أعلنت موسكو أنها تسعى للسيطرة على جنوب أوكرانيا ومنطقة دونباس بالكامل، بعد شهرين على غزو الجيش الروسي، في خطوة وصفتها التقارير الاستخباراتية الغربية منذ وقت مبكر، بأنها محاولة لإحياء ما يعرف بـ"مشروع نوفورسيا"، في حين أكدت أوكرانيا أن موسكو تريد غزو دول أخرى.
ونقلت وكالات أنباء حكومية روسية، عن نائب قائد المنطقة العسكرية المركزية في روسيا، رستم مينيكاييف، الجمعة 22 أبريل/نيسان 2022 قوله، إن السيطرة الكاملة على جنوب أوكرانيا ستمهد سبيلاً للوصول إلى الجزء الانفصالي الذي تحتله روسيا في مولدوفا في الغرب.
على إثر ذلك سيؤدي التوسع إلى عزل الساحل الأوكراني بالكامل، وسيترتب عليه الاندفاع لمئات الأميال غرباً، وراء الخطوط الحالية، فيما وراء المدينتين الكبيرتين ميكولايف وأوديسا في أوكرانيا.
الجنرال الروسي مينيكايف أوضح أن المتحدثين بالروسية يتعرضون للقمع في ترانسنيستريا، الجزء الانفصالي الذي تحتله روسيا في مولدوفا على الحدود الجنوبية الغربية لأوكرانيا، بينما تقول مولدوفا والزعماء الغربيون إن هذا غير صحيح.
يأتي ذلك، بينما تقول موسكو إنها تنفذ "عملية عسكرية خاصة" لنزع سلاح أوكرانيا وتحرير سكانها من قبضة من تصفهم بأنهم قوميون خطرون. وتصف أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون الغزو الروسي بأنه عدوان غير مبرر.
من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي -في كلمة مصورة أذيعت مساء الجمعة إن التصريحات التي أدلى بها قائد روسي، عن الحاجة إلى الوصول إلى الجزء الانفصالي الذي تحتله موسكو في مولدوفا- تشير إلى أن روسيا تريد غزو دول أخرى.
وفي وقت سابق، قدمت روسيا نفس التبرير لضمها شبه جزيرة القرم عام 2014، ودعم الانفصاليين في دونباس، فيما تخشى أوكرانيا أن تحاول موسكو تنظيم تصويت وهمي على الاستقلال في المناطق الجنوبية، كما فعلت في الشرق وشبه جزيرة القرم.
إعادة إحياء "نوفوروسيا"
ويخوض الجيش الروسي معارك شرسة في مدن جنوب أوكرانيا الساحلية على بحر آزوف والبحر الأسود، منذ بدء اجتياح البلاد من عدة محاور، في 24 فبراير/شباط 2022، حيث تسعى موسكو لتوسيع مناطق نفوذ الانفصاليين التابعين لها من دونيتسك ولوغانسك، مروراً بشبه جزيرة القرم -التي ضمتها في عام 2014- حتى مدينة أوديسا جنوب غربي البلاد، ضمن ما يُعرف بمشروع "نوفوروسيا"، أو "روسيا الجديدة".
وتعرف هذه المنطقة الساحلية الجنوبية تاريخياً باسم "نوفوروسيا"، أو "روسيا الجديدة"، وهي جزء تاريخي من الإمبراطورية الروسية على طول البحر الأسود، ويقول تقرير سابق لمجلة Economist البريطانية، أنه سيكون لتلك المنطقة ميزة ملموسة أكثر في التخفيف من نقص المياه في شبه جزيرة القرم، كما أن لموانئها التاريخية أهمية استراتيجية بالنسبة لموسكو، التي تسعى لاستعادة حضورها بشكل أوسع على البحر الأسود.
تقول المجلة إن مثل هذا "الاستيلاء" على الأراضي سيكون في حدود قدرات القوات الروسية، لكن الأمر الأقل وضوحاً هو ما إذا كانت ستخدم أهداف الكرملين الحربية. فإذا كان هدف روسيا هو منع أوكرانيا من الانضمام إلى الناتو أو التعاون مع حلف الناتو، فمن غير المرجح أن يؤدي تعزيز السيطرة على المنطقة الجنوبية إلى ركوع الحكومة في كييف لبوتين، ولذلك تسعى القوات الروسية في الوقت نفسه لحصار العاصمة والسيطرة عليها، وخلع الحكومة هناك وتقديم أخرى موالية لها، كما كان الحال قبل عام 2014، فيما ستكون السيطرة على مدن الساحل أمراً واقعاً.