مصلحة المملكة “فوق كل اعتبار”.. لهذه الأسباب رفض المغرب المشاركة في التصويت ضد روسيا

عربي بوست
تم النشر: 2022/03/03 الساعة 14:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/14 الساعة 09:50 بتوقيت غرينتش
الملك محمد السادس أثناء استقباله لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف (Getty image)

اختار المغرب الغياب عن جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي عُقدت أمس الأربعاء، 2 مارس/آذار 2022، لاتخاذ قرارات بشأن حرب روسيا على أوكرانيا.

الموقف المغربي أثار جدلاً، خاصة بعد أن أصدرت وزارة الخارجية بلاغاً حاولت فيه شرح موقف الرباط من جلسة التصويت، لم يكن كافياً لإقناع الباحثين عن تفسير مقنع لعدم مشاركة المغرب في التصويت على القرار الأممي.

مصادر "عربي بوست" قالت إن المغرب يُراهن على حماية مصالحه بشكل أساسي، دون أن يخسر علاقاته مع روسيا ولا مع أوكرانيا، كما أنه لا يمكنه المغامرة بقضية الصحراء المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو، ويُصوت على إدانة روسيا، هذه الأخيرة التي تتمتع بحق الفيتو في الأمم المتحدة.

وأضافت المصادر ذاتها أن الموقف المغربي من حرب روسيا على أوكرانيا كان متوقعاً، إما التصويت بنعم، أو الامتناع عن التصويت، أو التصويت بالرفض، لكنه في النهاية اختار عدم المشاركة في التصويت.

مصلحة المغرب أولاً

مصادر مغربية كشفت لـ"عربي بوست" أن "ما قامت به الرباط في الجمعية العامة للأمم المتحدة ليس تراجعاً، ولكنه إشارة لضرورة مراعاة مصالح المغرب، خاصة ملف الصحراء".

وأضافت المصادر نفسها في حديثها مع "عربي بوست"، أن "الموقف المغربي واضح من التطورات الجارية بأوروبا الشرقية، وهو التزام الحياد والحفاظ على وحدة جميع الدول العضوة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ولم يتغير فيه شيء".

وسجلت أن الرباط تدبر علاقاتها مع العالم انطلاقاً من مبادئ ثابتة، قائمة على احترام مبادئ القانون الدولي، وعلى ميثاق الأمم المتحدة، والتي من بينها عدم المساس بالوحدة الترابية لجميع البلدان العضوة في المنظمة الدولية.

وتابعت أن للمغرب مبادئ وثوابت، من بينها رفض استعمال القوة لفض الخلافات بين جميع البلدان، وهذا ما سبق للمغرب أن صرح به تجاه كثير من الملفات والخلافات بين البلدان التي عليها الجلوس إلى طاولة الحوار لحل الخلاف.

وأشارت إلى أن المغرب لطالما دعا الدول الكبرى في الأمم المتحدة إلى دعم جهود الرباط في حماية وحدته الترابية، ومراعاة مصالحه السياسية والاقتصادية في المنطقة.

وسجلت المصادر أن المغرب يعتبر أزمة أوكرانيا فرصة لتذكير العالم بقضية الصحراء، فالمغرب يريد من الدول، خاصةً الكبرى، مراعاة مصالحه ودعمه في حماية وحدته الترابية.

ومعلوم أن موسكو توالي الموقف الجزائري المعادي للوحدة الترابية للمغرب، كما أن الولايات المتحدة تدعم مشروع الحكم الذاتي كما طرحه المغرب، لكن حدث تطور كبير تمثل في قرار الرئيس الأمريكي السابق الاعتراف بمغربية الصحراء، وهو الموقف الذي تسجل الرباط تباطؤاً فيه من قبل إدارة الرئيس بايدن في المضي في استحقاقاته.

وكانت إدارة ترامب قد تعهدت بفتح قنصلية لأمريكا في مدينة الداخلة، كما تعهدت باستثمار ملايين الدولارات في المنطقة، لكن وصول بايدن للحكم خلفاً له، وتضارب تصريحات إدارته، جعل الشكوك تسيطر على الموقف الأمريكي من مغربية الصحراء. 

الملك محمد السادس أثناء استقباله لوزير الخارجية الروسي
الملك محمد السادس أثناء استقباله لوزير الخارجية الروسي

في قراءته للموقف المغربي، قال أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة فاس، إسماعيل حمودي، إنه يمكن التمييز في الموقف المغربي بين مستويين؛ الأول مبدئي، والثاني سياسي.

وقال المتحدث في تصريحه لـ"عربي بوست" إنه على المستوى المبدئي ينطلق الموقف المغربي من مبادئ القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، وهي التي عبر عنها في بلاغ 26 فبراير/شباط الماضي، والمتجلية في الوحدة الترابية، والفض السلمي للنزاعات، والدعوة لاستئناف الحوار.

وأضاف حمودي، أما على المستوى الثاني أو الموقف السياسي، فقرار المغرب في الجمعية العامة كان عدم المشاركة في التصويت على القرار الأممي، وليس الامتناع عن التصويت، أو رفض التصويت.

وشدد على أن اختيار عدم المشاركة في التصويت حكمته مصلحة المغرب، وعلى رأسها قضية الصحراء، وأيضاً بعض المصالح الاقتصادية والاستراتيجية تربطه بأوكرانيا وروسيا معاً.

وزاد حمودي "لكن الموقف السياسي المغربي ليس موقفاً نهائياً ومحسوماً، وقد يخضع للتعديل تبعاً لتطورات الوضع في أوكرانيا، وتطور مواقف القوى الإقليمية والدولية".

تبرير حرب روسيا على أوكرانيا

اختارت الرباط لنفسها موقفاً رابعاً في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، فبدلاً من التصويت لصالح القرار أو ضده، أو الامتناع عن التصويت، قررت الرباط "عدم المشاركة" في التصويت.

هذا الموقف اعتبرته مصادر "عربي بوست" بمثابة دعوة إلى الانتباه إلى ضرورة مراعاة المصالح المغربية في ملف الوحدة الترابية، وإنهاء قضية الصحراء. 

وزارة الخارجية من جهتها، ولحساسية موقف الرباط، أصدرت بياناً مفصلاً تشرح فيه قرارها "عدم المشاركة في التصويت"، وسارعت وزارة الخارجية المغربية إلى إصدار بلاغ تشرح فيه موقف المملكة المغربية من "الوضع" بين الدولتين.

الرباط اختارت عبارة "الوضع" بين فيدرالية روسيا وأوكرانيا، عوض أن تسميه بأي اسم آخر، وهو تقدير اعتبرته مصادر "عربي بوست" ناجماً عن رغبة الرباط في طيّ الخلاف بين الجانبين، في ظل الحفاظ على الوحدة الترابية لأوكرانيا، دون التورط في خلاف مجاني مع روسيا.

وتسود قناعة لدى المراقبين بأن الرباط تريد الاستفادة من التطورات الأخيرة للحرب الروسية على أوكرانيا، من أجل دفع الدول الكبرى إلى زيادة دعم الرباط في الحفاظ على الوحدة الترابية للمغرب.

“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟

بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى. 

نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”

تحميل المزيد