أعلن رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، في خطاب بثه التلفزيون الرسمي، مساء الخميس 31 مارس/آذار 2022، أنه لن يستقيل من منصبه قبل إجراء تصويت للإطاحة به يوم الأحد 3 أبريل/نيسان المقبل، مؤكداً أن "دولة غربية" تدعم الإطاحة به، لأنه زار روسيا للقاء الرئيس فلاديمير بوتين خلال الشهر الماضي.
حيث قال خان: "يطالبني بعض الناس بالاستقالة. لماذا أستقيل؟ أنا لا أستقيل، بل أكمل اللعبة إلى آخرها، وننتظر إلى يوم الأحد؛ لنرى ما سيتمخض عنه التصويت في البرلمان"، معتبراً أنه إذا نجحت محاولات المعارضة فإن الأجيال القادمة لن تسامح.
فيما اتهم خان، الولايات المتحدة بدعم قوى المعارضة التي تسعى لإقصائه عن السلطة، مشدّداً على أن واشنطن تحاول التدخل في شؤون بلاده.
لكنه قال: "لن أركع أمام أي أحد، ولن أسمح لشعبي بالركوع أمام أحد"، منوهاً إلى أنه خلال ما يسمى الحرب على الإرهاب تعرضت باكستان لـ"الإهانة"، مشدداً على أنه السياسي الوحيد الذي قاد مظاهرات ضد هجمات الطائرات المسيّرة في مقاطعة وزيرستان القبلية.
كما استطرد رئيس الوزراء الباكستاني، البالغ من العمر 69 عاماً، وهو قائد سابق لمنتخب الكريكيت الوطني، قائلاً: "لن أسمح للمعارضة بالنجاح مطلقاً".
في حين لفت خان إلى أنه رأى بلاده ترتفع بين الدول ثم تنهار وتصل إلى مستوى متدنٍّ وذليل بين بقية دول العالم، وفق تعبيره، مؤكداً أن "سياسة باكستان الخارجية يجب أن تكون مستقلة، ولا تصطف ضد أحد".
كذلك، أردف: "أنا أنفق على منزلي من مالي الخاص، وأعيش في منزلي، ولم أبنِ المصانع مثل (رئيس الوزراء السابق) نواز شريف.. ولا أمارس سياسة المحسوبيات لأقاربي".
أزمة سياسية "مشتعلة"
كان من المتوقع أن يلقي خان، خطابه يوم الأربعاء 30 مارس/آذار، لكنه اضطر لتأجيله إلى الخميس، بعد أن قرر حزبٌ مهم في ائتلافه أن ينضم إلى للمعارضة، مما أجهز على الأغلبية التي كان يتمتع بها في البرلمان.
إذ إن خطوة حزب "الحركة القومية المتحدة" رفعت أعداد النواب المعارضين المتوقع أن يصوتوا ضد خان إلى 177، أي أكثر بخمسة أصوات من الـ172 صوتاً اللازمة للإطاحة به داخل المجلس الوطني الباكستاني الذي يضم 342 نائباً، طبقاً لما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 31 مارس/آذار 2022.
كان أبرز زعماء المعارضة شهباز شريف وبيلاوال بوتو زارداري قد طلبوا من خان أن يستقيل قبل التصويت، لأنه فقد أغلبيته، لكن سخونة الأحداث السياسية في إسلام آباد تُشير إلى أنه من المستبعد أن ينصاع لهذا الطلب، الذي ربما يدفع الدولة الواقعة في جنوب آسيا صوب الاضطراب السياسي.
من جهته، غرّد وزير الإعلام فؤاد شودري، الأربعاء، قائلاً: "رئيس الوزراء عمران خان، لاعبٌ يحارب على الكرة حتى آخر نفَس. ولن يستقيل". بينما نظّم خان، مسيرات حاشدة لمؤيديه قبل تصويت الثقة.
كان خان أخرج، خلال حديثه أمام الآلاف من أنصاره في العاصمة الباكستانية يوم الأحد 27 مارس/آذار، ورقةً من جيب سترته ورفعها في الهواء باعتبارها "دليلاً" على تنفيذ مؤامرةٍ أجنبية في البلاد من أجل الإطاحة به، قائلاً إن القادة المحليين يتحركون بأوامر من القوى الأجنبية.
لكن الدبلوماسي السابق عبد الباسط أخبر وسائل الإعلام المحلية بأن رسالة التهديد المزعومة كانت عبارةً عن تقييم دبلوماسي من السفير الباكستاني السابق لدى الولايات المتحدة أسد مجيد خان، وليست تهديداً من الحكومة الأمريكية.
كما هدّد خان، النواب بغضب الجماهير في حال صوّتوا ضده. وقد تعرض نائب حزب الحركة القومية المتحدة قنوار نافيد جميل، للتحرش بواسطة أنصار خان، الذين وصفوه بالخائن داخل مطار إسلام آباد الدولي يوم الأربعاء، وذلك عقب انفصال حزبه عن ائتلاف رئيس الوزراء.
بينما قال السيناتور مصطفى نواز خوخار، من حزب الشعب الباكستاني المعارض وثالث أكبر أحزاب البرلمان، إنّ الساسة الشعبويين حول العالم قد زادوا استقطاب المجتمعات بما يكفي، وإنّ خان ليس باستثناءٍ لهذه القاعدة، مردفاً: "صوّر خان، زعماء المعارضة وأحزابهم لسنوات على أنهم فاسدون وخونة، كما وصفهم بأعداء الشعب".
عمران خان يفقد الأغلبية البرلمانية
في الأسابيع الأخيرة انشق أكثر من 20 نائباً عن خان؛ مما سيجعله عاجزاً عن بلوغ الحد الأدنى من المقاعد الذي يوفر له أغلبية بسيطة في البرلمان وهو 172 مقعداً.
إلا أن محللين سياسيين توقعوا أن يستغل أنصاره عطلة نهاية الأسبوع لاستعادة تأييد بعض المنشقين، متوقعين أن قادة الجيش، الذين ساعدوا خان في الصعود إلى السلطة، يشعرون الآن بالإحباط إزاء أسلوب قيادته للبلاد. وينفي خان أنه تلقى دعماً من الجيش.
تأتي تلك التطورات المتسارعة في وقت تعاني فيه باكستان أزمة اقتصادية متكررة، وتعوّل حكومة خان على صندوق النقد الدولي لإصدار الشريحة التالية من حزمة إنقاذٍ قيمتها ستة مليارات دولار، لدعم احتياطيات العملات الأجنبية المتناقصة.
يشار إلى أن المعارضة تلقي باللوم على خان في سوء إدارة الاقتصاد والسياسة الخارجية، وهو ما ينفيه رئيس الوزراء.
وينص دستور باكستان على أنه "في حالة تمرير قرار حجب الثقة عن رئيس الوزراء بأغلبية أعضاء مجلس النواب، يتوقف رئيس الوزراء عن تولي منصبه".