“ماذا تفعل قافلة جزائرية داخل التراب المغربي؟” الكشف عن رواية الرباط حول حادثة قصف شاحنات على الحدود

عربي بوست
تم النشر: 2022/04/14 الساعة 13:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/15 الساعة 10:41 بتوقيت غرينتش
الصحراء (Getty images)

أعاد قصف جوي قافلة شاحنات جزائريةـ موريتانية أجواء التوتر الدبلوماسي بين الجزائر والرباط، بعدما اتهم "قصر المرادية" سلاح الجو المغربي بالقيام بالعملية، والتسبب في مقتل وجرح مواطنين من 3 دول مختلفة، خارج الحدود المتعارف عليها دولياً للمغرب.

وكانت وسائل إعلام جزائرية، وأخرى تابعة لجبهة البوليساريو، الداعية لانفصال الصحراء عن المغرب، قد أعلنت أن سلاح الجو المغربي نفذ عملية مسلحة فجر الأحد، 10 أبريل/نيسان 2022، قرب الحدود الموريتانية.

ما الذي حصل بالضبط؟

تقول الرواية الجزائرية إن القافلة التجارية كانت تتجه من ورقلة إلى موريتانيا، عبر منطقة "بير لحلو"، التي تقع شرق الجدار الترابي الذي أقامه المغرب داخل أراضيه.

من جهته، كشف موقع menadefence الجزائري تفاصيل عن عملية القصف، وأضح أن القصف تم جنوب منطقة بير لحلو، في قرية "عين بن تيلي"، على بعد مئات الأمتار من الحدود الفاصلة بين موريتانيا والمغرب.

وسجل أن موقع الحادثة يقع على بعد أقل من كيلومتر من الحصن العسكري، الذي يحمل اسم القرية، وهو نقطة عبور وإمداد لسائقي الشاحنات في المنطقة، وكان المسافرون قد اجتمعوا لتناول السحور وصلاة الفجر.

مصدر مغربي كشف لـ"عربي بوست" أن 'المنطقة التي وقعت فيها الحادثة هي جزء من الأراضي المغربية، وبالتالي سيكون السؤال ماذا تفعل قافلة جزائرية داخل التراب المغربي؟".

وأضاف المصدر "أما المسألة الثانية، فما يجب أن يعرفه الجميع أن هناك طريقين للوصول إلى موريتانيا، وحدة تتم عبر "تندوف" (الجزائر)، و"زويرات" (موريتانيا)، وهو معبر رسمي ومعروف، وهناك طرق أخرى يختارها المهربون والعصابات المسلحة أو البوليساريو".

وخلص المصدر إلى أن البوليساريو منذ أحداث الكركرات وهي تعتبر المنطقة منطقة حرب، بل إن الجزائر شاركت معها في مناورات عسكرية على هذا الأساس، كيف تسمح البوليساريو والجزائر بعبور ما تسميها قوافل تجارية في مناطق حرب. 

وأشار المصدر نفسه إلى أن موريتانيا بدورها اعتبرت مناطق شمال بلادها مناطق عسكرية لا يمكن الدخول أو الخروج منها إلا وفق ضوابط صارمة.

الرواية الموريتانية

أمام الضغط الإعلامي والشعبي على الحكومة الموريتانية، اعترفت الحكومة بأن اثنين من ضحايا القصف هم من أبنائها، موجهةً التعازي لأسرهما، لكنها في الوقت نفسه نفت أن تكون العملية العسكرية تمت داخل أراضيها.

وكشف وزير التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليمي الموريتاني، الناطق الرسمي باسم الحكومة، محمد ماء العينين ولد أييه، في ندوة صحفية، الأربعاء 13 أبريل/نيسان 2022، وفاة اثنين من مواطنيه في الحادث الذي وقع على الحدود مع المغرب.

وقال ولد أييه خلال تصريح مقتضب، إن "الحادث وقع خارج الأراضي الموريتانية، وقال الوزير "نعزي عائلات الضحايا، والحادث وقع خارج حدود بلادنا، وموريتانيا غير مستهدفة به".

الوزير لخّص موقف بلاده من الخلاف الجزائري- المغربي، حيث اعتبر العملية "حادثاً"، ثم لم يقدم تفاصيل حوله، واعتبره وقع "خارج حدود موريتانيا".

صمت رسمي ولكن

بعد أربعة أيام على الحادثة، ويومين على الهجوم الجزائري، فإن السلطات الرسمية المغربية فضلت الجنوح للصمت وعدم الرد على الحكومة الجزائرية. 

مصادر مطلعة على ملف العلاقات المغربيةـ الجزائرية أكدت لـ"عربي بوست" أن بلاغ وزارة الخارجية الجزائرية جاء فيه شيء واحد، هو الهجوم على المغرب لا أقل ولا أكثر.

وتابعت المصادر أن "البلاغ الجزائري لم يتحدث عن مكان وقوع القصف المفترض، ولا عن تاريخ وقوعه، ولا عن عدد الضحايا المفترضين، ولا عن جنسياتهم بشكل واضح، ولم يتطرق إلى جنسياتهم ولا أسمائهم ولا هوياتهم".

 وأفادت المصادر بأن المغرب منذ مدة قرر ألا يردّ على الجزائر بالمثل، وبالتالي الرباط غير معنية بهذا الهجوم الجديد، الذي يدفع باتجاه تأزيم العلاقة بين البلدين الجارين.

ويعد هذا الحادث هو الثاني في الأشهر القليلة الماضية، حيث هاجمت الرئاسة الجزائرية المغرب، في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، واتهمته بقتل 3 مواطنين جزائريين، وقالت إن هذا الهجوم "لن يمر دون عقاب".

وفي إثر ذلك تحدث مسؤول مغربي للصحافة، مؤكداً أن المملكة لن تنجرّ إلى حرب مع جارتها الجزائر، وإذا كانت الجزائر تريد الحرب فإن المغرب لا يريدها، المغرب لن ينجر إلى دوامة عنف تهز استقرار المنطقة، إذا كانت الجزائر ترغب في جر المنطقة إلى الحرب من خلال استفزازات وتهديدات، فإن المغرب لن ينساق وراءها.

وبخلاف بلاغ نوفمبر/تشرين الثاني 2021، الصادر عن الرئاسة الجزائرية، فإن بلاغ أبريل/نيسان، صدر عن وزارة الخارجية، كما أن نبرته كانت أقل من السابق بخصوص الوعيد والتهديد، وأيضاً البلاغ الأخير كان صريحاً في طلب تدخل الأمم المتحدة.

اغتيال موجّه

ولم تتأخر الحكومة الجزائرية، إذ أدان بلاغ الخارجية الجزائرية، الصادر في 12 أبريل/نيسان الجاري، ما اعتبره "عمليات الاغتيال الموجّهة باستعمال أسلحة حربية متطورة من قِبل المملكة المغربية، خارج حدودها المعترف بها دولياً، ضد مدنيين أبرياء ورعايا 3 دول في المنطقة".

وأكد "أن هذه الممارسات العدائية والمتكررة تنطوي على مواصفات إرهاب دولة، فضلاً عن استيفائها جميع خصائص عمليات الإعدام خارج نطاق القانون والقضاء، وتُعرض مرتكبيها للمُساءلة أمام الأجهزة المختصة التابعة لمنظومة الأمم المتحدة".

وأضافت الخارجية في بيانها: "إن الإمعان في التعدي على المدنيين من خلال جرائم القتل العمدي، مع سبق الإصرار، يُمثل انتهاكاً ممنهجاً خطيراً للقانون الدولي الإنساني وجب إدانته بشدة وردعه بحزم".

وفي الوقت الذي اكتفت فيه الحكومة الجزائرية بالهجوم على المغرب، كانت وسائل إعلام جزائرية وموالية للبوليساريو تتحدث عن أن العملية تمت داخل الأراضي الموريتانية، وأنّها خلّفت ضحايا من الجارة الجنوبية للمغرب، ما أحرج الحكومة الموريتانية ودفعها لتقديم روايتها عن الحادثة.

تحميل المزيد