قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، مساء الثلاثاء 29 مارس/آذار 2022، تعليقاً على إعلان روسيا أنها ستخفِّض من هجماتها على مدينتين أوكرانيتين بعد محادثات إسطنبول: "دعونا نرَ فقط ما لديهم لتقديمه، ومراقبة ما يجري عن كثبٍ".
حيث ذكر بايدن، للصحفيين في البيت الأبيض، إلى جانب رئيس الوزراء السنغافوري: "سنرى. لن أقرأ أي شيء فيه (الإعلان الروسي) حتى أرى ما هي أفعالهم. سنرى ما إذا كانوا يتابعون ما يقترحونه".
فرض العقوبات المشددة
بايدن أضاف أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيواصلون فرض العقوبات المشددة التي فرضوها على روسيا رداً على حربها في أوكرانيا، وسيواصلون تقديم المساعدات العسكرية لتعزيز قوة الجيش الأوكراني.
في وقت سابق من يوم الثلاثاء، شهدت مدينة إسطنبول التركية، جلسات اليوم الأول من المباحثات بين الوفدين الروسي والأوكراني، في قصر دولمة بهتشة الرئاسي.
عقب تلك الجلسات، قالت روسيا إنها ستقلص بشكل كبير أنشطتها العسكرية في كييف وتشيرنيهيف الأوكرانيتين لتعزيز "الثقة وإنجاح المفاوضات".
من جهته، قال نائب وزير الدفاع الروسي إن موسكو "ستقلص بشكل جذري" هجماتها العسكرية على المدينتين لتهيئة "الظروف لإجراء مزيد من المحادثات وتحقيق الهدف النهائي المتمثل في الموافقة على معاهدة سلام وتوقيعها".
إلا أن هذا الإعلان لا يرقى إلى مستوى وقف إطلاق النار الإنساني على مستوى البلاد الذي دعا إليه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الإثنين 28 مارس/آذار.
بدوره، أكد مستشار المكتب الرئاسي الأوكراني ميخائيل بودولياك، أن نتائج اليوم الأول من مفاوضات إسطنبول كافية لعقد لقاء بين زعيمي البلدين، منوهاً إلى أن المناورات المتعلقة بنقل الوحدات العسكرية ستنتهي وفقاً للصيغة التي اقترحها الوفد الأوكراني فيما يتعلق بوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية وفتح الممرات.
واشنطن وحلفاؤها تتوعد روسيا
في السياق، أعلن البيت الأبيض، الثلاثاء، أن قادة الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة أجروا فيما بينهم اتصالاً هاتفياً تعهدوا فيه بفرض تكاليف إضافية على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا.
حيث ذكر البيت الأبيض، في بيان، أن الرئيس بايدن أجرى مكالمة هاتفية مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني، أولاف شولتز، ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، ورئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون.
البيان أوضح أن الزعماء "أكدوا عزمهم مواصلة رفع التكاليف على روسيا بسبب هجماتها الوحشية في أوكرانيا، وكذلك على مواصلة تزويد أوكرانيا بمساعدات أمنية للدفاع عن نفسها ضد هذا الاعتداء غير المبرر".
كذلك أشار بيان البيت الأبيض إلى أن الزعماء الغربيين "استعرضوا جهودهم لتقديم المساعدات الإنسانية للملايين المتضررين من العنف، سواء داخل أوكرانيا أو طالبي اللجوء في بلدان أخرى، وأكدوا ضرورة وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في ماريوبول".
مساعدات جديدة لأوكرانيا
من جانبه، قال مصدر مطلع لوكالة رويترز، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة وحلفاءها يناقشون حزمة مساعدات إضافية محتملة لأوكرانيا قد تصل إجمالاً إلى 500 مليون دولار.
بينما امتنع مسؤول أمريكي عن تأكيد الرقم، لكنه قال إن الولايات المتحدة "تعمل بنشاط على دراسة أفضل السبل لمواصلة دعمنا للحكومة الأوكرانية من خلال المساعدات الأمنية والإنسانية والمالية".
حرب متواصلة
في غضون ذلك، دخلت الحرب الروسية-الأوكرانية شهرها الثاني؛ حيث تشتد رحاها يوماً بعد يوم، في ظل تمسّك طرفي النزاع بموقفيهما، وسط تزايد أعداد القتلى بين الجانبين.
كانت روسيا قد أطلقت، فجر الخميس 24 فبراير/شباط 2022، عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل غاضبة من عدة دول بالعالم، وهو الأمر الذي دفع عواصم ومنظمات إقليمية ودولية إلى فرض عقوبات مختلفة على موسكو، شملت قطاعات متعددة، منها الدبلوماسية والمالية والرياضية.
يعد هذا الهجوم الروسي هو الأكبر على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، ويُنذر بتغيير نظام ما بعد الحرب الباردة في أوروبا.
من جانبه، اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي موسكو بمحاولة تنصيب حكومة "دُمية" (تخضع لروسيا)، وتعهد بأن الأوكرانيين سيدافعون عن بلادهم ضد "العدوان".
شروط موسكو
في المقابل، تقول موسكو إن "العملية العسكرية تستهدف حماية أمنها القومي"، وحماية الأشخاص "الذين تعرضوا للإبادة الجماعية" من قِبل كييف، متهمةً ما سمتها "الدول الرائدة" في حلف شمال الأطلسي "الناتو" بدعم من وصفتهم بـ"النازيين الجدد في أوكرانيا".
يأتي ذلك في الوقت الذي تشترط فيه روسيا لإنهاء العملية، تخلي أوكرانيا عن أي خطط للانضمام إلى كيانات عسكرية، بينها حلف شمال الأطلسي "الناتو"، والتزام الحياد التام، وهو ما تعتبره كييف "تدخلاً في سيادتها".
في حين لقي الآلاف مصرعهم في الحرب التي أدت حتى الآن إلى نزوح أكثر من ربع سكان أوكرانيا البالغ عددهم 44 مليون نسمة، منهم نحو 3.8 مليون فروا إلى الخارج، نصفهم من الأطفال.
كانت العلاقات بين كييف وموسكو قد توترت منذ نحو 8 سنوات، على خلفية ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى أراضيها بطريقة غير قانونية، ودعمها الانفصاليين الموالين لها في "دونباس".