أُخرجت مجموعة أولى من المدنيين ليل السبت- الأحد 1 مايو/أيار 2022 من مصنع آزوفستال للصلب، آخر جيب للمقاومة الأوكرانية في مدينة ماريوبول بشرق أوكرانيا، وهي المنطقة التي يركز فيها الجيش الروسي معظم قوته.
يُُمثل خروج عشرين مدنياً من تحت الأرض من هذا المجمع الصناعي الضخم خطوة أولى من نوعها، إذ فشلت كل محاولات الإجلاء السابقة في هذه المدينة الساحلية الواقعة في جنوب شرق البلاد، والتي دمرت بشكل شبه كامل بعد أسابيع من الحصار، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
سفياتوسلاف بالامار، نائب قائد كتيبة "آزوف" التي تؤمن حماية هذه المنطقة الصناعية، قال إن "عشرين مدنياً هم نساء وأطفال نُقلوا إلى مكان مناسب، ونأمل في إجلائهم إلى زابوريجيا الواقعة في الأراضي الخاضعة لسيطرة أوكرانيا".
قبل ساعات، كانت وكالة "تاس" الروسية للأنباء، أفادت أن 25 مدنياً بينهم ستة أطفال غادروا مجمع "آزوفستال" الصناعي، حيث تقول كييف إن مئات من المقاتلين والمدنيين الأوكرانيين لا يزالون يحتمون في شبكة أنفاق تعود إلى الحقبة السوفييتية.
أشار بالامار إلى أن "كتيبة آزوف تواصل إزالة الأنقاض لإخراج المدنيين. نأمل أن يستمر هذا الإجراء حتى نتمكن من إجلاء جميع المدنيين".
من جانبه، تطرق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى هذا الموضوع في كلمة له عبر الفيديو مساء السبت، قائلاً "نبذل قصارى جهدنا لضمان تنفيذ مهمة الإجلاء من ماريوبول".
يأتي هذا بينما تُظهر صور حديثة لشركة "ماكسار تكنولوجيز" التقطت بالأقمار الاصطناعية في 29 نيسان/أبريل، دماراً في كل مباني مجمع مصانع الصلب في آزوفستال تقريباً.
ستتيح السيطرة الكاملة لروسيا على مدينة ماريوبول ربط الأراضي التي تحتلها موسكو في الجنوب، لا سيما شبه جزيرة القرم التي ضمتها في 2014، بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين المواليتين لها في الشرق.
مرحلة ثانية من الهجوم
يأتي هذا بينما يسعى الجيش الروسي المتفوق عددياً على خصمه الأوكراني والمسلح بشكل أفضل، إلى محاصرة القوات الأوكرانية من الشمال والجنوب، من أجل إحكام سيطرته على دونباس.
يتعلق الأمر بـ"المرحلة الثانية" من "العملية العسكرية الخاصة" التي أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 24 شباط/فبراير، بعد انسحاب القوات الروسية من شمال أوكرانيا ومن منطقة كييف بعد فشلها في السيطرة عليها.
في هذا السياق، قالت إيرينا ريباكوفا، المسؤولة الإعلامية في اللواء 93 التابع للقوات الأوكرانية إن "الأمر ليس كما كان عام 2014، لا توجد جبهة محددة على طول المحور"، في إشارة منها إلى الحرب التي تواجهت فيها كييف مع انفصاليين موالين لروسيا في هذه المنطقة منذ ثماني سنوات ولم تتوقف بشكل نهائي.
أضافت ريباكوفا: "قرية لهم وقرية لنا: يجب تصوّر رقعة شطرنج"، مشددة على أنه "ليس بمقدورنا الآن أن نُبعد العدوّ".
بدوره حذر زيلينسكي أمس السبت من أن الروس "شكّلوا تعزيزات في منطقة خاركيف، محاولين زيادة الضغط في دونباس"، كما حذر من أن الروس "أرسلوا تعزيزات إلى منطقة خاركيف محاولين تكثيف الضغوط على دونباس".
يأتي هذا بينما تتعرض المناطق الواقعة في شمال شرق خاركيف، ثاني مدن البلاد التي كان عدد سكانها نحو 1,5 مليون نسمة قبل الحرب، لقصف بصواريخ روسية يومياً، ما يتسبب في مقتل مدنيين.
غير أن الوضع يتغير في بعض الأحيان، فقد استعادت القوات الأوكرانية، الجمعة 29 أبريل/نيسان 2022، بلدة روسكا لوزوفا التي تضم آلاف السكان وتقع على مسافة حوالى عشرين كيلومتراً من مدينة خاركيف، بعدما كانت تحت سيطرة القوات الروسية لشهرين.
لكن ميزان القوى ما زال يصبّ في مصلحة الروس، حتى إنه "أعلى بخمس مرات على صعيد العتاد" وفق إيرينا تيريهوفيتش، السرجنت في اللواء الأوكراني 123.
لذلك فإن الدعم الغربي قد يغير قواعد اللعبة مع الولايات المتحدة في المقدمة، مع طلب الرئيس جو بايدن من الكونغرس هذا الأسبوع الموافقة على حزمة تبلغ 33 مليار دولار لتقديم المزيد من المساعدات العسكرية لكييف.
يُذكر أنه في 24 فبراير/شباط 2022، أطلقت روسيا هجوماً على أوكرانيا، تبعه رفض دولي وعقوبات اقتصادية ومالية مشددة على موسكو، التي تشترط لإنهاء عمليتها تخلي كييف عن خطط الانضمام إلى كيانات عسكرية والتزام الحياد التام، وهو ما تعده الأخيرة "تدخلاً في سيادتها".