يمر العراق بواحدة من أكثر الأزمات السياسية حدة منذ الغزو الأمريكي للبلاد في عام 2003. الانسداد السياسي الحالي وعدم قدرة النخب السياسية العراقية على تشكيل الحكومة، هو بالأساس نتيجة الانتخابات البرلمانية التي تم إجراؤها في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول عام 2021 لكن يظل الدفع بالسياسي جعفر الصدر ابن عم مقتدى الصدر لرئاسة الحكومة واحداً من أهم الملفات المطروحة على الساحة العراقية.
نتج عن الانتخابات التشريعية الأخيرة، فوز التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي والسياسي المثير للجدل، مقتدى الصدر بالمركز الأول بحصوله على 73 مقعداً من أصل 329 مقعداً في البرلمان العراقي، ويتمسك مقتدى الصدر بتشكيل حكومة أغلبية من خلال تحالفه مع تحالف السيادة السني، والحزب الديمقراطي الكردستاني، بينما يصر الإطار التنسيقي الشيعي وهو منظمة تدعم غالبية الأحزاب الشيعية المقربة من إيران والأخرى المعتدلة، من تشكيل حكومة توافقية، كما جرت العادة في العراق منذ الإطاحة بنظام صدام حسين البعثي، في عام 2003.
لكن، بشكل مفاجئ، وفي محاولة لكسر حالة العداوة بين الطرفين، وإيجاد حل للأزمة السياسية الحالية في العراق، أجرى مقتدى الصدر في 10 مارس/آذار 2022، مكالمة هاتفية مع نوري المالكي، نتج عنها ترشيح اسم جعفر الصدر، ابن عم مقتدى الصدر، لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة، لكن ما الذى يعنيه ترشيح جعفر الصدر؟، وما هى الدوافع؟، وهل من الممكن أن يتولى جعفر الصدر رئاسة الحكومة المقبلة بالفعل؟
نصيحة حسن نصرالله لـ جعفر الصدر
بعد المكالمة الهاتفية بين مقتدى الصدر ونوري المالكي، برز اسم جعفر الصدر كمرشح قوي لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة، مما أثار التكهنات حول التوصل إلى صفقة بين المالكي والصدر، بخصوص تشكيل الحكومة المقبلة، وحل الانسداد السياسي الحالي في العراق.
يقول مصدر مقرب من نوري المالكي، لـ"عربي بوست": "في المكالمة بين السيد المالكي والصدر، وافق الأخير على مشاركة الإطار التنسيقي في تشكيل الحكومة المقبلة، مقابل أن يتولى الحكومة رئيس وزراء صدري، وطرح مقتدى الصدر، اسم ابن عمه جعفر الصدر".
وبحسب المصدر ذاته، فإن المالكي أبدى موافقة مبدئية في هذه المكالمة على ترشيح جعفر الصدر.
هل يريد مقتدى الصدر تولى ابن عمه للحكومة؟
قبيل الانتخابات البرلمانية التى تم إجراؤها في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول عام 2021، سعى المسؤولون والقادة في التيار الصدري، إلى إثارة حماسة أنصار التيار الصدري، بأن من سيتولى الحكومة المقبلة هو رئيس وزراء صدري، وبعد فوزهم بالانتخابات الأخيرة، أعلن مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، رغبته في أن يتولى الحكومة رئيس وزراء صدري، ويكون مسؤولاً عن عمل الحكومة ومحاسبته.
يقول قيادي في الإطار التنسيقي الشيعي لـ"عربي بوست": "لعب الصدريون على حشد الجماهير بمسألة تولي رئيس وزراء صدري للحكومة، لجذب الأصوات الانتخابية من أنصارهم الراغبين في أن يسيطر التيار الصدري على الحكم في العراق، لكن أشك في أن هذه رغبة حقيقة من قبل مقتدى الصدر".
وبحسب القيادي الشيعي في الإطار التنسيقي، فإن مقتدى الصدر لا يمتلك رغبة حقيقة في تولي ابن عمه جعفر الصدر للحكومة المقبلة، فيقول لـ"عربي بوست": "نعلم أن جعفر الصدر، لا يتوافق في الكثير من الأمور مع مقتدى الصدر، والأخير لا يريد رئيساً للحكومة يعارضه، خاصة أن جعفر ابن عائلة الصدر، وله محبون وأنصار من التيار الصدري، لذلك أشك في نية مقتدى الصدر الحقيقية تجاه تعيين جعفر كرئيس للحكومة" ويرى كثيرون أن الصدر يريد أن يحرق وجه ابن عمومته لمنعه من الترشح لاحقاً أو للإعلان عن أنه بعدما تم التشارو فهو لا يصلح لقياجة المرحلة المقبلة.
الباحث السياسي العراقي، حيدر محمودي، يشارك نفس الرأي، فيقول لـ"عربي بوست": "تعيين جعفر الصدر على رأس الحكومة المقبلة، من الممكن أن يجعل منه منافساً لمقتدى الصدر، وبالتأكيد هذا أمر خطير بالنسبة للأخير الذي يريد الهيمنة على الصوت الشيعي في العراق".
يرى السيد محمودي أن في حال نجاح جعفر الصدر في الوصول إلى منصب رئاسة الحكومة، ونجاحه في الكثير من الملفات أثناء توليه المنصب، فإن هذا الأمر من الممكن أن يزيد من شعبيته وسط أنصار التيار الصدري، فيقول لـ"عربي بوست": "إذا افترضنا تولي جعفر الصدر بالفعل للحكومة، وإحداثه نجاحاً في عمل الحكومة، خاصة أن هناك من يرى أنه قادر على إحداث تغيير في الساحة السياسية، فإن هذا يعني ضربة لشعبية مقتدى الصدر الذي ينادي بالإصلاح ونصب نفسه كسياسي مصلح منذ سنوات، حينها جميع الأنظار تتجه نحو جعفر الصدر، لذلك لا أرى أن هناك رغبة جادة من مقتدى الصدر في تعيين ابن عمه كرئيس للحكومة، لأنه بذلك سيكون يغامر بشعبيته".
لكن على الجهة المقابلة، هناك من يرى عكس ذلك، في حديثه لـ"عربي بوست"، يقول سياسي شيعي عراقي، إن مقتدى الصدر متأكد من النجاح المستقبلي لابن عمه جعفر الصدر، فيقول لـ"عربي بوست"- مفضلاً عدم الكشف عن اسمه: "يريد مقتدى الصدر أن ينجح التيار الصدري في تولي الحكومة، لذلك فتعيين جعفر الصدر على رأس الحكومة المقبلة، سيزيد من شعبية التيار الصدر ومقتدى أيضاً. جعفر الصدر لم يتورط في الحياة السياسية في العراق، بل رفض في السابق أن يكون جزءاً من النظام الحالي، لذلك فإن نجاح جعفر الصدر في المنصب، سيكون دفعة كبيرة للتيار الصدري، للسيطرة على الحكم الشيعي في العراق".
قبول الترشح رغم التردد
بعد زيارته للبنان، النصيحة التى قدمها له، الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصرالله، سافر جعفر الصدر، إلى العراق، لمقابلة ابن عمه مقتدى الصدر في مدينة النجف العراقية.
بعد هذه الزيارة وبالتحديد في 23 مارس/آذار 2022، أي قبل ثلاثة أيام فقط من انعقاد جلسة البرلمان العراقي لاختيار رئيس الجمهورية، الذي سيكلف رئيس الوزراء الذي تم التوصل إليه باتفاق النخب الشيعية، بتشكيل الحكومة، أعلن جعفر الصدر من خلال تغريدة على منصة تويتر، قبوله ترشيح ابن عمه له، لرئاسة الحكومة.
تجدر الإشارة هنا، إلى أن جلسة البرلمان ليوم 26 مارس/آذار، فشلت في اختيار رئيس الجمهورية، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني المخصص للتصويت على رئيس الجمهورية، نظراً لغياب نواب الإطار التنسيقي الشيعي، وحلفائهم في البرلمان. جدير بالذكر أنه وفقاً للدستور العراقي، يجب أن يحضر جلسة اختيار الرئيس 220 عضواً، لإكمال النصاب القانوني، لكن مجموع النواب الذين حضروا جلسة يوم 26 مارس/آذار، لم يتخط عددهم 180 عضواً، وتم تأجيل الجلسة ليوم الأربعاء 30 مارس، وأيضا فشلت الجلسة الأخيرة في اختيار الرئيس لنفس السبب السابق ذكره.
بالعودة إلى موافقة جعفر الصدر على تولي منصب رئاسة الحكومة، والذي رشحه له ابن عمه مقتدى الصدر، الفائز الأكبر في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، يقول مصدر ثان مقرب من عائلة جعفر الصدر، لـ"عربي بوست": "وافق جعفر الصدر على ترشيحه لرئاسة الحكومة رغم تردده الكبير، موافقته جاءت بعد ضغط من ابن عمه مقتدى الصدر، لكن في نفس الوقت، هناك الكثير من المخاوف التي تدور في بال جعفر الصدر بصدد قبول هذا الترشح".
وبحسب المصدر ذاته، فإن من ضمن هذه المخاوف التي يفكر بها السيد جعفر الصدر، الفشل واسم عائلته، فيقول لـ"عربي بوست": "الوضع السياسي الحالي في العراق صعب للغاية، والسيد جعفر الصدر يدرك ذلك، ولطالما كانت له آراء معارضة للعملية السياسية في البلاد، كما أنه يفكر في كم الحرية التي ستكون ممنوحة له كرئيس للحكومة، وهو يعلم أنها محدودة للغاية نتيجة للصراعات بين الشيعة خاصة الاخيرة منها، لذلك فهو يخشى الفشل، وتلطيخ اسم عائلته العريقة".
موقف الإطار التنسيقي الشيعي من ترشيح جعفر الصدر
لم يكن هناك موقف صريح وواضح ومعلن من قادة الإطار التنسيقي إزاء ترشيح مقتدى الصدر، لجعفر الصدر لتولي الحكومة المقبلة، لكن كما قال المصدر المقرب من نوري المالكي، فإن الأخير قد وافق بشكل مبدئي على هذا الترشح.
على ضوء هذه الخلفية، تواصل "عربي بوست"، مع بعض قادة الإطار التنسيقي الشيعي، لمعرفة موقفهم من ترشيح جعفر الصدر لرئاسة الحكومة المقبلة، وكيفية نظرهم لرغبة مقتدى الصدر من وراء هذا الترشح.
يقول قيادي في الإطار التنسيقي، وهو أيضاً نائب برلماني سابق، عن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، لـ"عربي بوست": "لا يريد مقتدى الصدر، أن يتولى أحد من عائلته أي منصب قيادي كبير في الحكومة العراقية، إنه يريد الاستحواذ على نجاح التيار الصدري في السياسة، ونسب هذا النجاح لنفسه فقط، لا أثق تماماً في أن ترشيح مقتدى لجعفر الصدر، أمر جدي، إنها بالونة اختبار، لذلك لم يعلن الإطار التنسيقي عن موافقة معلنة عن ترشح جعفر الصدر بشكل واضح، لأننا نعلم مزاج مقتدى الصدر المتقلب".
لكن فيما يخص الرأي الخاص بالقيادي في الإطار التنسيقي، فإنه يرى أنه لا يوجد مانع كبير لدى قادة الإطار التنسيقي من تولي جعفر الصدر للحكومة، فيقول لـ"عربي بوست": "لا أستطيع قول إن هناك إجماعاً بين قادة الإطار بالموافقة على تولى جعفر الصدر للحكومة، وفى نفس الوقت لا يوجد الكثير من الموانع أو التحفظات لديهم بخصوص ترشحه، لكن ترشح جعفر الصدر للحكومة جزء من لعبة لمقتدى الصدر للسيطرة على الحكم، وهذا لن يكون مقبولاً أبداً بالنسبة للإطار التنسيقي".
كما يرى سياسي شيعي عراقي، ومقرب من الإطار التنسيقي الشيعي، أن مسالة تولي جعفر الصدر للحكومة المقبلة، محفوفة بالمخاطر، فيقول لـ"عربي بوست": "بعيداً عن مدى جدية رغبة مقتدى الصدر في تولي ابن عمه للمنصب أم لا، فإذا تولى جعفر الصدر الحكومة المقبلة، ونجح في منصبه، سيكون هذا الأمر بمثابة ضربة ليس فقط لشعبية مقتدى الصدر، بل الشعبية باقى الأحزاب الشيعية الأخرى. الجميع سيري جعفر الصدر المستقل، قائداً للإصلاح والتغيير، وهذا سيضر بسمعة الأحزاب الشيعية".
لكن القيادي في عصائب أهل الحق، وهو فصيل شيعي مسلح، مقرب من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأحد أعضاء الإطار التنسيقي الشيعي، يرفض تولي جعفر الصدر للحكومة المقبلة، فيقول لـ"عربي بوست": "لا أوافق على تولي جعفر الصدر للحكومة المقبلة، جعفر الصدر سيكون أداة لمقتدى الصدر للسيطرة على المكون الشيعي في العراق. إن ترشيح مقتدى الصدر له هو جزء من خطة الأخير للهيمنة التي يسعى إليها منذ سنوات، خاصة أنه في حال تولي جعفر الصدر للحكومة المقبلة، سيعمل بالتأكيد على تنفيذ أوامر وتوجيهات ابن عمه".
لكن القيادي في الإطار التنسيقي، والنائب البرلماني السابق، عن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، يرى أن جعفر الصدر لن يكون تابعاً لمقتدى الصدر، فيقول لـ"عربي بوست": "جعفر الصدر بشخصيته التي نعرفها، برغبته في الحفاظ على إرث عائلته وحماية اسمها، لن يكون تابعاً لمقتدى الصدر، وفي نفس الوقت، من الممكن ألا يكون متعاوناً بشكل كبير مع باقي الأحزاب الشيعية، رغبة منه في رسم شخصيته السياسية الجديدة والمستقلة كلاعب بارز في النظام السياسي العراقي".
إلى الآن، لا يمكن لأحد داخل العراق، حسم مسالة إمكانية تولى جعفر الصدر للحكومة المقبلة، من عدمها، لكن على ضوء الخلفية السابقة، فإنه من الممكن القول إنه ما زال هناك الكثير من العقبات أمام تولي جعفر الصدر للحكومة، وعلى رأس هذه العقبات هو تردده الشخصي بشأن قبول الترشح، حتى بعد أن أعلن موافقته.
يخوض التيار الصدري وتحالفه الثلاثي مع تحالف السيادة السني والحزب الديمقراطي الكردستاني، معركة شرسة مع الإطار التنسيقي الشيعي، لتشكيل الحكومة المقبلة، إلى الآن فشل الجميع في انتخاب رئيس للجمهورية، وهو منصب شرفي؛ لذلك فإن الحديث عن ترشيح اسم لرئاسة الحكومة سيكون معركة أشد ضراوة وقد تمتد لشهور، إذا لم يتم التوصل إلى حل بين الأطراف المتنازعة.
من هو جعفر الصدر؟
جعفر الصدر، نجل آية الله العظمى، محمد باقر الصدر، والذي تم إعدامه في عام 1980 من قبل النظام البعثي صدام حسين، حيث كان الصدر الأكبر من أهم وأشد المعارضين لصدام حسين، يقيم خارج العراق، كانت آخر علاقة له بالحياة السياسية العراقية في عام 2010، عندما حصل على مقعد في البرلمان العراقي، بعد ترشحه ضمن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، الذي كان يتولى رئاسة الحكومة آنذاك.
لكن بعد عدة شهور من توليه منصبه البرلماني، أعلن جعفر الصدر استقالته، معلناً أنه لن يقبل بأن يكون مشاركاً في الفساد والفوضى التي يمر بها العراق في ذلك الوقت.
يقول مصدر مقرب من جعفر الصدر، تحدث لـ"عربي بوست"، شريطة عدم الكشف عن هويته: "السيد جعفر الصدر، هو ابن آية الله العظمى باقر الصدر، مؤسس حزب الدعوة العراقي، وكان من المستحيل أن يعرض اسم عائلته تاريخها إلى القيل والقال مقابل الاستمرار في منصبه كنائب، فاختار الابتعاد عن الحياة السياسية في العراق".
حزب الدعوة الاسلامي العراقي، واحد من أكبر وأهم الأحزاب السياسية الشيعية في العراق، تأسس في عام 1957 على يد آية الله العظمى باقر الصدر، وذاع صيت الحزب في السبعينات، عندما قاد معارضة مسلحة ضد نظام صدام حسين، بعد الإطاحة بالنظام البعثي، على يد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، أصبح حزب الدعوة الإسلامي من أهم الشركاء في النظام السياسي العراقي الجديد، والمسيطر على الصوت الشيعي في الحياة السياسية العراقية، نوري المالكي أيضاً واحد من أهم أعضاء حزب الدعوة الإسلامي.
بعد استقالة جعفر الصدر من منصبه في البرلمان العراقي في 2010، ترك الحياة السياسية في العراق بشكل كامل، ونقل محل إقامته إلى العاصمة اللبنانية، بيروت، لفترات طويلة، إلى أن تولى منصب سفير العراق لدى المملكة المتحدة في عام 2019 حتى يومنا هذا.
فى الأسابيع القليلة الأخيرة، وعندما تم تداول اسم جعفر الصدر كمرشح لرئاسة الحكومة المقبلة، بدا أن جعفر الصدر يفكر جدياً في قبول المنصب. يقول مصدر مقرب من السيد جعفر الصدر لـ"عربي بوست": "بعد أيام من طرح اسم جعفر الصدر من قبل ابن عمه، لرئاسة الحكومة، سافر جعفر الصدر إلى لبنان ومنه إلى العراق، لمناقشة المسألة مع ابن عمه، مقتدى الصدر".
لكن قبل أن يعود جعفر الصدر إلى العراق، مكث لأيام في مدينة بيروت، حيث تلقى نصيحة هامة من الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، بحسب المصادر التي تحدثت لـ"عربي بوست".
يقول المصدر المقرب من جعفر الصدر، لـ"عربي بوست": "يتمتع السيد جعفر الصدر بعلاقة طيبة للغاية مع السيد حسن نصرالله، وقد قدم الأخير نصيحته للسيد جعفر، والتي قد زادت من تردده في قبول المنصب من عدمه".
وبحسب المصدر ذاته، فإن حسن نصرالله، قد نصح جعفر الصدر، بعدم قبول منصب رئيس الوزراء، قائلاً: "السيد نصرالله قال لجعفر الصدر، إن الوضع السياسي الحالي في العراق، صعب للغاية، وفي حال توليه منصب رئيس الحكومة، سيكون أمامه الكثير من التحديات والمشاكل، وإذا فشل في حلها، سيكون بذلك قد عرض اسم عائلته للكثير من الضرر".
نصيحة مُربكة..
لكن في نفس الوقت، وبحسب المصادر التى تحدث لـ"عربي بوست"، فإن نصيحة حسن نصرالله لـجعفر الصدر، كانت مُربكة أيضاً، لأنه أخبر جعفر الصدر بأنه إذا كان يرى أنه قادر على تولي الحكومة العراقية، سيكون ذلك دفعة جديدة وقوية له في الحياة السياسية العراقية.
في وقت من الأوقات، بدا أن الصدر مستعد للتفاوض مع الإطار التنسيقي الشيعي، والذي يضم أغلب خصومه من الشيعة، لتشكيل الحكومة المقبلة، بشرط واحد وصارم، وهو عدم مشاركة ائتلاف دولة القانون في الحكومة المقبلة.
جدير بالذكر هنا، أن ائتلاف دولة القانون يتزعمه رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي (2006:2014)، وهو عضو أساسي في الإطار التنسيقي الشرعي، والوحيد من ضمن الإطار الذي فاز بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية في الانتخابات الأخيرة، حيث حصل على 32 مقعداً.
رفض مقتدى الصدر مشاركة ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي في تشكيل الحكومة المقبلة، بسبب العداوة القديمة بين الرجلين، والتي تعود إلى عام 2006، عندما كان يقود مقتدى الصدر فصيله المسلح القوي (جيش المهدي)، لمحاربة القوات الأمريكية المتواجدة في الأراضي العراقية، حينها أعلن سيطرته على مدينة البصرة الجنوبية الغنية بالنفط، والتي تعتبر شرياناً أساسياً للاقتصاد العراقي، رفض المالكي هذا الأمر، وقاد حملة عسكرية موسعة تحت اسم "الفرسان"، وبمساعدة الولايات المتحدة، لمحاربة جيش المهدي، وبالفعل أعلن المالكي انتصاره على مقتدى الصدر.