نُشِر الإثنين 21 مارس/آذار 2022 مقطع فيديو لمكالمة هاتفية "خادعة" استُدرِج إليها وزير الدفاع البريطاني بن والاس من قِبل محتال ادّعى أنه رئيس الوزراء الأوكراني، وذلك عقب ساعات من إعلان داونينغ ستريت (مقر الحكومة البريطانية) اعتقاده أنَّ الجهات الحكومية الروسية مسؤولة عن هذه الخدعة.
وكان بن والاس ووزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل أعلنا الأسبوع الماضي عن تلقيهما اتصالاً "مخادعاً" لشخص ادعى أنه رئيس وزراء أوكرانيا وطرح أسئلة "مثيرة" على وزير الدفاع البريطاني؛ مما دفعه للشك بالأمر.
وفي مقطع الفيديو القصير، يرد والاس بشك وارتباك واضحين على أسئلة المتصل.
وكانت حكومة المملكة المتحدة قد حذّرت، في وقت سابق، من أنَّ المحتالين مرتبطون بالكرملين، ويمكن أن ينشروا مقطع فيديو مزيفاً للمكالمة مع وزير الدفاع.
وكتب والاس على تويتر: "لا بد أنَّ الوضع سيئ للغاية بالنسبة للكرملين، لدرجة أنهم يلجؤون الآن إلى المقالب وتزييف الفيديو. هذه ليست تصرفات حكومة واثقة، لكن مرة أخرى بعد قصة مشاهدة معالم كاتدرائية سالزبوري (واقعة اغتيال العميل المزدوج سيرغي سكريبال وابنته)، كل شيء ممكن…".
طموحات نووية
وأعلن المخادعان، فوفان ولكزس، مسؤوليتهما عن الفيديو. ويُشتبَه في صلتهما بأجهزة الأمن الروسية، لكنهما نفيا ذلك.
وتثير هذه الواقعة أسئلة جادة حول الإخفاقات الأمنية والدفاعية التي أدت إلى تمكين المخادعين من الوصول إلى أحد كبار الوزراء في المملكة المتحدة وحَملِه على التحدث عن وضع عسكري ودبلوماسي شديد الحساسية في أوكرانيا.
في مقطع الفيديو، يبدو أنَّ والاس سُئِل عمّا إذا كان سيدعم أهداف أوكرانيا النووية؛ فقد "زعمت روسيا زوراً أنَّ كييف لديها طموحات نووية.
وقال مصدر دفاعي: "إنه مقطع مزيف. ما لا تسمعه فيه هو أنَّ وزير الدفاع قال أيضاً إنَّ المملكة المتحدة لا يمكن أن يكون لها أية علاقة بالطموحات النووية الأوكرانية المزعومة؛ لأنَّ المملكة المتحدة ملتزمة بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية".
وقالت مصادر حكومية إنَّ الفيديو مُتلاعَب به، لكنها لم تنفِ مضمون ما قاله والاس على ما يبدو.
فوفان ولكزوس هما من المحترفين في إجراء مكالمات المقالب، واسماهما الحقيقيان ألكسي ستولياروف وفلاديمير كوزنتسوف. وقد استطاعا سابقاً الوصول إلى إلتون جون والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
والمتصل الذي هاتف والاس كان يتظاهر بأنه رئيس وزراء أوكرانيا، دينيس شميهال. واستُهدِفت أيضاً بريتي باتيل، وزيرة الداخلية، وكذلك نادين دوريس، وزيرة الثقافة.
روسيا "مسؤولة"
وفي أول بيان للتعليق عن المسؤول عن المكالمة، أعربت الحكومة البريطانية، يوم الإثنين 21 مارس/آذار، عن اعتقادها أنَّ جهات حكومية روسية مسؤولة عنها.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء: "الدولة الروسية كانت مسؤولة عن المكالمات الهاتفية الخادعة التي تلقاها وزراء بريطانيون الأسبوع الماضي".
وأضاف: "هذه ممارسة معتادة لعمليات الاستخبارات الروسية، والمعلومات المضللة هي تكتيك مباشر من دليل الكرملين لمحاولة صرف الانتباه عن أنشطته غير القانونية في أوكرانيا وانتهاكات حقوق الإنسان التي تُرتكب هناك".
وتابع: "نشهد سلسلة من قصص الإلهاء والأكاذيب الصريحة من الكرملين؛ مما يعكس يأس [فلاديمير] بوتين وهو يسعى لإخفاء حجم الصراع وإخفاقات روسيا في ساحة المعركة".
وفتحت السلطات البريطانية تحقيقاً في كيفية حدوث ذلك، وبدأت مراجعة مشتركة مع البرلمان لتشديد الإجراءات الأمنية.
"أسئلة مثيرة"
وكان وزير الدفاع البريطاني بن والاس أمر في 17 مارس/آذار الجاري بإجراء تحقيق فوري حول كيفية تمكن المخادع من الاتصال به.
وتوجهت الدفاع البريطانية للبحث حول "كيف تمكن المخادع" من الوصول للوزير البريطاني وإجراء اتصال معه، لكنها لم تتحدث حول ما دار بين والاس وذلك المتصل.
وقالت "بي بي سي" إنها علمت بأن المكالمة التي دارت مع والاس "كانت مكالمة فيديو"، شارك فيها "ممثل أمام العلم الأوكراني، وطرح مجموعة من الأسئلة الجامحة".
وفي تغريدة لها عبر تويتر، قالت وزيرة الداخلية البريطانية باتيل: "تعرضتُ لهذا الموقف أيضاً في وقت سابق من هذا الأسبوع. هذه محاولة مثيرة للشفقة في مثل هذه الأوقات الصعبة لأجل تقسيمنا. نحن نقف إلى جانب أوكرانيا"، حسب "بي بي سي".
يأتي ذلك في ظل هجمات إلكترونية وحرب إعلامية متبادلة بين روسيا وأوكرانيا، ما دفع البعض للتحذير من أن هذه العمليات قد تعني مزيداً من التصعيد على جبهة الصراع بين الطرفين.