قال الأردن، الإثنين 23 مايو/أيار 2022، إن وحدات من جيش النظام السوري موالية لإيران وفصائل موالية لطهران تكثف محاولاتها لتهريب مخدرات بمئات الملايين من الدولارات عبر الحدود الأردنية إلى أسواق الخليج.
وأضاف أن الجيش يستعد لتصعيد المواجهة مع مهربين مسلحين يحاولون العبور بكميات كبيرة من المخدرات على امتداد الحدود الوعرة مع سوريا.
"حرب على الحدود الأردنية- السورية"
المتحدث باسم الجيش الأردني، العقيد مصطفى الحياري، في حديث لقناة المملكة المملوكة للدولة، قال: "نواجه حرباً على هذه الحدود. حرب مخدرات.. التنظيمات الإيرانية. هذه التنظيمات هي أخطر؛ لأنها تأتمر بأجندات خارجية وتستهدف الأمن الوطني الأردني".
فيما كشف الأردن أن الجيش قتل أربعة مهربين في أحدث مواجهة على الحدود، وخلفت المواجهات 40 قتيلاً على الأقل من المتسللين، فضلاً عن إصابة المئات منذ بداية العام، معظمهم من البدو الرحل الذين تستعين بهم الفصائل المرتبطة بإيران التي تسيطر على جنوب سوريا.
ويعتبر الأردن وجهة ومسار عبور رئيسياً لنقل الأمفيتامين السوري الصنع الرخيص المعروف باسم الكبتاغون إلى دول الخليج الغنية بالنفط.
وأصبحت سوريا موقع الإنتاج الرئيسي في المنطقة لتجارة بمليارات الدولارات تتجه أيضاً إلى أوروبا، فيما تنفي حكومة الرئيس السوري بشار الأسد تورطها في صناعة المخدرات وتهريبها.
وقد أجبرت الزيادة الكبيرة في محاولات التهريب الأردن على تغيير قواعد الاشتباك الخاصة بالجيش على امتداد الحدود، إذ أعطى للجيش سلطة استخدام القوة الساحقة.
وقال العاهل الأردني الملك عبد الله، الأسبوع الماضي، إنه يخشى أن يؤدي انسحاب روسيا من جنوب سوريا نتيجة الحرب الأوكرانية إلى السماح لجماعات مسلحة مدعومة من إيران بملء الفراغ.
وأثار النفوذ المتزايد للجماعات المدعومة من إيران، ومنها حزب الله اللبناني، في جنوب سوريا، في السنوات الماضية، قلق الأردن وإسرائيل، فيما يقول مسؤولون أردنيون إنهم نقلوا مخاوفهم من الزيادة الكبيرة في محاولات تهريب المخدرات إلى السلطات السورية، لكنهم لم يروا أي محاولة حقيقية لتضييق الخناق على هذه التجارة غير المشروعة.
وقال العميد أحمد خليفات، مدير أمن الحدود في الجيش، لصحيفة الغد: "كانت مطالبنا دوماً أن تؤدي قواتهم واجباتها، لكن لم نلمس، حتى الآن، أن لنا شريكاً حقيقياً في حماية الحدود"، وأضاف: "عمليات تهريب المخدرات أصبحت منظمة، وتلقى الرعاية والدعم من أشخاص في القوات السورية وأجهزتها الأمنية، إلى جانب ميليشيات حزب الله وإيران الموجودة في الجنوب السوري".
وقال الأردن إن الكميات المصادرة في الأشهر الخمسة الماضية تجاوزت 20 مليون قرص كبتاغون مقارنة بعدد 14 مليوناً خلال العام الماضي بأكمله.
دولة مخدرات بالشرق الأوسط!
ويأتي هذا بعد أن سلط تحقيق أجرته صحيفة "The New York Times" الأمريكية أن شركاء متنفذين ومقربين من بشار الأسد متورطون في صناعة وترويج مخدر الكبتاغون؛ مما يؤشر على قيام "دولة مخدرات" جديدة في حوض البحر الأبيض المتوسط.
الصحيفة الأمريكية ذكرت في التحقيق أن تجارة مخدرات غير قانونية تقدر قيمتها بمليارات الدولارات يديرها شركاء أقوياء وأقارب للرئيس بشار الأسد، بُنيت على أنقاض 10 سنوات من الحرب في سوريا.
أكدت الصحيفة الأمريكية أن هذه الصناعة- المرتكزة على عقار الكبتاغون المسبب للإدمان وشائع الاستخدام في عدة دول عربية- تمتد عملياتها في عموم سوريا، من خلال ورشات للتصنيع ومصانع للتعبئة يتم فيها إخفاء المخدرات وتجهيزها للتصدير، وشبكات للتهريب تتكفل بنقلها إلى الأسواق الخارجية.
من بين اللاعبين الرئيسيين أيضاً- بحسب الصحيفة- رجال أعمال تربطهم صلات وثيقة بالحكومة، وجماعة حزب الله اللبنانية المسلحة، وأعضاء آخرون من عائلة بشار الأسد الممتدة الذين يضمن لهم لقبهم (اسمهم الأخير) الحماية من الأنشطة غير القانونية.
لكن الخطير هذه المرة هو محاولة استغلال هذه المواد المخدرة في الصراع السياسي المحتدم في الشرق الأوسط، من خلال تهريب هذا النوع من المخدرات إلى الدول التي بينها وبين النظام السوري خصومة مثل بعض دول الخليج.
فيما أدت الأزمة المالية في لبنان المجاور، إلى جانب الآثار طويلة المدى للعقوبات الأمريكية والأوروبية، إلى قطع مصادر إيرادات مهمة عن نظام الأسد. ونبعاً من الحاجة إلى المال، لجأ النظام السوري إلى الكبتاغون، الذي يشحنه من الموانئ السورية واللبنانية؛ مما أدى إلى تأجيج المجهود الحربي الذي قتل أكثر من 500 ألف سوري وشرد ملايين آخرين. ويشير هذا التحول إلى تجارة المخدرات إلى مرحلة جديدة في الصراع السوري: بروز سوريا بصفتها دولة مخدرات.