قال موقع Middle East Eye البريطاني، في تقرير نشره يوم السبت 26 مارس/آذار 2022، إن مصر كشفت عن خطة طموحة تتضمن إشراك تركيا من أجل إنقاذ قطاع السياحة المتعثر لديها، والذي وصل إلى الحضيض بسبب الحرب في أوكرانيا.
إذ إنه وقبل جائحة كوفيد-19، أسهمت السياحة بـ12% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ووفّرت وظيفة لشخصٍ من بين كل 10 أشخاص من القوة العاملة المصرية البالغة 29 مليون شخص.
ملايين السياح يزورون مصر
أما في عام 2019، فزار 13 مليون سائحٍ الأراضي المصرية، التي تعتمد اعتماداً كبيراً على السياحة. وصل هذا الرقم إلى النصف في عام 2021 بسبب الجائحة.
كذلك وفي السنوات التي شهدت ذروة نشاط قطاع السياحة في مصر، كان ثلث السياح الوافدين إلى مصر يأتون من روسيا وأوكرانيا. فقد استضافت منتجعات مدينتي شرم الشيخ والغردقة المطلتين على البحر الأحمر ملايين السياح من البلدين.
لكن الهجوم الروسي على أوكرانيا تسبب في إيقاف الرحلات الجوية بين البلدين وخنق عدداً من المنتجعات السياحية المصرية. في الوقت الراهن، لا يأتي أي سياح روس إلى مصر.
في حين تشعر الفنادق في شرم الشيخ والغردقة بغياب هؤلاء السياح. فبعد وقت قصير من الهجوم الروسي، صار نصف غرف المنتجعات شاغراً، ويتوقع السكان المحليون هناك تدهوراً في الموقف أكثر من ذلك.
تأثيرات سلبية للحرب الروسية على سياحة مصر
في حديثٍ مع موقع Middle East Eye، قال محمد أيوب، عضو غرفة المنشآت الفندقية، وهي غرفة مستقلة لمُلاك الفنادق المحليين: "الحرب كان لها تأثير قوي على إشغال [الفنادق] في المدينتين".
كما أضاف محمد أيوب: "هذا، بكل تأكيد، يُصعِّبُ على الفنادق الوفاء بالتزاماتها المالية، وضمنها دفع الرواتب للموظفين". وفي خضم الأزمة، يقول مخططو السياحة المصريون إنهم يعملون ليلاً ونهاراً من أجل إنقاذ القطاع.
استراتيجية مصرية تركية لتطوير السياحة
كذلك، قال الموقع البريطاني، إن الاستراتيجية الرئيسية للسلطات المصرية المسؤولة عن قطاع السياحة تتمثل في إعادة السياح الروس إلى مصر. ويقولون إن هذا يمكن إنجازه عن طريق مساعدة دولة ثالثة. ويعتقد هؤلاء أن تركيا، التي يعاني قطاعها السياحي أيضاً بسبب الحرب، يمكن أن تكون أفضل خيار.
حيث يمكن أن تتوصل مصر وتركيا إلى تحالف بين الخطوط الجوية الوطنية للبلدين من أجل تقديم باقات سياحية مشتركة مع بلدان أخرى في المنطقة، وذلك وفقاً لما اقترحه خبراء السياحة.
في حين يأمل المصريون أن يتمكنوا من إعادة السياح الروس إلى مصر عن طريق جعلهم يتخذون تركيا محطة توقف إليهم في أثناء رحلتهم إلى مصر.
فيمكن أن يسافر الركاب إلى تركيا ثم يذهبون إلى مصر، أو يمكنهم الحصول على باقة سياحية مشتركة لقضاء عطلة في البلدين. لكن العقوبات المفروضة على روسيا تعني أن الباقات السياحية المشتركة قد تكون غير ممكنة.
نقل السياح لمصر عبر تركيا
من جانبها قالت غادة شلبي، نائبة وزير السياحة، إن من ضمن الخيارات المطروحة للوصول للسائحين الروس نقلهم لمصر عبر دولة ثالثة، مثل تركيا إذا سمحت العقوبات بذلك.
سوف يكون هذا في حال حدوثه، أول تعاون سياحي بين القاهرة وأنقرة، فقد شهدت السنوات الأخيرة افتراقاً بين البلدين على الخطوط السياسية والجيوسياسية والأيديولوجية.
بيد أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين ظلت كما هي حتى خلال الصراعات السياسية، فضلاً عن أن السنوات القليلة الأخيرة شهدت تقارباً تدريجياً بينهما.
من جانبه أخبر مجدي سليم، الخبير السياحي ووكيل وزارة السياحة الأسبق، موقع Middle East Eye قائلاً: "البَلَدَان أمام فرصة جيدة للتعاون معاً، من أجل تجنب الآثار السلبية للحرب في أوكرانيا على قطاعيهما السياحي. أعتقد أن مصر تعمل على البدء في هذا التعاون خلال المرحلة القادمة".
فيما لم يقدم المسؤولون الأتراك أي تصريحات معلنة حول المخطط، الذي لا يزال في مراحل التخطيط. ولم يُبلغ عنه لوسائل الإعلام التركية.
عقوبات مفروضة على روسيا
لكن وبرغم الدعم القوي من الخبراء والمستثمرين في السياحة المحلية، تعترض العوائق طريق هذه الخطة. إذ إن العقوبات المفروضة على روسيا في أعقاب هجومها على أوكرانيا أدت إلى إعاقة الاقتصاد الروسي وإلى تدهور الروبل الروسي.
من جانبه قال علاء الغمري، عضو غرفة شركات السياحة السابق: "العقوبات تُجرد الروس من قدرتهم على السفر خارج البلاد". وأضاف أن رغبة مصر في جذب السياح الروس عبر دولة ثالثة لن تؤدي إلا إلى زيادة تكاليف السفر.
فيما يقول خبراء آخرون إن الحرب تعيق السياح الروس عن السفر خارج البلاد لسنوات عديدة قادمة. بحسب ما نشره موقع Middle East Eye من قبل، فإن الروس الذين يغادرون البلاد نحو الشرق الأوسط يفرون بوصفهم منفيين، لا بوصفهم سائحين.
في حين تؤثر الحرب كذلك على السياحة بشرق أوروبا كلها؛ نظراً إلى أن روسيا تغلق مجالها الجوي أمام شركات الطيران المنتمية إلى 36 دولة. ولذا فإن المنطقة الآن شبه مغلقة أمام مصر، سواء كانت وجهةً للمصريين أو مصدراً للسياح الوافدين إلى مصر.
من أجل هذا يشير خبراء السياحة إلى أن زيادة الاعتماد على دول أوروبا الغربية شيءٌ لا يمكن تجنبه.
معوقات أمام زيارة أوروبا
في سياق متصل، فسوف تصعّب الحرب بأوكرانيا على أثرياء العرب زيارة أوروبا في الصيف، لاسيما شرق القارة. ونتيجة لهذا، تطمح مصر، التي تعد وجهة رئيسية للسياح العرب، إلى جذب هؤلاء المسافرين الذين يسافرون عادةً إلى أوروبا.
من جانبها تقول وزارة السياحة والآثار في مصر إن نحو 20% من السياح الذين كانوا يزورون مصر قبل جائحة كوفيد-19، يأتون من الدول العربية.
كذلك، يقول الخبراء إن قرب المسافات بين مصر ودول الخليج، والظروف الأمنية المشددة في مصر، جنباً إلى جنب مع الأسعار الملائمة واللغة المشتركة، يمكن أن تسهم جميعها في جذب مزيد من السياح العرب إلى مصر.
فيما أخبر باسل السيسي، نائب رئيس غرفة شركات السياحة الأسبق وأحد مُلاك شركات السياحة الرئيسية، موقع Middle east Eye قائلاً: "السياح العرب هم آخر بصيص أمل على طريق إنقاذ قطاع السياحة".