يعقد البرلمان العراقي، السبت 26 مارس/آذار 2022، جلسةً من المقرر أن يَنتخب فيها رئيساً للجمهورية، في محاولة هي الثانية لاختيار رئيس جديد للبلاد، وتأتي وسط تأزم سياسي متواصل منذ أشهر، فضلاً عن وجود دعوات إلى المقاطعة تهدد بإفشال العملية.
تأتي هذه الجلسة بعدما شكَّل تحالف "التيار الصدري"، بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، والفائز الأكبر في الانتخابات، تحالفاً برلمانياً من 155 نائباً، مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، وائتلاف "السيادة السني"، وأطلقوا عليه اسم تحالف "إنقاذ الوطن".
يوجد أربعون مرشحاً لمنصب رئاسة الجمهورية، لكن المنافسة الفعلية تنحصر بين شخصيتين تمثلان أبرز حزبين كرديين: الرئيس الحالي منذ العام 2018 برهم صالح، مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وريبر أحمد، مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني، ويفترض أن يحصل المرشح على أصوات ثلثي النواب ليفوز.
يتوجب على رئيس الجمهورية أن يسمّي خلال 15 يوماً من انتخابه رئيساً للوزراء، وعادة ما يكون مرشح التحالف الأكبر تحت قبة البرلمان، ولدى تسميته تكون أمام رئيس الحكومة المكلّف مهلة شهر لتأليفها، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
يُشار إلى أنه منذ أول انتخابات متعددة شهدتها البلاد في 2005، ونظمت بعد الغزو الأمريكي الذي أدى إلى سقوط نظام صدام حسين في 2003، يعود منصب رئيس الجمهورية تقليدياً إلى الأكراد، بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء، والسنة مجلس النواب.
كذلك يتولى الاتحاد الوطني الكردستاني تقليدياً منصب رئاسة الجمهورية، مقابل تولي الحزب الديمقراطي الكردستاني رئاسة إقليم كردستان، بموجب اتفاق بين الطرفين.
كانت قد فشلت المحاولة الأولى لانتخاب رئيس للجمهورية، في 7 فبراير/شباط 2022، لعدم اكتمال نصاب الثلثين (أكثر من 220 نائباً من 329)، بسبب مقاطعة "الإطار التنسيقي" الذي يمثّل أحزاباً شيعية بارزة موالية لإيران، مثل كتلة "دولة القانون"، وتحالف "الفتح"، المظلّة التي تنضوي تحتها فصائل الحشد الشعبي المؤيدة لطهران.
توجد مخاوف من تكرار سيناريو الجلسة السابقة نفسه، مع استمرار الانقسام الشديد بين الأطراف الشيعية.
من جانبه، يؤكد الصدر حيازته غالبية كافية في البرلمان، للمضي في تشكيل "حكومة أغلبية وطنية"، وبذلك يضع الصدر خارج حساباته قوى وازنة على الساحة السياسية، خصوصاً الإطار التنسيقي، الذي يدعو إلى مقاطعة اختيار رئيس جديد للبلاد.
في هذا الصدد، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصادر برلمانية بالعراق -لم تذكر أسماءها- أن نحو 131 نائباً قد يقاطعون الجلسة، ما يعني عدم تحقق النصاب اللازم، وإرجاء جديد للانتخابات البرلمانية.
يهدّد ذلك بإطالة أمد الأزمة، وقد يؤدي الى حلّ البرلمان وانتخابات تشريعية جديدة، وفي حال انعقاد الجلسة يستبعد رئيس مركز التفكير السياسي والمحلل السياسي العراقي إحسان الشمري أن "تُحسم الانتخاب من الجولة الأولى".
الشمري أشار إلى احتمال عدم تحقيق "أي من المرشحين الأوفر حظاً غالبية الثلثين" اللازمة لانتخاب رئيس، ويعني ذلك احتمال التوجه إلى "جولة ثانية" للانتخابات الرئاسية، "لغرض حصول المرشح الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات على غالبية الثلثين".
يستبعد الشمري أيضاً أن يتمّ حال البرلمان في حال إخفاق الجلسة، ويعتبر أن هذا الطرح "مناورة سياسية تهدف إلى تحفيز النواب على حضور الجلسة من أجل تحقيق النصاب"، وفق تعبيره.
يُذكر أن سعي العراقيين لاختيار رئيس جديد يأتي في وقت تشهد فيه البلاد وضعاً اقتصادياً صعباً، ويحتجّ العراقيون منذ سنوات على النظام السياسي في البلاد، على خلفية تصاعد مؤشرات الفساد المالي والإداري، وتراجع الخدمات، وارتفاع معدلات البطالة والفقر.