في أثناء جلوسه في مكتب مليء بالكتب المطلة على قاعة الصلاة العملاقة، فحص محمد أشفق قاضي، إمام أكبر مسجد في مومباي في الهند، جهازاً يتصل بمكبرات الصوت قبل أن يؤذن للصلاة.
قال قاضي، وهو أحد أكثر العلماء المسلمين نفوذاً في مومباي المطلة على ساحل الهند الغربي: "أصبح صوت الأذان لدينا قضية سياسية، لكني لا أريد أن يأخذ الأمر منحى مجتمعياً"، وفق ما ذكرته وكالة رويترز، الأحد 8 مايو/أيار 2022.
بينما كان يتحدث، أشار قاضي إلى مكبرات الصوت المتصلة بمآذن مسجد الجمعة الواقع في الحي التجاري القديم في مومباي.
خض أصوات الأذان في 900 مسجد
فيما قال قاضي وثلاثة من كبار رجال الدين الآخرين من مهاراشترا؛ حيث تقع مومباي، إن أكثر من 900 مسجد في غرب الولاية وافقت على خفض صوت الأذان بعد شكاوى من سياسي هندوسي محلي.
في أبريل/نيسان الماضي، طالب راج ثاكيراي، وهو زعيم لحزب هندوسي محلي، بأن تلتزم المساجد وأماكن العبادة الأخرى بحدود الضوضاء المسموح بها. وهدد بأنه إذا لم يفعلوا ذلك، فإن أتباعه سيرددون صلوات الهندوس خارج المساجد احتجاجاً.
قال ثاكيراي، الذي يملك حزبه مقعداً واحداً فقط في مجلس الولاية المؤلف من 288 عضواً، إنه يصر فقط على تنفيذ أحكام المحكمة المتعلقة بمستويات الضوضاء.
بينما يرى زعماء مسلمي الهند البالغ عددهم 200 مليون أن هذه الخطوة التي تزامنت مع عيد الفطر هي محاولة أخرى من قِبل الهندوس المتشددين لتقويض حقوقهم في حرية العبادة والتعبير الديني، بموافقة ضمنية من حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي الحاكم.
فيما تندلع اشتباكات دامية بشكل متقطع في جميع أنحاء الهند منذ استقلالها، وكان أحدثها في عام 2020 عندما قُتل العشرات، ومعظمهم من المسلمين، في دلهي بعد احتجاجات على قانون الجنسية الذي قال المسلمون إنه يهدف إلى التمييز ضدهم.
التقى كبار مسؤولي الشرطة بزعماء دينيين بينهم قاضي في وقت سابق من الشهر الحالي؛ للتأكد من خفض صوت المكبرات؛ لأنهم يخشون وقوع اشتباكات في ولاية مهاراشترا التي يقطنها ما يربو على عشرة ملايين مسلم و70 مليون هندوسي.
وكالة رويترز أشارت إلى أنه يوم السبت 7 مايو/أيار، رفعت الشرطة دعوى جنائية ضد رجلين في مومباي لاستخدامهما مكبرات الصوت عند أذان الفجر، وحذرت أعضاء حزب ثاكيراي من التجمع حول المساجد.
منع مكبرات الصوت في الهند
كانت أوامر قضائية قد رفضت سابقاً استخدام مكبرات الصوت لإذاعة الأذان، والأجراس والموسيقى التي تصاحب الطقوس الدينية الأخرى، ومع ذلك، لم تفرض أية ولاية حداً أقصى لمستوى الصوت، أو حاولت حظرها تماماً قبل ذلك، وفقاً لما نشرته صحيفة The Times البريطانية.
لكن على خلفية التوترات الدينية المتزايدة في الهند، أمر يوغي أديتياناث، كبير وزراء أوتار براديش، المسلمين والهندوس بخفض أصوات الدعوة للصلاة وأثناء مراجعة القانون والنظام.
أخبر أديتياناث المسؤولين أنَّ لكل شخص الحرية في اتباع شكل العبادة الخاص به، كما يجب احترام الحق في السلام والهدوء النسبي في الولاية التي يصل عدد سكانها إلى نحو 240 مليون شخص.
إذ قال كبير الوزراء: "بالرغم من إمكانية استخدام مكبرات الصوت، تأكدوا من عدم خروج الصوت من مكان العبادة. يجب ألا يواجه الآخرون أية مشكلة [من الانزعاج]".
بينما تحركت الشرطة في الولاية بسرعة اعتباراً لتنفيذ الأمر. وبحلول الجمعة 29 أبريل/نيسان، أزالت ما يقرب من 21000 مكبر صوت من المساجد والمعابد وخفضت الصوت لأكثر من 40000 مكبر أخرى.
فيما نفى أفيناش كومار أواستي، السكرتير العام لولاية أوتار براديش، فرض هذه الخطوة قسرياً، وقال: "نحن نخبر [الناس] عن التأثير السلبي للضوضاء وأوامر المحكمة ورفاهية الأجيال القادمة. لا يحدث هذا في أي مكان قسرياً. الناس يفعلون ذلك طواعيةً".