي صدمات من شأنها التأثير على تحالف بينيت-لبيد.
فتح قنصلية في القدس
أوضحت إحدى الشخصيات الغاضبة في القيادة الفلسطينية أنهم حين طالبوا بإعادة فتح القنصلية في القدس؛ رد المسؤولون الأمريكيون بأن المسألة في انتظار "قرار بينيت".
في السياق ذاته لا يحمل الفلسطينيون أي آمال مرتبطة بزيارة بايدن للمنطقة في وقتٍ لاحق من شهر يونيو/حزيران 2022، حيث قال أحد المسؤولين: "الانطباع العام هو أن إدارة بايدن لا ترغب في تقديم شيء، ليس في المستقبل القريب على أقل تقدير".
في الوقت ذاته، يزيد انتقاد الفلسطينيين العاديين لقيادتهم. إذ يرى كثير منهم أنها لا تضغط على الاحتلال والولايات المتحدة بالشكل الكافي.
كما انشغلت رام الله مؤخراً بفكرة أن بايدن قد يضغط من أجل تطبيع العلاقات بين الاحتلال والسعودية، دون اعتبارٍ للقضية الفلسطينية.
حيث أفادت مصادر إسرائيلية لصحيفة Haaretz بأن أحد المقترحات التي يجري نقاشها ستؤدي إلى فتح خطوط رحلات جوية مباشرة بين تل أبيب وجدة، من أجل السماح للحجيج المسلمين بالسفر من الداخل المحتل والضفة الغربية لتأدية فرائضهم.
حيث قالت المصادر إن منصور عباس، رئيس ائتلاف القائمة العربية الموحدة، تقدم بطلبٍ مماثل أثناء المحادثات مع وزير الخارجية لبيد. وأردف أحد مصادر الصحيفة: "تعتبر هذه القضية بالغة الأهمية بالنسبة لمنصور عباس، الذي يُثيرها في كل حديثٍ ممكن. وسوف يُنسب إليه الفضل في حال حدوث ذلك أيضاً. إذ يُدرك عباس والفلسطينيون أنه لا مجال لتحقيق أي تقدم في هذه المرحلة".