كشفت مصادر مطلعة أن السعودية دعت الرئيس الصيني شي جين بينغ لزيارة الرياض، في الوقت الذي تتطلع فيه المملكة إلى تقوية العلاقات مع بكين وسط توتر علاقاتها مع واشنطن.
ووفقاً للمصادر المطلعة، نقلت عنها صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، يُتوقع أن تتم هذه الزيارة بعد شهر رمضان، الذي سيبدأ هذا العام في أوائل أبريل/نيسان، في ما قد يكون أول رحلة خارجية للرئيس شي منذ بدأت جائحة كوفيد-19.
وقال واحد من هذه المصادر إن الرياض تخطط لاستقبال الرئيس الصيني بحفاوة مماثلة للتي استقبلت بها الرئيس دونالد ترامب عام 2017 حين زار المملكة في أول رحلة له إلى الخارج، فيما قال مسؤول سعودي: "ولي العهد وشي صديقان حميمان وكلاهما يدرك الفرصة الكبيرة لتقوية العلاقات، وأنها لا تقتصر على "يشترون منا النفط ونشتري منهم الأسلحة"".
فيما لم ترد وزارة الخارجية السعودية ولا السفارة الصينية في الرياض على طلبات للتعليق على الفور.
تأتي هذه الزيارة وسط تحول جيوسياسي في الشرق الأوسط، حيث ترغب الولايات المتحدة في تركيز المزيد من اهتمامها ومواردها على آسيا، فيما تعمل الصين وروسيا على توسيع نفوذهما في المنطقة. ووسط الشكوك المحيطة باستمرار سلطة واشنطن، خاصة بعد الانسحاب الأمريكي المتعجل من أفغانستان، يسعى العديد من شركائها في المنطقة إلى إقامة علاقات أمنية واقتصادية جديدة.
توترات سعودية مع واشنطن
هذا وسلطت الحرب في أوكرانيا مزيداً من الضوء على التغييرات التي تشهدها التحالفات التقليدية في الشرق الأوسط. فقد رفضت السعودية الطلب الأمريكي بضخ مزيد من النفط للحد من ارتفاع أسعاره، وتجاهلت الإمارات بدورها الضغوط الأمريكية وامتنعت عن دعم قرار لمجلس الأمن يدين الهجوم الروسي.
ويُشار إلى أن السعودية أقامت علاقات قوية مع الرئيس ترامب، الذي وقف إلى جانب المملكة في صراعها مع قطر، وانسحب من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 الذي عارضته الرياض ودعم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بعد مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين عام 2018.
لكن قرار ترامب عدم الرد على الهجوم الذي نفذته إيران على مواقع نفط سعودية رئيسية عام 2019 بصواريخ وطائرات مسيرة أثار قلق شركاء أمريكا في الخليج الذين اعتمدوا لعقود على الوعد بالحماية الأمنية الأمريكية. وكانت إيران قد نفت ضلوعها في هجمات المنشآت النفطية.
والصين أكبر مستورد للنفط في العالم وأكبر شريك تجاري للسعودية، التي هي أكبر مُصدِّر للنفط في العالم على أن بكين تجمعها أيضاً علاقات ودية مع إيران خصم السعودية اللدود، وقد تحاول الرياض الإفادة منها إذا وافقت طهران على إحياء اتفاق نووي مع الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى.
وتقف زيارة شي على الطرف النقيض لعلاقة الأمير محمد بن سلمان بالرئيس بايدن، الذي يتجنب الزعيم الفعلي للسعودية بعد أن تعهد خلال حملة عام 2020 بمعاملة المملكة كدولة "منبوذة"، وذكرت صحيفة The Wall Street Journal الأسبوع الماضي أن الأمير رفض التحدث مع بايدن مؤخراً في إطار المساعي الأمريكية لحشد دعم دولي لأوكرانيا واحتواء ارتفاع أسعار النفط.
كما كانت المرة الأخيرة التي التقى شي خلالها بالأمير محمد بن سلمان عام 2019 حين زار بكين لتوقيع اتفاقيات الطاقة والتجارة خلال الموجة الأولى من الانتقادات الغربية لمقتل خاشقجي، الذي انتقل إلى الولايات المتحدة وبدأ في مهاجمة ولي العهد.
وهذه الزيارة ستكون أولى زيارات شي للسعودية منذ عام 2016، وأول رحلة خارجية له منذ بدء الجائحة؛ ففي الوقت الذي بدأ فيه عدد من رؤساء الدول الأخرى الخروج من عزلتهم الوقائية، قصر الرئيس الصيني تفاعله مع نظرائه الأجانب على اتصالات الفيديو والهاتف.
كما حرص الأمير محمد بن سلمان بدوره على عدم الابتعاد كثيراً عن وطنه؛ حيث اكتفى بزيارة عدد قليل من دول الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين. وكان من المتوقع أن يحضر افتتاح أولمبياد بكين الشهر الماضي، لكنه لم يفعل، ولم يزر ولي العهد الولايات المتحدة منذ مقتل خاشقجي على يد رجال مقربين منه، وتضرُّر علاقاته مع أمريكا.
وقال مسؤولون سعوديون إن السعوديين أعربوا عن رغبتهم في كسب المزيد من الدعم الأمريكي لهم في حرب اليمن، ومساعدتهم في برنامجهم النووي المدني في ظل تقدم إيران، ومنح الأمير محمد بن سلمان حصانة قانونية في الولايات المتحدة، والذي رُفعت عليه عدة دعاوى قضائية في الولايات المتحدة، إحداها بخصوص مقتل خاشقجي.