أعلنت وزارة الخارجية الروسية، الخميس 31 مارس/آذار 2022، أنها قررت فرض عقوبات على كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل، وذلك بزعم مسؤوليتهم عن العقوبات وإثارة المشاعر المعادية لروسيا، فيما طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الدول المستوردة للغاز من بلاده بفتح حسابات بالروبل لسداد ثمنه.
حيث أوضحت الوزارة الروسية، في بيان، أن سياسة العقوبات التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي ضد روسيا تتجاوز كل الحدود، وأن بروكسل تُخضع المواطنين والشركات الروسية لعقوبات جماعية وتعسفية أحادية الجانب.
فيما أضافت أن "السلطات الأوروبية التي تدعم معاداة روسيا في أوكرانيا، تسامحت أيضاً مع تخريب كييف لاتفاقيات مينسك".
كما شدد البيان على أن الغرب أعلن "حرباً هجينة" ضد روسيا ومواطنيها والشركات الروسية والمقيمين الناطقين باللغة الروسية في الدول الأجنبية، مؤكداً أن العقوبات الروسية تستهدف المسؤولين التنفيذيين في الاتحاد الأوروبي، وضمن ذلك مديرو المؤسسات العسكرية ومفوضو الاتحاد الأوروبي.
في حين يخضع للعقوبات الروسية غالبية أعضاء البرلمان الأوروبي الذين يروجون لسياسات مناهضة لروسيا، وفق البيان.
كذلك، تشمل هذه العقوبات الجديدة عدداً من مسؤولي الاتحاد الأوروبي، ورؤساء الهياكل العسكرية للاتحاد الأوروبي، والشخصيات العامة، والصحفيين.
فتح حسابات بالروبل
من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: "نقدم للدول (غير الصديقة لروسيا) آلية واضحة وشفافة من أجل شراء الغاز الطبيعي الروسي، يجب عليهم فتح حسابات بالروبل في البنوك الروسية، لسداد مدفوعات الغاز".
جاء ذلك خلال كلمة للرئيس الروسي خلال اجتماع حكومي، حسبما نقلت قناة "روسيا اليوم".
فيما أضاف بوتين أنه وقّع مرسوماً حول تجارة الغاز الطبيعي مع "الدول غير الصديقة" بالروبل، وضمنها دول الاتحاد الأوروبي.
بموجب هذا المرسوم الجديد، يجب على الدول المستوردة للغاز الروسي فتح حسابات بالروبل في البنوك الروسية لسداد ثمنه، ويدخل المرسوم حيز التنفيذ اعتباراً من الجمعة 1 أبريل/نيسان المقبل.
كذلك، استطرد بوتين: "إذا لم تُسدد هذه المدفوعات، فسنعتبر ذلك تخلفاً عن الدفع من جانب المشترين مع كل العواقب المترتبة على ذلك. لا أحد يبيعنا أي شيء بالمجان، ونحن لن نقوم بأي أعمال خيرية كذلك. بمعنى آخر، سنوقف العقود الحالية".
"تعزيز سيادة روسيا"
وأشار إلى أن التحول سيعزز سيادة روسيا، قائلاً إن "الدول الغربية تستخدم النظام المالي سلاحاً، وليس من المنطقي أن تتعامل روسيا بالدولار واليورو في الوقت الذي تُجمَّد فيه أصولها بهذه العملات".
بحسب "روسيا اليوم"، فإن المرسوم الجديد ينطبق على إمدادات شركة "غازبروم" الروسية (المملوك أغلبها للدولة) من الغاز الطبيعي عبر الأنابيب.
لكن لم يتضح بعدُ ما إذا كان من الممكن عملياً أن تظل هناك طريقة أمام الشركات الأجنبية لمواصلة الدفع دون استخدام الروبل بعد أن استبعد الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع الكبرى الرضوخ للطلب الروسي سابقاً.
يأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه روسيا إلى التخفيف من استخدام الدولار بالقطاعات الاقتصادية في البلاد، بسبب العقوبات المفروضة عليها من الولايات المتحدة وعدد كبير من الدول الغربية.
في حين تهدد خطوة بوتين باحتمال خسارة أوروبا أكثر من ثلث إمداداتها من الغاز. ووضعت ألمانيا، وهي أكثر الدول الأوروبية اعتماداً على الغاز الروسي، بالفعل خطة طوارئ قد تؤدي إلى تقنين الاستهلاك في أكبر اقتصاد بأوروبا.
يشار إلى أن صادرات الطاقة تعد أقوى سلاح في جعبة بوتين للرد على العقوبات الغربية الشاملة المفروضة على المرتبطين بالكرملين من بنوك وشركات ورجال أعمال وشخصيات سياسية بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا. وتصف موسكو تحركاتها في أوكرانيا بأنها "عملية عسكرية خاصة".
وأدى قرار بوتين تلقي المدفوعات بالروبل إلى تعزيز العملة الروسية التي هبطت إلى أدنى مستوياتها بعد الغزو في 24 فبراير/شباط. ومنذ ذلك الحين، عوض الروبل كثيراً من خسائره.
"ابتزاز روسي"
في المقابل، رفضت الشركات والحكومات الغربية أي خطوة لتعديل عقود إمدادات الغاز بهدف تغيير عملة الدفع. ويستخدم معظم المشترين الأوروبيين اليورو. ويقول المسؤولون التنفيذيون إن إعادة التفاوض على الشروط ستستغرق شهوراً أو أكثر.
كما أن الدفع بالروبل من شأنه أن يخفف من تأثير القيود الغربية على وصول موسكو إلى احتياطياتها من النقد الأجنبي.
من ناحيته، قال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، إن روسيا لن تقدر على تقسيم أوروبا وإن الحلفاء الغربيين مصممون على عدم قبول "الابتزاز" الروسي.
إذ قالت برلين إنها ستواصل سداد مقابل واردات الطاقة الروسية باليورو.
كذلك، أشار وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، إلى أن فرنسا وألمانيا تستعدان لسيناريو التوقف المحتمل لتدفقات الغاز الروسي.