عمليات الداخل المحتل تزداد رغم القبضة الأمنية المحكمة.. كيف وصل السلاح إلى أيدي المنفذين؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/03/31 الساعة 14:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/31 الساعة 14:12 بتوقيت غرينتش
عمليات الداخل المحتل

كيف وصل السلاح إلى أيدي منفذي عمليات الداخل المحتل رغم القبضة الأمنية، 3 عمليات خلال أسبوع فقط تنفذ في إسرائيل، داخل مناطق الخط الأخضر، فقبل الأخيرة التي نفّذها ضياء حمارشة من بلدة يعبد وأسقط فيها 5 قتلى كانت عملية دهس وطعن، في مدينة بئر السبع (جنوب)، أدت إلى مقتل 4 إسرائيليين، فيما أدى هجوم بإطلاق نار في مدينة الخضيرة (شمال) يوم، إلى مقتل شرطيين إسرائيليين اثنين.

تزداد وتيرة العمليات تلك في الداخل، ومعها يرتفع صوت التساؤلات، من أين أتى السلاح، ومَن هرّبه إلى الداخل مع هذه القبضة المحكمة، ومَن أوصله إلى أيدي المنفذين، حاولنا الجواب عن السؤال الأبرز، من أين يأتي السلاح؟

تتعدد السيناريوهات، تهريب من فتحات جدار الفصل العنصري بعد تهريب من مصر أو الأردن لتنفيذ عمليات الداخل المحتل إما من مخازن السلاح التابعة للجيش الإسرائيلي، خاصة أن لكل عملية ملابساتها وجغرافيا المنطقة التي نفذت فيها وخصوصيتها.

السلاح مُهرب من خارج الحدود لتنفيذ عمليات الداخل المحتل

تحدث مصدر أمني في أراضي-48، لـ"عربي بوست"، حول مسارات دخول البندقية التي استخدمها منفذ عملية بني براك، ضياء حمارشة، من خارج حدود فلسطين، حتى وصلت إليه، مروراً بساعة الصفر لاستخدامها. 

قال المصدر المطلع إن التحقيقات الأمنية الإسرائيلية أظهرت أن السلاح الرشاش من نوع M-16 (أمريكي الصنع)، ليس مسروقاً من الجيش الإسرائيلي؛ ذلك أن الأخير يستخدم نفس النوع من البنادق، وإنما تشير المعلومات إلى أنها مُهربة إما من مصر أو الأردن، في فترة غير معروفة. 

ومن غير الواضح لأمن الاحتلال، حتى اللحظة، كيفية حصول الشهيد ضياء حمارشة على البندقية، وما إذا كان أدخلها معه من الضفة الغربية أم ساعده شخص ما من داخل أراضي-48 وسهَّل له الحصول على البندقية.

وبحسبه، فإن هناك أسلحة تصل إلى الفلسطينيين، سواء كانوا بالضفة الغربية أم داخل الخط الأخضر، من مصادر مختلفة، بعضها تتم سرقتها من معسكرات تابعة لجيش الاحتلال، أو يتورط ضباط وجنود إسرائيليون ببيعها لجهات فلسطينية لغايات تجارية.

 لكنه، ووفق المعطيات المتوفرة لـ"عربي بوست"، لم يجد المحققون الإسرائيليون أي رقم لقطعة السلاح التي استخدمها الشهيد ضياء حمارشة؛ لأن القطع المسربة من معسكرات جيش الاحتلال لديها أرقام، ويمكن من خلالها تتبع رحلة وصول هذه القطعة إلى حمارشة، لكن الصعوبة التي يواجهها الاحتلال تكمن في أنها مُهربة عبر الحدود الأردنية أو المصرية، حسب المصدر الأمني. 

عملية الخضيرة

خطفت العملية الفلسطينية التي حصلت في مدينة الخضيرة، شمالي فلسطين المحتلة، الأضواء من الاجتماع الذي عُقد في النقب بين وزراء خارجية "إسرائيل"، والولايات المتحدة الأمريكية، ومصر، والمغرب، والبحرين، والإمارات، وفرضت نفسها بقوة على جدول الأعمال الإسرائيلي، في ضوء توقيتها الحساس، ومكان تنفيذها داخل أراضي الـ48، وطريقة التنفيذ، فضلاً عن هوية منفذيها، ونتائجها القاسية إسرائيلياً.

أهمية العملية، وخطورة دلالاتها وتبعاتها، كانت في الصور التي نشرها الإعلام العبري عن الأسلحة التي تم ضبطها مع منفذي العملية، أسلحة وذخيرة في علب تحمل أسماء إسرائيلية، ما يرجح السيناريو المتعلق بتهريب أسلحة من مخازن الجيش الإسرائيلي.

عمليات الداخل المحتل

تهريب الأسلحة عبر الحدود إلى فلسطين.. أصبح أكبر بعد كورونا

وأفاد خبير فلسطيني بالأسلحة، لموقع "عربي بوست"، أنّ هناك عمليات تهريب للأسلحة تجري عبر الحدود، منذ سنوات، لكن وتيرتها تصاعدت بشكل لافت بعد جائحة كورونا؛ بسبب الأوضاع الاقتصادية التي خلفتها الجائحة، أي أن تهريب الأسلحة أصبح أكبر من الماضي.

الجدير بالذكر أن عمليات التهريب تحصل عبر الحدود الشرقية لفلسطين من جهة الأردن، أو الجنوبية من جهة سيناء المصرية، أو الشمالية عبر لبنان، وقد أعلن الجيش الإسرائيلي في الأسابيع الأخيرة عن ضبط العديد من عمليات التهريب، من جهة لبنان، متهماً حزب الله بالتعاون مع مهربي أسلحة فلسطينيين من أراضي-48. كما أعلن إحباط محاولة تهريب لمسدسات من جهة الأردن قبل أسبوعين، كانت في طريقها إلى الخليل جنوب الضفة الغربية.

ويُستدل أن تهريب الأسلحة يحصل أحياناً لأغراض جنائية، أي يصل إلى يد عصابات ومجموعات لتنفيذ أعمال قتل جنائية، وأحياناً أخرى يجد السلاح طريقة ليصل إلى يد مقاومين فلسطينيين بالضفة، ليتم تنفيذ عمليات بها.

عمليات الداخل المحتل

 آلاف قطع السلاح من مصادر متنوعة.. موجودة لدى الفلسطينيين لأغراض متنوعة

وترصد سلطات الاحتلال وجود آلاف قطع السلاح بحوزة الفلسطينيين في الضفة الغربية، كما في المجتمع الفلسطيني في أراضي-48. وقد حاول جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بداية انطلاق الهبة الشعبية قبل سنوات، جمع أسلحة من فلسطينيي الضفة، عبر حملة مكثفة، لكن يبدو أنه لا إمكانية لجمع الأسلحة، لأنها بكميات كبيرة.

وتتواجد الأسلحة في الضفة الغربية، إما لأغراض تتعلق بمقاومة الاحتلال، أو لأهداف جنائية، أو حماية شخصية، وأيضاً من قبل عائلات وعشائر بالمحافظات الفلسطينية لحمايتها.

وإذا افتُرض سيناريو أن البندقية حصل عليها الشهيد حمارشة من أراضي الداخل المحتل قبل ساعات أو أيام من تنفيذ العملية، فإن مسار تحركها لن يختلف من ناحية اعتبار أنها مهربة إما من مصر أو الأردن، وصولاً إلى داخل الخط الأخضر.

 لكن الفلسطينيين في أراضي-48 يحصلون على السلاح عبر شرائه من جهات سرقته من مستودعات الجيش الإسرائيلي، أو أن يكون مُهرباً من جهة لبنان أو الأردن أو مصر. 

البندقية الأوتوماتيكية.. أكثر قلقاً لإسرائيل من "الكارلو"

وتحاول الجهات الإسرائيلية فك شيفرة الأسلحة التي تم ضبطها من المنفذين بعد استشهادهم، كونها خطوة تقربها كثيراً من معرفة تفاصيل إضافية، حول مراحل وصول الأسلحة الأوتوماتيكية إلى فلسطينيين لتنفيذ عمليات "قاسية"؛ إذ إنه لطالما تم استخدام سلاح "كارلو" المُصنع محلياً، في عمليات فردية ضد أهداف إسرائيلية في السنوات الأخيرة، لكنه ليس بنفس الجودة والفاعلية والأثر الذي يحدثه سلاح M-16 الأوتوماتيكي.

 إسرائيل أدركت سرعة انتقال السلاح من مجال الإجرام الداخلي.. إلى أمنها

من جهته، قال الخبير بالشؤون الاستراتيجية والأمنية، المقيم في أراضي الداخل المحتل د. عنان وهبة، إن النقطة التي تشغل إسرائيل في السنتين الأخيرتين، أي قبل العمليات الثلاثة الأخيرة، هي السرعة التي يمكن أن ينتقل بها السلاح "غير المرخص" من المجال الجنائي (ضد فلسطينيين) إلى "الأمني" (ضد أهداف إسرائيلية).

لذا، أكد وهبة لـ"عربي بوست"، أن أحد الاستنتاجات الإسرائيلية "الفورية"، هو أن السلاح يمكن أن ينتقل "مِن.. إلى"، وهو ما فسر إطلاق الحكومة الإسرائيلية حملة لجمع هذا السلاح من المجتمع الفلسطيني في أراضي-48، تحت عنوان "لجم العنف المجتمعي وجرائم القتل التي تطال فلسطينيين"، لكن الغاية الأهم بالنسبة لإسرائيل هي جمع هذا السلاح؛ لأنها باتت تدرك مدى "خطره الأمني عليها"، وهو ما دفعها إلى إطلاق مساعيها لوضع يدها على "السلاح غير المرخص"، مهما كانت غايته.

ويبدو أن حرص التحقيقات الأمنية الإسرائيلية، على معرفة مصادر الأسلحة التي تصل إلى الضفة أو داخل الخط الأخضر، حتى يكون هذا الأمر باباً لها للرصد المخابراتي وراء الأشخاص، وليس السلاح بحد ذاته، وفق عنان وهبة.

 ويُدلل على المخاوف الإسرائيلية حيال انتشار السلاح الأوتوماتيكي، التصريح الذي أدلى به الرئيس الأسبق لجهاز "الشاباك" الإسرائيلي، آفي ديختر، خلال حديثه لإذاعة "كان" العبرية؛ إذ قال إن "إسرائيل تواجه موجة اعتداءات إرهابية لا يمكن وصفها بانتفاضة، ولكنها تتميز بمرتكبين يستعملون أسلحة أوتوماتيكية ولهم صلة بجهات متطرفة مثل تنظيم داعش"، على حدّ زعمه، كما أشار إلى احتمال انتقال وسائل قتالية من "المنظمات الإجرامية إلى جهات تستهدف الأمن الإسرائيلي"، وفق قوله.

تحميل المزيد