توافقت الأردن والإمارات ومصر على زراعة القمح والشعير والذرة، ضمن مشاريع مشتركة تخص الأمن الغذائي بين الدول الثلاث، وسط تذبذب حاد في سلاسل إمدادات الحبوب عالمياً، بسبب الأزمة الأوكرانية.
إذ قال وزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني، يوسف الشمالي، الخميس 2 يونيو/حزيران 2022، إن جزءاً من المشاريع التي تعمل عليها البلدان الثلاثة "بشكل فوري هي مشاريع الأمن الغذائي، هناك توافق بين الدول الثلاث لزراعة عدد من المحاصيل الزراعية الملحة، وهي القمح والشعير والذرة".
الأمن الغذائي أولية للدول
أضاف المسؤول الأردني لقناة "المملكة" شبه الرسمية، أن زراعة المحاصيل الثلاثة تأتي ضمن المشاريع المشتركة في الأردن ومصر "وسيكون هناك استثمار إماراتي في هذا الشأن".
كما أوضح الشمالي: "هناك مشروع آخر مهم في عملية تكاملية، يتمثل في استيراد الأمونيا من مصر، والغاز من الإمارات لإنتاج أسمدة من شركة الفوسفات والبوتاس الأردنية، ويتم بيعها لهذه الدول، والفائض منه سيتم بيعه إلى الدول الأخرى".
يأتي ذلك بعد أن أطلقت الإمارات، الأحد 29 مايو/أيار الماضي، "الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة"، وتجمع كلاً من الأردن ومصر إلى جانب الإمارات.
وفق ما ذكرته وكالة الأناضول، ستركز الشراكة الصناعية الجديدة على قطاعات الزراعة والتكنولوجيا المتقدمة، وتوظيف الموارد والقدرات وتعزيز الشراكات الدولية والإقليمية.
كما ستعمل الدول الثلاث على تطوير صناعات تنافسية ذات مستوى عالمي، وتحقيق سلاسل توريد مضمونة ومرنة، وكذلك تحقيق نمو قائم على الاستدامة، وتعزيز تكامل سلاسل القيمة والتجارة بين الدول الثلاث.
تعطل شحنات الحبوب الأوكرانية
الأسبوع الماضي قالت تقارير إعلامية غربية إن سيطرة روسيا على جزيرة الأفعى، وهي مساحة صغيرة من اليابسة قبالة الساحل الغربي لأوكرانيا، تسهم في تعزيز سيطرتها على البحر الأسود، ما يمنع السفن الأوكرانية من إيصال حبوب البلاد الحيوية إلى مصر والجزائر وليبيا وغيرها.
حيث يُنظَر إلى جزيرة الأفعى باعتبارها محورية بالنسبة للحصار الروسي لمدينة أوديسا، والتي تمثل ميناءً أوكرانياً رئيسياً لتصدير الحبوب والسلع الأخرى، إذ توفر الجزيرة قاعدةً بحرية غير قابلة للغرق، وإن كانت ثابتة لأسطول البحر الأسود، وذلك وفق ما نشرت مجلة Forbes الأمريكية في تقرير لها، يوم السبت 28 مايو/أيار الماضي.
يُبقي هذا شحنات الحبوب الأوكرانية عالقة في أوديسا، ويمنع وصول المواد الغذائية التي تحملها إلى الموانئ في إفريقيا والشرق الأوسط، وهي خسارة بالنسبة للبلدان المستوردة للحبوب، يفاقمها التراجع في صادرات الحبوب الروسية نتيجة العقوبات، وارتفاع تكاليف التأمين على التجار. ويؤدي تلغيم الأوكرانيين لموانئهم لأغراض دفاعية إلى تعقيد نشاط الشحن بصورة أكبر.
في شهادة أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في وقتٍ سابق، قال الجنرال كريستوفر كافولي (القائد المحتمل للقيادة الأمريكية في أوروبا) للسيناتورات، إنَّ الفاعلين الإقليميين أمثال جماعة بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" سيسعون لاستغلال نقص الغذاء لصالحهم.
معاناة دول عربية من الحرب
كانت مصر وتونس وليبيا والجزائر من بين أكبر مستوردي الحبوب الأوكرانية في عام 2020. وللمفارقة احتلت الصين المرتبة الأولى في الاستيراد من أوكرانيا، التي توفر 10% من صادرات الحبوب العالمية. وفي غياب المساهمة الأوكرانية ستُجبَر البلدان الأصغر المذكورة أعلاه على التنافس مع الصين في أسواق الحبوب العالمية.
من جانبها، تحاول الحامية الروسية على جزيرة الأفعى بصورة نشطة استبدال القدرات المضادة للطيران التي فقدتها بغرق الطراد "موسكو"، وفي الوقت نفسه منع الاتصالات البحرية والاستطلاع الأوكراني حول أوديسا. ويؤدي احتجاز شحنات الحبوب أيضاً إلى حرمان أوكرانيا من العائدات المطلوبة بشدة، والتي حققت لها 5 مليارات دولار عام 2021.
في مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم (وفقاً لوكالة رويترز، جاء قرابة 80% من وارداتها من القمح من روسيا وأوكرانيا عام 2021)، أدى ارتفاع الأسعار إلى فرض قيود على أسعار الخبز، في مارس/آذار 2022، وينظر المحللون إلى هذا التصاعد في أسعار الغذاء باعتباره خطراً على الاستقرار السياسي في أرجاء المنطقة. وذكَّر تيموثي كالداس، الزميل بمعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، شبكة CNN، بأنَّ انتفاضة 2011 المصرية "جاءت بعد عقد من ارتفاع مستويات الفقر".
كما ذكرت بلدان أخرى مثل لبنان أنَّ الاحتياطيات تكفي لشهر واحد فقط. وأفادت مجلة The Economist البريطانية أنَّه اعتباراً من منتصف مايو/أيار 2022، طبَّق 26 بلداً "قيوداً صارمة على الصادرات الغذائية"، الأمر الذي يضع عشرات الملايين في خطر انعدام الأمن الغذائي.
مع أنَّه أُفيدَ بأنَّ بعض الحبوب الأوكرانية قد انسلَّت عبر ميناء روماني على البحر الأسود، فمن شأن رفع الحصار أن يساعد مجموعات البلدان التي تعاني وكذلك أوكرانيا نفسها، ويعني هذا أنَّ الدفع باتجاه تقليص أسطول البحر الأسود الروسي والحامية الموجودة فوق جزيرة الأفعى يمثل أولوية قصوى.