كشف تقرير لوكالة "يونهاب" الكورية الجنوبية عن تصاعد حدة النزاعات بين السكان المحليين والمسلمين في كوريا الجنوبية حول بناء المساجد، وقالت في تقرير نشرته الأحد 20 مارس/آذار 2022، إن ظاهرة الإسلاموفوبيا في كوريا الجنوبية تنتشر بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
حسب وكالة "يونهاب" الرسمية الناطقة بالعربية، فإنه في 17 مارس/آذار، عقدت بعض الجماعات المدنية، بما فيها جمعية عمل سيادة الشعب، مؤتمراً صحفياً في بلدة يون تشون شمال سيئول، انتقدت خلال منح تراخيص لبناء "مصلى للمسلمين".
معارضة بناء المساجد ودور العبادة
إذ قالت الجماعات المدنية: "نعارض بناء مُصلَّى للمسلمين في موقع استراتيجي قريب من خط الحدود العسكرية، ويجب إلغاء تراخيص وتصاريح بنائه لحماية جودة الحياة التي يتمتع بها السكان المحليون في البلدة، والحفاظ على السلامة الوطنية والهوية المحلية".
كما جادلت الجماعات المدنية بأنه عندما وردت أنباء في العام الماضي عن بناء مصلى المسلمين في كوريا الجنوبية بمساحة إجمالية تبلغ حوالي 23140 متراً مربعاً ببلدة يون تشون، شعر السكان المحليون بالقلق بشأن تدهور الوضع في المنطقة التجارية المحلية والأمن العام بالمنطقة.
حسب الوكالة الكورية الجنوبية، فإن هذه ليست المرة الأولى التي تقع فيها النزاعات بين السكان المحليين والمسلمين في كوريا الجنوبية حول بناء المنشآت الإسلامية.
في وقت سابق، عندما وردت أنباء عن بناء مسجد من طابقين بمساحة إجمالية تبلغ 24514 متراً مربعاً في منطقة سكنية بالقرب من البوابة الغربية لجامعة كيونغ بوك الوطنية في مدينة دايغو جنوب سيئول، نظمت لجنة مناهضة بناء المسجد، مظاهرات للاعتراض على بناء المسجد، بحجة أن السكان المحليين قلقون بشأن الإزعاج الناتج عن الضوضاء في المسجد.
في هذا الصدد، قال أستاذ علم الأنثروبولوجيا الثقافية في جامعة هانيانغ "لي هي-سو": "مع ازدياد عدد رجال الأعمال والطلاب الوافدين من الشرق الأوسط والأسر متعددة الثقافات، يزداد عدد الأماكن المخصصة للعبادة التي يستخدمونها أيضاً"، وأضاف: "وهذه نتيجة طبيعية للتبادلات النشطة بين كوريا الجنوبية والدول الإسلامية".
إجحاف بحق المسلمين في كوريا الجنوبية
وفقاً للتقرير الذي أصدرته الرابطة الكورية لدراسات الشرق الأوسط حول الوضع الراهن للتوزيع الجغرافي للمساجد واستخدامها في كوريا الجنوبية، فإنه تم بناء ما لا يقل عن 150 مسجداً حتى الآن، بما في ذلك المصليات الصغيرة، في جميع أنحاء البلاد منذ عام 1976 عندما بُني مسجد سيئول المركزي في حي إيتايون بسيئول. وتقدر الرابطة أن هناك حوالي 200 ألف من المسلمين في كوريا الجنوبية حالياً.
فيما يشير الخبراء إلى أن ظاهرة الإسلاموفوبيا ناتجة في الغالب عن الجهل، مؤكدين أنه يجب اتخاذ تدابير لحل سوء التفاهم.
إذ قال الأستاذ "لي": "هناك إجحاف بأن المسلمين خطرون، ومع ذلك فإن اللاجئين اليمنيين المقيمين في جزيرة جيجو، الذين عانوا من جدل مماثل قبل أربع سنوات، يعيشون بشكل جيد الآن دون أي مشاكل".
كما شدد على أنه يجب على الحكومة أو الحكومات المحلية أن تتدخل لحل هذه التحيزات. وأشار إلى أنه من المبالغة القول إن معظم المساجد تقع في مناطق سكنية وتتسبب في الإزعاج للسكان المحليين.
وفقاً لنتائج المسح الذي أجرته الرابطة الكورية لدراسات الشرق الأوسط على 55 مسجداً رئيسياً في البلاد، فإن 65.6%، أو 36 مسجداً منها، تقع في مناطق تجارية فقيرة أو مناطق إعادة تطوير أو في مناطق الضواحي.
كما تبين أنه لا توجد مناطق سكنية تقريباً بالقرب من المنطقة التي سيتم فيها بناء المصلى للمسلمين الذي أثار النزاع مؤخراً في بلدة يون تشون.
يقول البعض إنه حتى الآن، من الضروري بدء إجراء أبحاث التعداد ذات صلة لفهم الوضع بدقة.
قال الباحث في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة هانكوك للدراسات الأجنبية: "لا تستطيع الحكومات المحلية فهم الوضع الفعلي المتعلق بالمسلمين لأن دين الإسلام غير مدرج ضمن الفئات الدينية للإحصاء السكاني، ولن نتمكن من القضاء على ظاهرة الإسلاموفوبيا إلا عندما نبدأ بجمع الإحصاءات الدقيقة، مثل التوزيع الإقليمي والفئة العمرية من المسلمين في كوريا الجنوبية".