حكومة في سرت بدلاً من العاصمة.. دخول باشاغا إلى طرابلس يفرض واقعاً سياسياً جديداً على ليبيا

عربي بوست
تم النشر: 2022/05/17 الساعة 13:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/05/18 الساعة 06:37 بتوقيت غرينتش
حكومة ليبية في سرت

اندلعت مواجهات في وقت مبكر من اليوم الثلاثاء بالعاصمة الليبية طرابلس، بعدما أعلنت الحكومة الليبية الموازية المعينة من قبل البرلمان دخولها المدينة، يأتي هذا في وقت تثار فيه ترجيحات حول قيام حكومة ليبية في سرت بدلاً من العاصمة بعد عدم تمكن باشغا من دخول العاصمة.

وأظهرت مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي مقاتلين في مناطق من وسط طرابلس وحول الميناء، وسُمعت أصوات أسلحة آلية، وقد تواصل إطلاق النار في المدينة.

ودخل رئيس وزراء الحكومة الليبية السيد فتحي باشاغا برفقة عدد من الوزراء إلى العاصمة طرابلس، استعداداً لمباشرة أعمال حكومته منها، لكن الدخول الذي لم يستمر سوى أكثر من 4 ساعات طرح الكثير من التساؤلات حول مستقبل الحكومة الليبية والتغيرات التي طرأت على الساحة السياسية بعد هذه الخطوة. 

المكاسب التي حققها باشاغا

اندلعت الاشتباكات بين كتيبة النواصي التي كانت تحمي فتحي باشاغا بعد وصوله من جهة، وقوة حماية الدستور والدعم والاستقرار وقوة "المباحث الجنائية" من جهة أخرى، والمحسوبتين على عبد الحميد الدبيبة. 

كانت القوتان التابعتان للدبيبة تواصلتا مع فتحي باشاغا قبل شهر، وفق مصادر مقربة لباشاغا، صرحت لـ"عربي بوست"، بأنهما كانتا تتفاوضان معه على الحماية مقابل إملاء شروط على الحكومة الجديدة، وأن تكون القبضة الأمنية تحت سيطرتهما في حال دخل باشاغا إلى طرابلس، الأمر الذي رفضه الرجل، لكنهما ظلتا تبديان حياداً طرف الحكومة الجديدة. 

يشير المصدر المقرب من باشاغا إلى أن الاشتباكات التي اندلعت كشفت الغطاء عن حقيقة ولاء القوات المسلحة والميليشيات المترامية في طرابلس، لتستطيع الحكومة التعامل مع المشهد بوضوح أكثر. 

المكاسب التي حقَّقها عبد الحميد الدبيبة 

يقول مصدر سياسي لـ"عربي بوست" إن الخروج الذي سجله باشاغا يصبّ في رصيد الدبيبة، الذي رسّخ فكرة بقائه في السلطة، ورفض تسليمه السلطة لأي سلطة إلا تلك التي تأتي بانتخابات، وتحمل في طيّاتها رسائل عن حجم القوة العسكرية التي تؤيده وتدعمه على الأرض والجاهزة بالفعل للتصعيد عسكرياً، في حال حاولت الحكومة الجديدة الدخول إلى العاصمة وممارسة مهامها من هناك. 

الواقع السياسي الجديد.. حكومة ليبية في سرت

مشهد عسكري جديد لأول مرة في طرابلس منذ أعوام طويلة، أن تحاول كتيبة عسكرية السيطرة على أخرى لحماية كيان سياسي، بعدما شنت الكتائب التابعة للدبيبة هجومها على كتيبة النواصي، ما يشير برأي محللين إلى أن طرابلس باتت تحكمها ميليشيات عسكرية، دون النظر لأي اعتبارات سياسية. 

فتحي باشاغا يفكر في قيام حكومة ليبية في سرت

تقول مصادر رفيعة لـ"عربي بوست"، رفضت الكشف عن اسمها، إن الخطة البديلة التي وضعها رئيس الحكومة المكلف من قبل البرلمان، فتحي باشاغا، في حال عدم تمكنه من الدخول إلى طرابلس تتضمن الاتجاه بشكل مباشر إلى مدينة سرت، ومباشرة عمل الحكومة من هناك. 

ثمة عوائق تعرقل عمل الحكومة من المدينة الشمالية، إذ إن المصرف المركزي وديوان المحاسبة والمؤسسة الوطنية للنفط وجميع الجهات السيادية تخضع لسيطرة الدبيبة في العاصمة طرابلس، فكيف سيتسنّى لباشاغا ممارسة مهام حكومته بشكل فعليّ يفرض أمراً واقعاً جديداً على ليبيا. 

تشير التحليلات إلى احتمالية عودة الانقسام الذي نخر في المجتمع الليبي لأعوام طويلة، وأن يتكرر مشهد الحكومتين والبرلمانين، في خطوة من شأنها إعادة استنساخ الانقسام السابق، أمام إصرار عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة، على عدم تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة.

وباشاغا أصلاً نائب منتخب في 2014، عن مدينة مصراتة (غرب)، وقاد مجموعة النواب المقاطعين من المنطقة الغربية في العام نفسه، وأسهم في تشكيل "عملية فجر ليبيا"، التي ضمت تحالفاً من كتائب الغرب، والتي طردت ميليشيات حفتر من طرابلس، ودافعت عن المدن الواقعة على الطريق الساحلي الرابط بين العاصمة والحدود التونسية.

ويعتبر الرجل من الموقّعين على اتفاق الصخيرات، في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، الذي أنتج المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق.

والتحق باشاغا بحكومة الوفاق في 2018، بصفته وزيراً للداخلية، ولعب دوراً في إعادة الاعتبار لجهاز الشرطة في طرابلس، لكنه أخفق في دمج ميليشيات الغرب في المؤسستين العسكرية والأمنية.

وفي فبراير/شباط الماضي، عيّن البرلمان في شرق ليبيا وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا رئيساً للوزراء، ويحظى البرلمان بدعم المشير خليفة حفتر، الذي حاولت قواته السيطرة على العاصمة الليبية عام 2019.

لكن باشاغا فشل حتى الآن في الإطاحة بالحكومة، التي تتخذ من طرابلس مقراً، برئاسة رجل الأعمال عبد الحميد الدبيبة. وكان الدبيبة قد شدد مراراً على أنه لن يسلّم السلطة إلا لحكومة منتخبة.

تحميل المزيد