قالت صحيفة The guardian البريطانية، الجمعة 18 مارس/آذار 2022، إن جيش نظام بشار الأسد في سوريا أطلق حملة تجنيد للمشاركة مع روسيا في المعارك التي تخوضها في أوكرانيا، متحدثة عن وصول أول دفعة من المقاتلين المُجندين إلى روسيا.
أشارت الصحيفة إلى أن المجندين ليسوا خريجي معسكرات تدريب، وقالت إنهم "طليعة ما قد يكون أكبر قوة مرتزقة نظامية في العالم"، ولفتت إلى أن المقاتلين السوريين الذين سيجندهم النظام ربما ينتشرون لتعزيز الخطوط الأمامية الروسية المتعثرة بأوكرانيا في ظرف أيام.
لفتت إلى أن تجنيد النظام للمقاتلين دعماً لموسكو، يأتي ضمن نية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، "انتزاع ثمن باهظ لإنقاذ موسكو للأسد"، إذ لعبت روسيا دوراً كبيراً في حمايته من السقوط، عندما قررت التدخل في سوريا عسكرياً بشكل مباشر في العام 2015.
كانت روسيا قد استخدمت أسلحتها الثقيلة وسلاحها الجوي المتقدم لضرب فصائل المعارضة التي سيطرت على مساحات واسعة من البلاد، قبل أن تفقد معظمها بسبب التدخل الروسي.
الصحيفة البريطانية نقلت عن مسؤولين في الاستخبارات الأوروبية، زعمهم أن أول الجنود السوريين الذين سينضمون إلى صفوف بوتين- هم قوة طليعيةٌ قوامها 150 جندياً- وصلوا إلى روسيا يوم الخميس 17 مارس/آذار 2022.
كذلك، نقلت الصحيفة عن المخابرات العسكرية الأوكرانية، قولها إن "40 ألف سوري تقدموا للانضمام إلى القتال، وهو رقم قد يمثل جزءاً كبيراً من قدرة الاستعداد القتالي لجيش البلاد بأكمله".
الغالبية العظمى من هؤلاء المقاتلين مجندون حديثاً، وبحسب The Guardian "سيتقاضون رواتب شهرية تتراوح قيمتها بين 600 دولار و3000 دولار عوضاً عن راتب الـ15 دولاراً الذي يتقاضونه من عملهم داخل البلاد".
أضافت الصحيفة أن الرتبة والخبرة في الحرب الدائرة منذ عقد في سوريا تجتذبان رواتب أعلى، وأوضحت أن الرواتب العالية المُقدمة تغري المجندين الذين لا يجدون أمامهم طرقاً كثيرة للخروج من الفقر المدقع الذي يعيشونه.
أبدى سوريون استعدادهم للتقدم للانضمام إلى الحرب بأوكرانيا، في 14 مركز تجنيد على الأقل على مستوى البلاد، في حلب ودمشق ودير الزور وحمص وحماة، وكذلك الرقة، التي كانت قبل أقل من خمس سنوات، في مركز الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
في غرب سوريا، تزعم بعض أرفع وحدات النظام أنها قدمت الآلاف من صفوفها للانضمام إلى الحرب بأوكرانيا، أبرزها الفرقة الخامسة المدربة على يد موسكو، والفرقة الرابعة التي يقودها شقيق الأسد ماهر، وقوات النمر.
نقلت الصحيفة عن مقاتل كردي ينتمي إلى قوات "سوريا الديمقراطية" بشمال شرقي سوريا، قوله: "نرى العشرات يتقدمون إلى قاعدة النظام في الرقة. والروس طلبوا من الجماعات الكردية الانضمام إليهم أيضاً، لكنني لا أعرف أحداً منهم فعل حتى الآن".
أيضاً أشارت الصحيفة إلى أن مركز تجنيد تابعاً للنظام في مدينة حمص يشهد إقبالاً كبيراً، ونقلت عن أحد الجنود ويحمل رتبة رقيب، قوله: "اضطررت إلى الانتظار ثلاث ساعات"، وتحدث عن أنه ليس متردداً في السفر إلى أوكرانيا.
أضاف المقاتل: "الروس ساعدونا كثيراً وحان دورنا لنساعدهم". ولدى سؤاله عن الأجر الذي سيتقاضاه، أجاب: "خمسة وعشرون ضعف ما أتقاضاه الآن".
مقاتل آخر موالٍ للنظام، قاتل أربعة أشهر في إحدى الميليشيات جنوب سوريا العام الماضي، قال إنه عُرض عليه 600 دولار، تعويضات وفاة كي يسافر إلى أوكرانيا، وأضاف: "هذا يفوق ما قد أكسبه في سوريا يوماً. أعلم أن هذا يضع ثمناً لحياتي، ولكن هذا ما تساويه الحياة هذه الأيام. ولو مت هناك، فعائلتي ستعيش على الأقل".
حملة التجنيد هذه قد تُحوّل جيش الأسد المتهالك إلى أكبر قوة مرتزقة بأوكرانيا، بحسب قول الصحيفة البريطانية، التي أضافت: "يبدو أن الأسد، الآمن نسبياً في قصره بفضل الدعم الروسي، وردّاً لدَين بوتين لو أراد البقاء كذلك، أعطى موسكو تفويضاً مطلقاً لنقل جنوده إلى أوكرانيا".
من جانبهم، قال مسؤولون أوكرانيون إن "قوة المرتزقة ستسافر من قاعدة حميميم في رحلات نقل عسكرية يومية. وستنضم الميليشيات التي قاتلت إلى جانب الأسد، إلى حملة التجنيد أيضاً، حيث انضم إليها فلسطينيون وقوات من الدفاع الوطني وحزب البعث وحتى بعض أعضاء الميليشيات الشيعية التي قاتلت في سوريا تحت رعاية إيران".
يُذكر أنه في 24 فبراير/شباط 2022، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة، وفرض عقوبات اقتصادية ومالية "مشددة" على موسكو.
تشترط روسيا لإنهاء العملية تخلي أوكرانيا عن أي خطط للانضمام إلى كيانات عسكرية، بينها حلف شمال الأطلسي "الناتو"، والتزام الحياد التام، وهو ما تعتبره كييف "تدخلاً في سيادتها".
تسببت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حتى اليوم السبت 19 مارس/آذار 2022، بمغادرة ما لا يقل عن 3.2 مليون أوكراني البلاد، واتجه نحو ثلثيهم إلى بولندا.