قالت صحيفة The Guardian البريطانية، في تقرير لها نُشر الثلاثاء 1 مارس/آذار 2022، إن القلق يتصاعد بين جيران دولة أوكرانيا؛ حيث يخشون من أن تقدم روسيا على غزو بلادهم في المرة المقبلة.
حيث تحدثت الصحيفة البريطانية إلى أشخاصٍ يعيشون في دول قريبة من أوكرانيا حول تطورات الوضع الراهن، وما يشعرون به حيال سلامتهم الشخصية، ما قد يعنيه الأمر بالنسبة لهم.
من جهتها، قالت كوترينا (45 عاماً)، من ليتوانيا وتعمل في بروكسل: "انفجرت في البكاء حين بدأ الهجوم في صباح الخميس 24 فبراير/شباط، ثم اتصلت بعائلتي في ليتوانيا".
كوترينا أضافت: "لدينا بعض الأقارب في أوكرانيا، ونحن جاهزون لاستضافتهم سواء في ليتوانيا أو بروكسل، حيث أعيش حالياً. لكنني خائفةٌ على حياتهم وقلبي يؤلمني".
فيما استطردت قائلة: "أخشى أن تغزو روسيا ليتوانيا أيضاً. وحينها لن يحرك أحدٌ ساكناً لأننا دولةٌ صغيرة للغاية. وأدعو الله ألا ينتشر الأمر، لأن استقلال الدول مهم".
"إمدادات الغاز والنفط"
بدوره، ذكر إيغور دودكيويتش (23 عاماً)، وهو طالب قانون من مدينة بوزنان في بولندا، أن "المزاج العام في بولندا جيد- إذ لا يشعر أحدٌ بالخوف، لأنني أعتقد أنه من المستبعد تماماً أن تحاول روسيا الهجوم على دولةٍ عضو في حلف الناتو. لكنني أشعر بالغضب والإحباط بسبب ما يحدث".
بينما أردف: "لا نعتقد أن بوتين سيهاجم بلادنا، لكننا نخشى أن يقطع إمدادات الغاز والنفط. والتأثير الاقتصادي هو الذي يُثير قلق الناس، ولهذا بدأ البعض في محاولة تخزين المؤن".
"الهدف التالي"
أما ميكاييلا (23 عاماً)، طالبة من سلوفاكيا وتعيش في لندن فقالت: "شعرت بالقلق الشديد حين سمعت بأمر الهجوم. إذ تمتلك أوكرانيا ثقافةً مشابهةً لسلوفاكيا، ولهذا يساورك القلق من أن ما حدث هناك سوف يتكرر هنا، وهل ستكون بلادك هي الهدف المقبل؟".
كما أشارت إلى أنهم أجروا استطلاع آراءٍ مؤخراً وتبيّن أن نحو 40% من السلوفاكيين يشعرون أن الولايات المتحدة وحلف الناتو هما المسؤولان عن ارتفاع التوترات في أوكرانيا.
تعقيباً على ذلك، تابعت ميكاييلا: "أنا قلقةٌ لوجود الكثيرين ممن قد يرون أن النزاع شرعي واندلع بسبب الناتو وليس روسيا. وهذا أمرٌ هو أبعد ما يكون عن الحقيقة، لكنني لا أعرف كيف أواجه هذا الرأي".
خطط بديلة
في غضون ذلك، لفتت إلزا (18 عاماً)، وهي طالبة من مدينة أوغره في لاتفيا، إلى أنهم جميعاً يشعرون بتوترٍ كبير، لدرجة أنها لم تذهب إلى الجامعة بسبب صعوبة التعامل مع الموقف.
وتابعت: "كنا نخشى في السابق الحديث عن آرائنا لأننا نخشى التعرض للهجوم، لكننا أدركنا أن النظام الروسي ليس قوياً كما يبدو. كما أن لاتفيا من الدول الأعضاء في حلف الناتو، ولهذا سيحمينا الحلف في حال حدوث أي شيء".
فيما استطردت قائلة: "لم نحزم أمتعة الطوارئ بعد، لكننا وضعنا بالفعل خططاً للمكان الذي سنذهب إليه داخل لاتفيا في حال تعرضنا للهجوم- وهو مكان يحتوي احتياطيات من الماء والغذاء، ولا يقع بالقرب من أي قواعد عسكرية"، مضيفة: "أدركنا منذ عام 2008، حين غزت روسيا جورجيا، أننا سنظل تحت التهديد طالما أن بوتين لا يزال على رأس السلطة في روسيا".
هجمات محتملة
من جانبها، قالت توي-آن (37 عاماً)، والتي تعمل كمصممة إنتاج من مدينة تالين في إستونيا: "شعر الغالبية في دول البلطيق بالإحباط الشديد خلال اليومين الماضيين. وهناك إحساسٌ شديدٌ بالألم الذي يعتصرنا لأن الشيء الذي كنا نخشى حدوثه قد حدث الآن".
"توي-آن" أضافت: "ربما حاول الغالبية الحفاظ على التفاؤل وعدم التخطيط لاندلاع حرب، لكننا بدأنا بالفعل في نقاش المكان الذي سنتجه إليه كعائلةٍ في حال اضطررنا للرحيل"، مردفة: "لا يوجد ما يربطنا بروسيا سوى الحدود. ونحن نشعر بالسعادة والأمل في إستونيا لكوننا دولةً عضواً في حلف الناتو. لكننا لا نزال غير واثقين في ما إذا كانوا سيساعدوننا فعلياً في حال حدوث أي شيء".
كانت إسبانيا قد أعلنت مؤخراً أنها سترسل مزيداً من القوات إلى الدول المجاورة لأوكرانيا بهدف منع هجوم روسي محتمل على دول أخرى.
نوبة هلع
كذلك لفتت أورسولا درابينسكا (36 عاماً)، والتي تعمل كمحررة ومدققة لغوية من مدينة ولومين في بولندا، إلى أنهم يشعرون ببعض التوتر جميعاً. "لم أُصب بنوبة هلع، لكنني لا أشعر بالأمان وأفكر أحياناً في الكيفية التي يمكنني بها الاستعداد مع زوجي للحرب هنا في بولندا".
بينما تتذكر يوم الغزو الروسي بالقول: "كانت هناك طوابير طويلة أمام ماكينات الصراف الآلي في بلدتي. وقد سادت حالة ترقُّبٍ في الأجواء منذ فترة، ولهذا بدأنا في جمع بعض الطعام، مثل الأرز والحبوب والماء. بالإضافة إلى المال والوقود. أنا فقط أفكر في السيناريوهات المحتملة تحسباً لأي طارئ".
كذلك أضافت: "أعتقد أننا سنبقى هنا في حال حدوث أي شيء، لأن عائلتي تعيش هنا ولأن لدينا الطعام والمأوى هنا. ولست متأكدةً من أي شيءٍ الآن حين أفكر في المستقبل".
"الالتحاق بالجيش"
الأمر ذاته لم يختلف بالنسبة للطالب ميهاي (22 عاماً)، وهو من دولة رومانيا، إذ قال: "لدي جزءٌ أوكراني في عائلتي لأن جدي كان من أوكرانيا. وقد نشأت في رومانيا لكنني متعاطفٌ للغاية مع الأوكرانيين. وما يفعله بوتين هو أمرٌ لا يُغتفر".
لكن ردود أفعال الاتحاد الأوروبي على تصرفات بوتين تبدو صادمةً للغاية، وفقاً لـ"ميهاي" الذي استطرد قائلاً: "أشعر أن بوتين سيحصل على مراده ثم سيضغط أكثر، لأن أحداً لم يُحاول إيقافه. وأخشى أنه لن يتوقف عند حدود أوكرانيا".
فيما نوه إلى أنه شعر بغضبٍ شديد حين سمع بأمر الهجوم، وقال: "أنا مستعدٌّ للالتحاق بالجيش إذا احتاجتني بلادي".
يشار إلى أن روسيا أطلقت، فجر الخميس 24 فبراير/شباط 2022، عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل غاضبة من عدة دول في العالم، وهو الأمر الذي دفع عواصم ومنظمات إقليمية ودولية إلى فرض عقوبات مختلفة على موسكو شملت قطاعات متعددة، منها الدبلوماسية والمالية والرياضية.
يعد هذا الهجوم الروسي هو الأكبر على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، وينذر بتغيير نظام ما بعد الحرب الباردة في أوروبا.