قالت صحيفة The Times البريطانية، في تقرير نشرته الجمعة 1 أبريل/نيسان 2022، إن خدمة الأمن الأوكرانية المعروفة على نطاق واسع باسم (SBU)، أصبحت السلاح الأساسي للبلاد في حرب المعلومات مع روسيا.
فبالإضافة إلى توفيرها المعلومات الاستخباراتية للوحدات العسكرية لتوجيه عملياتها في ساحة المعركة، قامت المنظمة الغامضة أيضاً (SBU) بنشر كميات هائلة من الدعاية وتحييد "مزارع الروبوتات" للعدو واعتقال مستخدمي الإنترنت الذين يدعمون روسيا.
فبينما تُنفَّذ كثير من أعمال التجسس المضاد خلف الأبواب المغلقة، ينخرط عملاؤها في نوع جديد من الحرب الإلكترونية: اعتراض الاتصالات العسكرية الروسية ونشرها عبر الإنترنت.
اعتراض مكالمات واتصالات الجيش الروسي
فقد أدى اعتماد الجنود الروس على الهواتف المحمولة غير الآمنة وأجهزة الراديو عالية التردد إلى تعريض العديد من محادثاتهم للتنصت.
يقول خبراء الدفاع إن الهجمات الروسية المبكرة على أبراج الهاتف الأوكرانية من الجيلين الثالث والرابع قوَّضت عن غير قصد، قدرتهم على استخدام نظام اتصالات آمن أنشأته الحكومة، يسمى إيرا، والذي خُطِّطَ لاستخدامه على نطاق واسع.
لكن الخطأ الفادح هو أن وحدات النخبة فقط هي التي تُمنح حق الوصول إلى هواتف الأقمار الصناعية باهظة الثمن، مما يعني أن ضباط المخابرات الأوكرانيين ومشغِّلي الراديو الهواة تمكَّنوا من الاستماع إلى محادثات حسَّاسة.
التنصت على اتصالات الجيش الروسي
كذلك، من المحتمل أن تكون أهم الإرسالات التي سجلها وكلاء إدارة أمن الدولة قد نُشِرَت بشكل خاص فقط للموظفين الأوكرانيين المصرح لهم، ولكن العشرات من المحادثات قد بُثَّت، لا سيَّما تلك التي تسلِّط الضوء على الفوضى والإجرام في الحملة الروسية، بشكل روتيني عبر عدد من الشبكات العامة.
في حين كشفت مقاطع صوتية منتشرة على الإنترنت عن جنود يبكون ويتوسلون للحصول على مزيد من الإمدادات ويأكلون الكلاب ويشكون من نيران صديقة ويتفاخرون بنهب البضائع من المنازل الأوكرانية.
كذلك فإنه على الرغم من أن معظم المحادثات تشمل جنود المشاة الذين يستخدمون خطوطاً غير آمنة للتحدث مع رفاقهم أو أحبائهم، فقد التُقِطَت أحاديث من عملاء خدمة الأمن الفيدرالية ومعلومات حول تحركات القوات في الأسابيع الأخيرة. وشورِكَت المحادثات مئات الآلاف من المرات منذ بداية الهجوم الروسي، حيث تروِّجها وحدة إدارة الأمن عبر فيسبوك وتويتر وتليغرام.
استراتيجية لتدمير الروح المعنوية الروسية
ورغم أنه من الواضح أن ذلك جزءٌ من استراتيجية دعاية لتدمير الروح المعنوية الروسية، يقول المحللون الغربيون إن مشاكل الاتصال في الكرملين ملحوظة أيضاً بساحة المعركة. كانت روسيا تنشر حلولاً للأجهزة رداً على ذلك، مع أدلة على استخدام الجنود أطباق الأقمار الصناعية المحمولة ذات المعايير العسكرية في أوكرانيا. وطبق Auriga مثالٌ على ذلك، وهو نظام اتصالات متنقل يتيح الإرسال الآمن عبر آلاف الأميال بين المقرات الروسية والوحدات الموجودة على الخطوط الأمامية.
من جانبه حذّر مارك غالوتي، الأستاذ الفخري في كلية لندن الجامعية للدراسات السلافية وأوروبا الشرقية، من أن البث الأوكراني لا ينبغي أن يؤخذ في ظاهره، لكنه قال إن أنظمة الاتصال الروسية الآمنة كانت في حالة فوضى بأجزاءٍ من أوكرانيا.
كذلك، قال: "يجري استغلال نقطة ضعف خطيرة للروس. لم يعد الروس قادرين على الوثوق بأنظمة اتصالاتهم الآمنة أو استخدامها، لذلك نحن نراهم يعتمدون على الهواتف المحمولة المدنية. عليهم استكشاف وسرقة بطاقات الهاتف الأوكرانية، ومن الواضح أن البطاقات الروسية لا تعمل".
كما أضاف غالوتي أن خدمة الأمن الفيدرالية الروسية "لا يبدو أن لديها نظاماً مشابهاً، إذ يستمع مدنيون وعملاء إلى كثير من المكالمات"، ما وَصَفَه بأنه "في قلب حرب المعلومات".
إنشاء روبوت محادثة
في سياق متصل أصبح المدنيون الأوكرانيون أيضاً ترساً لا غنى عنه في آلة المعلومات بعد أن أنشأت إدارة أمن الدولة "روبوت محادثة" رسمياً يمكن للجمهور استخدامه لنقل البيانات حول تحركات دبابات ووحدات العدو.
في حين يشمل المخبرون مدنيين يستخدمون تكنولوجيا مفتوحة المصدر للاستماع إلى البث الإذاعي من أجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بهم، وكذلك مستخدمي الطائرات المسيَّرة الهواة الذين يستخدمون طائرات كوادكوبتر التجارية لمراقبة القوافل الروسية من السماء.
من جانبه قال سام كراني إيفانز، خبير الاتصالات والمراقبة في معهد رويال يونايتد سيرفيسز للأبحاث، إنه بينما أثرت مشكلات الاتصال بشكل رئيسي على الأجزاء الشمالية من أوكرانيا، كانت إدارة أمن الدولة تستخدم عمليات الاعتراض لرسم صورة للفوضى المنتشرة بين صفوف الروس.
كما أضاف خبير الاتصالات والمراقبة في معهد رويال يونايتد سيرفيسز: "ليس من الواضح ما إذا كان الروس يعانون مع ذلك"، مضيفاً أن بعض الوحدات الهجومية كانت تستخدم أجهزة اتصالات محمولة وآمنة عبر الأقمار الصناعية. وقال إن المحادثات التي تُبَثُّ علناً من المُرجَّح أن تكون "تكتيكية" وتهدف إلى رفع الروح المعنوية الأوكرانية، في حين أن المعلومات "الاستراتيجية" التي يمكن أن تشكِّل المعارك على الأرض تظلُّ سرية.