دعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خطط السماح لمتطوعين بالقتال في أوكرانيا؛ حيث أرسل آلاف الجنود الروس في إطار ما وصفها بـ"عملية عسكرية خاصة".
وقال بوتين لوزير الدفاع، سيرغي شويغو، خلال اجتماع متلفز لمجلس الأمن الروسي: "إذا رأيتم أن هناك أشخاصاً يرغبون طوعاً (بدعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا)، عليكم إذا مساعدتهم على الانتقال إلى مناطق القتال".
وكان الرئيس الروسي قد أكد أن الهجوم على أوكرانيا ينفذه "عسكريون محترفون" لتحقيق "الأهداف المحددة"؛ حيث قال في الثامن من مارس/آذار الجاري: "أؤكد أن المجندين لا يشاركون في الأعمال القتالية ولن يشاركوا فيها. ولن تكون هناك تعبئة إضافية لجنود الاحتياط".
وتتناقض تأكيدات بوتين مع تصريحات مسؤولين أمريكيين قالوا لصحيفة وول ستريت جورنال إن تقييماً أمريكياً خلص إلى أن روسيا، المتواجدة عسكرياً في سوريا منذ عام 2015، جندت مؤخراً مقاتلين سوريين، على أمل أن تساعد خبراتهم في القتال في المناطق الحضرية في السيطرة على العاصمة كييف و"توجيه ضربة مدمرة للحكومة الأوكرانية".
رد جميل أم مقابل المال؟
تحت عنوان "رد الجميل لروسيا" بدأ وسطاء سوريون مقربون من النظام السوري والقاعدة الروسية في منطقة حميميم بريف اللاذقية غربي البلاد، بالترويج وتشجيع الشبان السوريين للسفر إلى روسيا ومشاركة قواتها في الحرب ضد أوكرانيا، ترافق ذلك مع احتفالات وفعاليات شعبية ووقفات تضامنية في مناطق متفرقة من سوريا، يشارك فيها قادة وزعماء ميليشيات محلية ورجال دين (مسيحيون)، دعماً لروسيا في حربها ضد أوكرانيا.
بينما في الطرف الآخر (مناطق المعارضة)، بدت رغبة واسعة في صفوف مقاتلي المعارضة بالسفر إلى أوكرانيا ومشاركة قواتها بصد الهجمة الروسية التي اعتبروها عدواناً مشتركاً، يسعى إلى تدمير أوكرانيا كما دمر سوريا، وهجر سكانها وقتل الآلاف منهم، فيما لم يصدر أي قرار رسمي من أي جهة رسمية في مؤسسات المعارضة السورية يهدف إلى الترويج وتشجيع مقاتلي المعارضة بالسفر إلى أوكرانيا والقتال ضد الروس.
أول دفعة من السوريين تصل روسيا
قالت مصادر خاصة لـ"عربي بوست" إنه "غادرت مجموعة من المرتزقة السوريين في مناطق النظام، مرتبطة بميليشيا (فاغنر الروسية) إلى روسيا، الأسبوع الماضي، جواً، من قاعدة (حميميم) الجوية الروسية، في اللاذقية، وعدد عناصرها، نحو 35 عنصراً، لمشاركة القوات الروسية في الحرب الدائرة ضد أوكرانيا".
وتضيف المصادر أنه "سبق أن شاركت المجموعة، ميليشيا (فاغتر) في العمليات العسكرية في ليبيا لصالح روسيا قبل نحو عام ونصف، ولديها خبرة في قتال الشوارع، فضلاً عن أنه أوكلت لها مهمة حراسة القواعد العسكرية الروسية في (حميميم وطرطوس) غربي سوريا، ومعظم أفرادها من مناطق الساحل السوري (العلويين)، وشاركت في عدد كبير من العمليات العسكرية خلال السنوات الأولى من الحرب السورية، تحت اسم (قوات الصحراء)، وبعد التدخل الروسي، حظيت المجموعة برغبة الروس بالتعامل معها، ومنح عناصرها رواتب شهرية تقدر بحوالي 400 دولار شهرياً، وامتيازات خاصة".
حملات ترويج وتشجيع الشبان السوريين في مناطق النظام للقتال مع روسيا
تشهد مناطق مختلفة من سوريا (حلب – درعا – حمص – حماة وريفها – مناطق الساحل السوري – ريف الرقة – ريف إدلب الشرقي – ريف دمشق)، خلال الآونة، نشاطاً واسعاً، تمثلت بوقفات تضامنية وإحتفالات يقودها شخصيات سورية (عسكرية ومدنية)، مرتبطة بروسيا، وحملات تشجيع الشبان السوريين للتسجيل والقتال في أوكرانيا إلى جانب القوات الروسية كـ (رد جميل و وفاء لروسيا)، ولاقت الحملات إقبالاً كبيراً من قِبَل السوريين على التسجيل لدى مكاتب جرى إنشاؤها مؤخراً لذات الغرض، مقابل مغريات مادية ومعنوية للراغبين بالسفر والقتال في أوكرانيا لصالح روسيا، بحسب مصادر موثوقة.
وأضافت المصادر أنه "يجري كل من سيمون الوكيل ونابل العبد الله (قادة ميليشيات الدفاع الوطني) وقائد قوات الغيث التابعة للفرقة 25 بقيادة العميد سهيل الحسن، اجتماعات مكثفة مع عناصرهم، لإقناعهم بالسفر والقتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا، مقابل رواتب مالية شهرية (1500 دولار شهرياً)، في الوقت الذي أكدت فيه المصادر أنه أجرى قبل أيام قائد ميليشيا (الدفاع الوطني) نابل العبد الله في ريف حماة اجتماعاً خاصة مع قادة روس في قاعدة (حميميم العسكرية الروسية) بريف اللاذقية وحصل على موافقة بتسجيل قوائم للسوريين راغبين بالقتال مع القوات الروسية في أوكرانيا، وتقديمها للجهة المسؤولة عن عملية التجنيد في القاعدة للموافقة على نقلهم إلى روسيا، بعد إخضاعهم لدورة تدريبية مدتها 15 يوماً".
من جهته، قال ناشط في مدينة حلب إنه "بدأ المدعو خالد الحومد (قيادي لميليشيا مساندة للنظام) في مدينة حلب، بتسجيل قوائم لشبان سوريين، ترافقت عملية التسجيل مع حملات ترويج وتشجيع الشبان للقتال في أوكرانيا لصالح روسيا، مقابل مغريات مادية ومعنوية تمثلت بمنح المنتسبين إعفاء من الخدمة العسكرية في قوات النظام، ورواتب شهرية قدرها 1500 دولار، ولاقى إقبالاً كبيراً من قِبَل الشبان بالانتساب والتسجيل للقتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا"، لافتاً إلى أنه "وصل عدد الذين سجلوا ضمن القوائم نحو 2200 شاب من مدينة حلب وريفها حتى الآن".
بينما في ريف إدلب الشرقي يقود أحد أعضاء (مجلس الشعب التابع للنظام السوري)، أحمد الدرويش حملة واسعة، تهدف إلى إقناع الشبان بالانضمام والتسجيل للقتال مع القوات الروسية في أوكرانيا، بحسب شخص مقرب.
ويضيف أنه "عقد (الدرويش) سلسلة اجتماعات مع شخصيات شعبية ذات نفوذ، وطلب منهم تشجيع الشبان للقتال، مقابل رواتب شهرية وإعفاء من الملاحقات القانونية للمطلوبين للقضاء، وإعفاء المنتسبين من الخدمة العسكرية في صفوف قوات النظام، الأمر الذي دفع بأكثر من 1800 شاب سوري حتى الآن للتسجيل والموافقة على القتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا".
وفي حديث خاص لـ"عربي بوست"، قال محمد.ع، من مدينة دوما بريف دمشق، إنه "جرى خلال الأيام الأخيرة الماضية الإعلان عن فتح باب الانتساب أمام الشبان في ريف دمشق، للقتال في أوكرانيا مع القوات الروسية، ويشرف على عملية التسجيل، شخصيات أمنية وأخرى مقربة من القوات الروسية العاملة في دمشق، وذلك بعقود شهرية قدرها 1500 دولار أمريكي".
وأوضح قائلاً: "إن حملة التشجيع والترويج لحث الشبان على التسجيل للقتال في أوكرانيا، لاقت محل شك، وكان الإقبال على التسجيل قليلاً جداً وبأعداد محدودة"، لافتاً إلى أن السبب بذلك يعود لعدم ثقة السوريين بالوعود الروسية والعملاء المرتبطين بالروس، بعد تجربة سابقة أقدم فيها الشباب بريف دمشق بالسفر إلى ليبيا قبل نحو عام ونصف، ومشاركتهم بالقتال هناك، بموجب عقود شهرية قدرها 1500 دولار أمريكي، إلا أن ذلك لم يحصل ولم يتمكن حتى الآن أكثر من 120 شاباً من الحصول على رواتبهم، وبعضهم تعرض لإصابات في ليبيا، ولم يحظَ حتى بفرصة العلاج المجاني في مشافي النظام العسكرية".
من جهته، قال حقوقي في محافظة حمص، فضل عدم الكشف عن اسمه، إن "روسيا تستغل الفقر والجوع والتدهور الاقتصادي والمعيشي الذي تشهده مناطق سيطرة النظام السوري، وتحاول من خلال ذلك إقناع وزج أكبر عدد من الشباب السوري في المعارك الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، بموجب عقود، تحمل امتيازات مادية ومعنوية، إلا أن ذلك غير قانوني ويهدد حياة الآلاف من الشبان السوريين بالموت في الحرب الروسية- الأوكرانية".
ويضيف أنه "وبحسب المعلومات التي حصل عليها، فإنه وصل عدد المنتسبين والمسجلين في القوائم للحرب في أوكرانيا لصالح روسيا، 12 ألف شاب سوري، من مختلف المناطق السورية الخاضعة لسيطرة النظام، بينهم عناصر من ميليشيات ساندت قوات النظام السوري، في عدة معارك خلال السنوات الماضية، ولديها خبرة في القتال، وخصوصاً قتال الشوارع، بينما آخرون لا يملكون أي خبرة قتالية، وجرى الحديث عن إخضاعهم لدورات عسكرية مدتها 15 يوماً في معسكرات يشرف عليها ضباط روس، ولكن هذا لا يكفي لتأهيل عناصر للدخول في معركة بين دولة وأخرى، وخاصة أن السوريين ليس لديهم خبرة أو معرفة في طبيعة أوكرانيا ومدنها".
في الطرف الآخر (مناطق المعارضة) لا مكاتب ولا حملات ترويج
نفى العميد أحمد حمادة، مستشار في الجيش الوطني السوري، أنه ليس لدى فصائل المعارضة السورية ومنها الجيش الوطني السوري أية نية في الانخراط بالحرب إلى جانب أوكرانيا، ولفت إلى أنه "انتشرت مؤخراً شائعات مفادها أن فصائل (الجيش الوطني السوري) المدعوم تركياً بدأت بعملية تسجيل مقاتلين للسفر إلى أوكرانيا والقتال ضد روسيا هناك وهذا غير صحيح بتاتاً"، وأن "النظام هو وراء تلك الشائعات للنيل من سمعة الجيش الوطني السوري وتشويه صورته وأهدافه الحقيقية التي تتمثل بالدفاع عن السوريين فقط".
من جهته، قال الناشط عمر حاج محمد في شمال غربي سوريا، إن "هناك رغبة من قِبل البعض بين السوريين قتال العدو الروسي في أوكرانيا، بهدف (الانتقام)، كون أن العدو مشترك في الحرب ضد الشعبين الأوكراني والسوري، ويراقب السوريون الحرب الروسية- الأوكرانية بشغف، أمام مشاهد تدمير الأرتال العسكرية الروسية ودباباتها وطائراتها التي نالت من السوريين على مدار سنوات".
"سهيل أبو التاو".. خذوني إلى أوكرانيا لقتال الروس
وأبدى رامي الصواريخ المضادة للدروع من طراز (التاو)، المشهور باسم "سهيل أبو التاو"، في شمال غربي سوريا، حماسه للقتال ضد القوات الروسية في أوكرانيا.
وقال في تغريدة له كتبها باللغة الإنجليزية بالعربية "كيف يمكنني الذهاب إلى أوكرانيا والقتال إلى جانب الجيش الأوكراني.. هل هناك طريقة أنا مستعد؟".
وقال في لقاءات على محطات إخبارية إنه "تمتلكه رغبة كبيرة في القتال بأوكرانيا ضد القوات الروسية، وتدمير دباباتها وطائراتها التي نكلت بالسوريين وقتلت الآلاف من الأطفال ودمرت المدن السورية".